أثارت المستندات السرية التي تم تسريبها عبر موقع إلكتروني أمريكي حول خبايا الحرب في أفغانستان زوبعة كبيرة في عدد من العواصم العالمية على خلفية فضح ممارسات القوات الدولية في هذا البلد المتوتر.وفضح الصحفي الأسترالي جوليان اسونج صاحب الموقع الإلكتروني القوات الدولية من خلال وثائق سرية تحدثت عن اقتراف القوات الدولية في أفغانستان لجرائم حرب يجب تقديم المسؤولين عنها أمام القضاء الدولي لمحاكمتهم. ونشر الموقع الإلكتروني الأمريكي ''ويكيليكس'' 92 ألف وثيقة سرية كشفت عن عمليات سرية قامت بها القوات الأمريكية في هذا البلد وراح ضحيتها مدنيون أفغان كما كشفت عن تعاون بين المخابرات الباكستانية وحركة طالبان. وضمت المستندات التي نشرها الموقع الالكتروني حالات عمليات قتل للمدنيين الأفغان تم طمسها بالإضافة إلى وجود قوة أمريكية خاصة مهمتها مطاردة قادة طالبان لقتلهم أو أسرهم دون محاكمة بالإضافة إلى وثائق تشير إلى قيام باكستان بدعم التمرد في هذا البلد المتوتر. وذكرت يومية ''نيويورك تايمز'' أن الوثائق تغطي فترة إدارتين أمريكيتين وتوضح بالتفصيل سبب ازدياد قوة طالبان أكثر من أي وقت مضى منذ عام .2001 واعترفت الصحيفة بأن الوثائق تمثل ''سجلا غير كامل عن الحرب كما أنها لا تغطي أحداث هذا العام مع بدء الاستراتيجية الجديدة لمحاربة التمرد''. ولكنها ذكرت بأنها تعطي ''صورة محبطة'' للشرطة والجنود الأفغان وأن التقارير سردت روايات عن وحشية الشرطة وفساد كبير وابتزاز وخطف وانضمام بعض عناصر الشرطة الأفغانية إلى صفوف حركة طالبان. كما تتهم التقارير بعض ضباط الشرطة بالتعاون مع المتمردين ومهربي الأسلحة وقطاع الطرق. وأشارت ''نيويورك تايمز'' إلى سماح باكستان لجهاز مخابراتها بالتعاون مع طالبان ومقابلة عناصر منها سرا ''لتنظيم شبكات الجماعات المسلحة التي تحارب الجنود الأمريكيين في أفغانستان''. وتحدثت عن كيفية التستر على عمليات قتل المدنيين الأفغان ''وأن الكثير من الحالات لا يعلن عنها في حينها''. واعتبرت الصحيفة أن هذه الوثائق تكشف وبوضوح الأسباب التي دفعت بالولاياتالمتحدة إلى إنفاق قرابة 300 مليار دولار في هذه الحرب التي أصبحت فيها حركة طالبان أكثر قوة. أما صحيفة غارديان البريطانية فقد ركزت على مقتل المدنيين وقالت إن هذه الوثائق تحدثت عن مقتل ما لا يقل عن 195 مدنيا أفغانيا غالبيتهم العظمى لقوا مصرعهم جراء تهور الجنود الأجانب الذين يفتحون النار على مراكز المراقبة الأمنية أو على المدنيين الفارين من نيران هذه القوات. كما ركزت على وحدات القوات الخاصة التي تتكون من عناصر النخبة من الجيش والبحرية تتعقب قادة طالبان من أجل ''قتلهم أو اعتقالهم'' دون محاكمة. وقالت إن الولاياتالمتحدة تخفي أدلة عن حصول طالبان على صواريخ أرض جو. والمفارقة أن نشر هذه الوثائق جاء في نفس اليوم الذي كشفت فيه السلطات الأفغانية عن مقتل قرابة 50 مدنيا في ظروف غامضة بمحافظة هلمند الجنوبية معقل حركة طالبان إثر تعرضهم لهجوم صاروخي مما يؤكد أن طائرة بدون طيار أمريكية تكون قد نفذت الهجوم. وحتى وإن لم توجه السلطات الأفغانية أصابع الاتهام مباشرة إلى قوات التحالف إلا أن كل المؤشرات تشير إلى أن العملية من فعلها وليس من فعل حركة طالبان التي تستهدف عادة القوات الأفغانية والدولية وليس المدنيين. وأثار نشر هذه الوثائق غضب الإدارة الأمريكية مما دفع بمستشار الأمن القومي جيمس جونز إلى وصف نشر كل هذه المستندات الحساسة بأنها عملية غير مسؤولة معتبرا أن ذلك يمكن أن يعرض حياة أشخاص للخطر ويهدد الأمن القومي. وأضاف إن موقع ''ويكيليكس'' لم يبذل ''أي جهد'' للاتصال بالإدارة الأمريكية بشأن هذه الوثائق مؤكدا في الوقت نفسه ''التزام مواصلة العمل والتعاون مع أفغانستانوباكستان لهزيمة العدو المشترك''. والموقف نفسه عبرت عنه باكستان التي أعربت عن سخطها لنشر هذه التقارير ووصف سفيرها لدى واشنطن الأمر بأنه تصرف غير مسؤول وأن التقارير ليست سوى تعليقات وشائعات من مصدر واحد تنتشر في جانبي الحدود الباكستانية الأفغانية وغالبا ما يثبت أنها غير صحيحة. ولكن الرئاسة الأفغانية قالت أنها لم تتفاجأ لمضمون تلك التقارير السرية ولكنها تفاجأت للكم الهائل من المستندات التي سربها الموقع الالكتروني الأمريكي. وقال وحيد عمر المتحدث باسم الرئاسة الأفغانية ''لقد صدمنا للكم الهائل من الوثائق المسربة ولكن مضمونها في حد ذاته لم يفاجئنا''. وأضاف أن ردة فعل بلاده ستكون بعد قراءة مضامين كل المستندات خاصة فيما يتعلق بمسألة قتل المدنيين عبر غارات القوات الدولية التي تدعي دائما أنها تستهدف من خلالها المسلحين ليتضح فيما بعد أن ضحيتها هم من المدنيين العزل.