دعا الناقد والمنتج السينمائي محمد بجاوي إلى إنشاء صندوق إفريقي يمول الدولة التي تريد أن تنظم الطبعة القادمة للمهرجان الثقافي الإفريقي حتى تستمر هذه التظاهرة في الوجود عبر انتقالها بين الدول الإفريقية المختلفة. وأضاف بجاوي في الندوة الصحفية التي أعقبت العرض الأولي لفيلم ''الجزائر تعود'' والذي خصص للصحافة بابن زيدون وحضره مخرجا الفيلم سالم براهيمي وشرقي خروبي، أن المهرجان الثقافي الإفريقي يعد حدثا كبيرا احتضنته الجزائر مرتين (1969و2009) مستطردا أنه آن الأوان لأن ينظم بلد إفريقي آخر هذه التظاهرة الكبيرة. وأكد المنتج المفوض من طرف وزارة الثقافة لهذا الفيلم، أن مخرجي، ''الجزائر تعود'' اختارا بكل حرية ساعة ونصفا من ضمن 200 ساعة تصوير لمشاهد المهرجان، مضيفا أنه طلب منهما أن لا يكون الفيلم الذي مزج بين الوثائقي والروائي، مجرد وصف للأحداث بل من الضروري أن يحمل في طياته سيناريو محكما يحكي قصة هذا المهرجان. وتوقف المتحدث مطولا عند الجانب التقني للعمل، فقال أنه تم استعمال أجود التقنيات لصنع الفيلم الذي ستتم برمجته في قاعات السينما الجزائرية ابتداء من شهر سبتمبر القادم وكذا في دول أخرى مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية وبالضبط في الجامعات، علاوة على مشاركته الرسمية في مهرجان لاغوس (نيجيريا)، وفي تظاهرات فنية أخرى. من جهته تحدث أحد مخرجي الفيلم، سالم براهيمي، عن حيثيات إنجاز هذا الفيلم رفقة المخرج شرقي خروبي، فقال أنه تم إعداد ثلاث كتابات للفيلم، الأولى على الورق والثانية في التصوير والثالثة في التركيب، مضيفا أنه نتج عن ذلك، سيناريو قسم إلى ثلاثة أجزاء وهي الطبعة الأولى للمهرجان الثقافي الإفريقي ومحطات النضال الجزائري والإفريفي في تلك الحقبة ثم الاستعمار الجديد الذي طغت عليه العوامل الاقتصادية أما المحطة الثانية فتمثلت في دور إفريقيا في تطوير ذاتها، حيث تم طرح الكثير من الأسئلة حول واقع ومستقبل القارة، أما المحطة الثالثة فاقتصرت على الجزائر التي ليس من الصدفة أن تحتضن مثل هذا الحدث الهام. بالمقابل تم أمس عرض فيلم ''الجزائر تعود'' على الصحافة قبل أن يتم عرضه الرسمي في نفس اليوم بحضور الفنان الأمريكي داني غلوفر، وبدأ الفيلم الذي تدور أحداثه في 93 دقيقة بالعودة الى الطبعة الأولى للمهرجان الثقافي الإفريقي من خلال مشهد عن المخرج وليام كلاين الذي قام آنذاك بإخراج فيلم عن التظاهرة. ليتم الانتقال الى الطبعة الثانية للمهرجان الثقافي الإفريقي من خلال حفل الافتتاح الشعبي الذي احتضنته الشوارع العاصمية وبعدها تم التطرق إلى مختلف النشاطات الثقافية التي نظمت في هذا السياق، مثل معارض الفنون التشكيلية، مختلف الملتقيات الفنية والأدبية وكذا الرقصات الشعبية التي لم تتوقف طيلة فعاليات المهرجان. كما تناول مشاهد من حفل الافتتاح الرسمي وبعض الحفلات التي رقص على إيقاعها، أبناء البلد المنظم، بالإضافة إلى مشاهد عن إقامة الفنانين ومظاهر احتكاكهم وكذا مشاهد احتكاك الجزائريين بالأفارقة في رقصات جميلة. واستعان المخرجان بشهادات الكثير من الفاعلين الثقافيين الإفريقيين، الذين تحدثوا عن إفريقيا المناضلة والتي رفضت الاستعمار وعلى رأسها الجزائر وعبرت عن مقاومتها بالفنون والثقافة أيضا فقال الأستاذ مانيتا دياوارا أنه ''في سنة ,1969 كانت كل الفنون الإفريقية تعبر عن هويتها بالفنون، ولكن كيف هو واقع إفريقيا اليوم؟ هل استطاعت أن تخرج من تخلفها بعد أن أخرجت الاستعمار الفرنسي من أراضيها؟ أم أنها ما تزال تابعة لجلادها الذي وجد طرقا آخرى لاستعبادها؟''. وإجابة لهذه التساؤلات، تساءل بدوره الكاتب سامي تشاك عن حاجة إفريقيا لأسياد جدد فقال ''حقيقة أنا محتار في رغبة إفريقيا لأسياد جدد، كنت أعتقد أنه بعد انتهاء الحرب الباردة، ستسعى إفريقيا إلى أخذ قدرها بين أيديها وتسير إلى الأمام ولكنها لم تفعل ذلك، لا لم تفعل!''. ودائما مع سامي الذي قال أيضا أن الشعوب التي لا تعرف كيف تستخرج قوتها من الثقافة لن تدرك بالطبع أهمية أن تكون بينها حدود مشتركة، وقال كذلك إن الأنفة ضرورية للخروج من المأزق الذي تعيشه القارة إلا أن هذه الأخيرة تحمل أنفة مجروحة. أما الكاتبة اميناتا تراوري، فقد عبرت بدورها عن قلقها الشديد اتجاه الاستعمار الجديد لإفريقيا الذي يرتدي حلة اقتصادية فقالت:''القارة الإفريقية منقسمة ومسروقة، وبالمقابل أوروبا تغلق على نفسها وتفتح الحدود بين دولها''، بالمقابل عاد بنا الفنان الأمريكي داني غلوفر إلى مدينة القصبة فقال: ''إن إفريقيا تحمل مدنا مثابرة وثورية رفضت الاستعمار وقاومت ونضالت من أجل الحرية مثل القصبة الجزائرية. واختتم الفيلم بشهادات لشخصيات جزائرية مثل الفنان لطفي عطار من فرقة راينا راي الذي أكد على ثقافة الجزائر المتنوعة والتي تمثل فسيفساء حقيقية، وكذا وزيرة الثقافة خليدة تومي التي باركت خروج الجزائريين من قوقعتهم الليلية واسترجاعهم بذلك لليل كان في السابق ملكا للإرهاب.