بدأ العد العكسي لانسحاب القوات الأمريكية المقاتلة من العراق نهاية الشهر الجاري كما سبق وتعهد بذلك الرئيس الأمريكي باراك أوباما ووفقا لمضمون الاتفاقية الأمنية الموقعة في هذا الشأن بين بغداد وواشنطن في عهد إدارة الرئيس السابق جورج بوش. وأكد الرئيس الأمريكي باراك أوباما في خطاب ألقاه أمس خلال مؤتمر وطني لقدامى المقاتلين المعوقين في اتلانتا أنه لن يكون هناك أي تأجيل في سحب القوات المقاتلة الأمريكية من العراق وسيتم احترام الجدول المقرر لعملية الانسحاب. وقال الرئيس الأمريكي ''عندما كنت مرشحا للرئاسيات تعهدت بأن أضع نهاية للحرب في العراق بطريقة مسؤولة وبعد تولي منصب الرئاسة بقليل أعلنت عن إستراتيجيتنا الجديدة في العراق والتي تتضمن الانتقال إلى مسؤولية عراقية كاملة''. وتعد هذه التصريحات بمثابة رسالة واضحة باتجاه العراقيين لتحمل مسؤولياتهم الأمنية ولكن بخلفية سياسية كون تصريحات الرئيس أوباما جاءت في وقت عجزت فيه الطبقة السياسية العراقية على التوصل إلى أرضية توافقية تنهي حالة الفراغ الحكومي التي تعصف بهذا البلد المتوتر أمنيا منذ قرابة نصف عام.كما تكشف عن مدى تذمر الإدارة الأمريكية التي دخلت منذ مدة على خط المصالحة العراقية العراقية لحمل الفرقاء العراقيين على تجاوز خلافاتهم والخروج من وضعية عنق الزجاجة التي بلغها المشهد السياسي العراقي مباشرة بعد نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت شهر مارس الماضي. وهي رسالة يبدو أن الائتلاف الوطني العراقي الذي يضم أكبر الأحزاب الشيعية قد فهمها بعدما أطاح بمرشحه لرئاسة الوزراء نوري المالكي وطالب في قرار مفاجئ من شريكه في التحالف الوطني ''ائتلاف دولة القانون'' بتسمية مرشح جديد غير المالكي لقيادة الحكومة الجديدة. ويتأكد من خلال هذه التطورات أن نوري المالكي الذي رفضته عديد الأحزاب السياسية كان يشكل عقبة رئيسية أمام المساعي المبذولة من أجل إنهاء حالة الفراغ الحكومي والتوصل إلى تعيين رئيس وزراء جديد يحظى بموافقة الجميع ويتولى تشكيل حكومة وحدة وطنية كما يأمل في ذلك كافة العراقيين. ولا تريد الولاياتالمتحدة الخروج من العراق وتركه يتخبط في أزمات سياسية وأمنية وهي التي كانت بررت حربها على هذا البلد بجعله نموذجا للديمقراطية في المنطقة غير أن هذا الهدف يبدو بعيد المنال إن لم يكن مستحيلا في ظل تضارب مصالح مختلف أطراف المعادلة السياسية العراقية. وأكثر من ذلك فإن الوضع الأمني في العراق لا يزال متأزما ولا تزال التفجيرات والعمليات الانتحارية من أبرز ميزاته اليومية إلى درجة أن السلطات العراقية أعلنت أن شهر جويلية الماضي يعد الشهر الأكثر دموية منذ عام 2008 بعد مقتل ما لا يقل عن 535 شخصا وهو أمر عارضته القيادة الأمريكية في العراق واعتبرت الرقم مبالغ فيه.