تعودت العائلات العاصمية بكل فئاتها التنقل إلى غابة بوشاوي كلما سمحت لها الفرصة للاستمتاع بانتعاش الجو وسط الأشجار الشامخة، خاصة بعد تجهيز المنطقة بمجموعة من ألعاب الأطفال وتهيئة أماكن للجلوس في جو طبيعي مميز، من جهتهم وجد شباب المنطقة الفرصة في هذا الفضاء لعرض مجموعة من الخدمات على قاصدي الغابة كالرحلات على الخيل أو العربات التي تجرها الخيول، وتمثل الغابة الفضاء المثالي لممارسة بعض الهوايات كرياضة الجري والدراجات الهوائية. تتحول غابة بوشاوي مساء كل يوم إلى خلية نحل بالنظر إلى العدد الكبير من الزوار الذين يقصدونها كل حسب مبتغاه حيث تتشكل طوابير السيارات عند مدخلها للبحث عن مكان للركن عبر حظائرها المتعدد، وبين من يهوى ارتشاف فنجان قهوة أو شاي تحت ظلال الأشجار أو المشاركة في حلقة لألعاب الورق أو الدومينو من خلال استغلال الطاولات الخشبية المنصوبة وسط الغابة في لقاءات السمر التي تمتد لعدة ساعات، توفر الغابة المكان المناسب لمحبي الطبيعة العذراء بعيدا عن ضجيج المدينة. ورغم الإمكانيات الترفيهية البسيطة التي لا تتعدى بعض الألعاب الخاصة بالأطفال إلا أن الغابة تبقى المقصد المفضل للعائلات العاصمية وحتى الشباب الذي وجد ضالته بها، حيث تتشبع حظائر السيارات التي يبلغ عددها ثلاثة منذ الساعات الأولى من المساء، وهي الفترة التي يختارها زوار الغابة للابتعاد عن حر الجو وضجيج المدينة، فتجد الأطفال يهرعون مباشرة بعد النزول من السيارات للركض في كل اتجاه للتعبير عن فرحتهم، وهناك من يفضل بعض الألعاب مثل كرة القدم أو السلة، بالإضافة إلى الدراجات الهوائية والعربات الصغيرة للاستمتاع بها في فضاء طبيعي خال من التلوث البيئي وبعيدا عن الأخطار التي قد تهدد الأطفال قرب منازلهم. وفي هذا الشأن أشارت ربة منزل فضلت جلب أبنائها بنفسها إلى الغابة ''لقد تعود أبنائي على هذا الفضاء طوال أيام السنة، حيث أختار عطل نهاية الأسبوع والعطل السنوية لزيارة الغابة وتنفس الأكسجين، وبما أن أحد أبنائي كثير الحركة ومحب للعب الركض فلا يمكن له إخراج كل طاقته بالمنزل الذي يعتبر ضيقا بالنسبة له، كما لا أشعر بالطمأنينة حين أتركه يخرج مع أبناء الحي، لذلك قررت أنا ووالده بعد معاينة طبيب أطفال زيارة المساحات الخضراء الكبيرة التي تعتبر الفضاء الوحيد لابني لإخراج كل طاقته، وبعد العودة إلى البيت ينام طفلي بشكل عادي''، من جهة أخرى تطرق رب عائلة جلب كل أفراد عائلته إلى أهمية فتح فضاءات مماثلة لغابة بوشاوي بباقي بلديات العاصمة، مشيرا إلى أنه يشعر بارتياح عند العودة إلى البيت في كل مساء بعد قضاء أوقات من الراحة والسمر مع أفراد عائلته بالغابة التي يرى فيها المكان المناسب للابتعاد عن ضجيج وتلوث المدينة، فلا يسمع زائرها إلا زقزقة العصافير وسكون الغابة، وللابتعاد عن الضجيج الذي قد يحدثه الفرسان بخيولهم وسط الغابة يقصد المتحدث الجهة العلوية للغابة، والتي تعتبر منطقة زراعية لأحد الخواص، حيث تتواجد شجيرات تقصدها العائلات للتخييم تحت ظلالها ومتابعة الأطفال وهم يمرحون بجانبهم. رياضة المشي والجري وركوب الدرجات تستهوي الشباب زيارتنا التي قادتنا إلى غابة بوشاوي سمحت لنا بالوقوف على عادات جديدة للشباب، حيث يخيل لك أنك في إحدى الحدائق الكبرى بالدول الأوروبية، فتجد الرجال والنساء من مختلف الأعمار يمارسون رياضة المشي أو الجري وحتى ركوب الدرجات الهوائية، فهناك فئة معينة من الشباب وحتى الكهول يتنقلون مساء كل يوم إلى غابة بوشاوي لممارسة رياضتهم المفضلة جنبا إلى جنب مع أعضاء عدة فرق رياضية، وبعين المكان تقربنا من إحدى الشابات كانت تركض بلباسها الرياضي، فأكدت لنا أنها قررت هذه السنة مزاولة رياضتها المفضلة للمحافظة على رشاقتها، واختارت غابة بوشاوي عن باقي المناطق نظرا لخصوصيتها الطبيعية من جهة والأمن الموفر من طرف عناصر الدرك الوطني، كما أنها تركن سيارتها بسهولة ولا تشعر بالقلق حيال ذلك، وغير بعيد عنها تحدثنا مع شابة أخرى تفضل رياضة ركوب الدراجات التي قالت بكل صراحة ''هي المرة الخامسة التي أزور فيها الغابة بعد أن أوصاني بها أحد الأصدقاء، ووجدت في هذا الفضاء المكان المناسب لممارسة هوايتي المفضلة'' وغير بعيد عن هذا الجو الرياضي المشحون بالمنافسة والمسابقات لا تزال الأحصنة تصنع الحدث بغابة بوشاوي بعد أن ارتفع عددها لأكثر من 40 حصانا، وهي التجارة التي وجد فيها شباب حي بوشاوي مصدرا للرزق من خلال تأجيرها للرحلات وسط الغابة بسعر يتراوح بين 100 و200 دج، في حين يتم تزيين الأحصنة بمختلف الألوان والأشكال لاستقطاب الزبائن، حتى الأطفال يجدون أحصنة ''البوني'' تنتظرهم للقيام بجولة وسط الغابة بمرافقة صاحب الأحصنة.