أحيا اليابانيون أمس الذكرى الخامسة والستين لإلقاء الولاياتالمتحدة لأول قنبلة ذرية على مدينة هيروشيما وكان ذلك بمثابة المنعرج الحاسم في صيرورة الحرب العالمية الثانية وإشارة إلى وضع أوزارها بعد خمس سنوات من الاقتتال الدامي. واستعاد آلاف اليابانيين الذين كتبت لهم الحياة بعد تلك التجربة المروعة في سابقة أولى في تاريخ الحروب البشرية يجرب فيها سلاح فتاك إسمه ''النووي''، ذكرى تلك المأساة وآثارها الكارثية التي مازال ملايين اليابانيين يحملون أثارها من تشوهات وأمراض لا تزال قائمة إلى حد الآن. ووقف اليابانيون في حدود الساعة الثامنة والربع صباحا وهو توقيت انفجار تلك القنبلة على هيروشيما دقيقة صمت تذكارا لأرواح أكثر من مائتي ألف ضحية ممن قضى عليهم ذلك السلاح الفتاك. وإذا كانت الولاياتالمتحدة لم تقدم إعتذارا على فعلتها وضحاياها قبل أن تضيف تجربة ثانية يوم التاسع من أوت على مدينة ناغازاكي إلا أنها ارتأت أمس إيفاد جون روس سفيرها في طوكيو لحضور مراسيم إحياء هذه الذكرى في التفاتة هي الأولى من نوعها منذ بدأ اليابانيون يستعيدون الذكرى لاستنكارها والمطالبة بتخليص العالم وكل البشرية من كل أسلحة الدمار الشامل. وحتى وإن لم تشأ الولاياتالمتحدة الاعتذار فإن حضور سفيرها أمس يعد اعترافا ضمنيا بذنب لن يمحه التاريخ ولم تطو صفحته رغم مر السنين. وبالإضافة إلى السفير الأمريكي فقد حضر سفيرا بريطانيا وفرنسا اللتان شاركتا دول التحالف في هزم دول المحور التي تعد اليابان طرفا فيها، مراسيم هذه الاحتفالية الرمزية التي عادة ما يسخّرها اليابانيون وسكان هيروشيما تحديدا للقول للولايات المتحدة أننا لم ننس ولا يمكن أن ننسى. كما شارك الأمين العام الأممي بان كي مون هذه الوقفة التي أقيمت في حديقة السلام بالمدينة ليصبح أول أمين عام للأمم المتحدة يشارك في إحياء هذه الذكرى السنوية بعد زيارة إلى مدينة ناغازاكي التي كان سكانها بمثابة فئران تجارب لقنبلة ثانية أطلق عليها اسم الطفل الصغير ولكن آثارها كانت مدمرة وشكلت أهم عنصر في تحديد كل العلاقات الدولية لما بعد الحرب العالمية الثانية ضمن ما عرف بفترة سباق التسلح والحرب الباردة. وقال بان كي مون ''أشعر بالفخر لأنني أول أمين عام للأمم المتحدة يشارك في مراسم السلام التذكارية في الذكرى ال65 وأشعر بتأثر بالغ... أنني أتيت إلى هنا من أجل السلام العالمي''. وقال الوزير الأول الياباني ناتو كان في كلمة بجنب النصب التذكاري المخلد لأرواح أكثر من 210 آلاف ضحية لهذه التجربة الكارثية أن الجنس البشري لا يجب أن يكرر صور الرعب والمعاناة التي تسببت فيها الأسلحة النووية. وهو حلم مشروع إذا صدقت نوايا الدول الكبرى في تحقيق السلام ولكنه سيصطدم دون شك برغبة ملحة من هذه الدول لبسط سيطرتها على العالم بفضل هذه الأسلحة التي يتم تطويرها يوميا في سباق غير معلن في مجال التسلح بمختلف أشكاله. أما السفير الأمريكي جون روس فقد أكد في كلمته أنه من مصلحة الأجيال القادمة ''العمل جماعيا بهدف إقامة عالم خال من كل أسلحة نووية'' رغبة يشاطره فيها الجميع ولكنها في الحقيقة مجرد أمل لا تعكسه رغبة بلاده للبقاء كقوة أولى مهيمنة في العالم.