فضل الكثير من الجزائريين المقيمين بالمهجر تمديد عطلتهم الصيفية لتشمل شهر رمضان الكريم وهي كلها شغف في تقاسم أجواء الشهر الكريم مع الأهل والأقارب بالوطن الأم. وتتوقع المصادر المعنية بالجالية الجزائرية المقيمة بالخارج أن يحقق عدد الجزائريين الذين يقضون شهر الصيام بالجزائر رقما قياسيا مقارنة بالسنوات الماضية مرجعين ذلك إلى حلول رمضان في عز شهر أوت وهو الشهر المفضل للعطلة الصيفية. علما أن ما يقارب المليون جزائري يكونون قد حلوا بالجزائر خلال أشهر الصيف الثلاثة حسب المسؤول الأول على مطار الجزائر الدولي. .ولمعرفة الأجواء الرمضانية التي تعيشها هذه العائلات المغتربة التقت ''المساء'' البعض منها وعادت بالاستطلاع التالي: كانت عائلة ''وزاني'' بالعاصمة أول من اتصلنا بها من العائلات القادمة من المهجر وبالضبط من فرنسا حيث فضل الأب العامل بإحدى الشركات المتخصصة في صناعة السيارات بفرنسا تأجيل عطلته إلى شهر أوت عكس السنوات الماضية التي كانت في شهر جويلية ''لقد استعملت كل ما لدي من حجج ووسائل لإقناع إدارة الشركة التي اعمل بها على تسريحي في شهر أوت خاصة وأنهم اعتادوا على شهر جويلية'' يقول محمد الذي أضاف ''رغم انه كان علي البقاء خلال شهر جويلية بفرنسا إلا أنني بادرت بإيفاد عائلتي الصغيرة إلى الجزائر فور نهاية الموسم الدراسي ولم التحق بهم إلا قبل أسبوع فقط، فعلت كل هذا لأنني اشتقت لسنوات طويلة فاقت السبع سنوات للأجواء الرمضانية الحقيقية التي كبرت معها وأنا صغير بحي القبة وعزمت بفارغ الصبر على معايشتها مجددا هذا العام وفعلا لقد قضيت أياما جميلة وممتعة خلال الأسبوع الأول من رمضان الذي لم تنقطع عني الدعوات من الخالة والعمة وابن العم وغيرهم والبقية ستأتي إنها السعادة بعينها''. من استراليا إلى أجواء الحراش الرمضانية المميزة وغير بعيد عن حي القبة وبحي المنظر الجميل بالحراش زرنا عائلة ''مقيدش'' التي تحتضن خلال هذا الشهر الكريم ابنها ''سفيان'' الذي قدم من استراليا رفقة زوجته الاسترالية وابنته التي لا يتجاوز عمرها سن الثالثة. عندما ولجنا منزل هذه العائلة كدنا لا نعرف الزوجة الأجنبية التي كانت جالسة مع بعض النسوة وهي حريصة على أن تحتفظ بحجابها ولولا ملامحها الغربية لما تمكننا من تمييزها من بين الحضور. في أجواء مرحة تبادلنا أطراف الحديث مع سفيان وعائلته وكان الجو مميزا للغاية خاصة وأن لغة الحوار امتزجت ببعض العبارات باللغة الانجليزية كترجمة لكلام ''جولي'' التي اختارت لنفسها اسم ''ليلى'' بعد اعتناقها الإسلام منذ ثلاث سنوات مضت. حدثتنا ليلى عن قصتها مع الإسلام فقالت'' كنت طالبة جامعية بلندن قبل خمس سنوات وهناك التقيت بسفيان كانت علاقتنا في الأول مجرد صداقة لكنها تحولت إلى حب حقيقي سمح لي بالاحتكاك أكثر بسفيان الذي حدثني كثيرا عن الجزائر وعلى الخصوص عن الإسلام وعن قواعد الإسلام وفضائله وعرفت معه عيد الفطر وعيد الأضحى حيث كانا في كل مر يتركني سفيان يسافر إلى الجزائر لقضائهما في الجزائر. وتطورت الأمور بعد كل هذا إلى أن تزوجنا وسنة من بعد اعتنقت الإسلام فأدخل الطمأنينة والسعادة إلى قلبي إلى أن زادت سعادتي بإنجاب بنتي ''منى''. وعن أجواء رمضان قال سفيان أنها استثنائية خاصة وأنها المرة الأولى التي يجلب فيها زوجته خلال هذا الشهر ''سمحت لي هذه الفرصة أن اعرف زوجتي بمختلف الأطباق الجزائرية لا سيما التقليدية منها الخاصة بشهر رمضان حتى أنني طلبت من والدتي تعليمها كيفية تحضير بعض الأطباق كالكسكسى والشربة وأنواع ''الشطيطحات''. وقد تميزت سهرتنا التي كانت حول صينية الشاي والبقلاوة وشرائح القلب اللوز بأجواء صبيانية صنعتها الطفلة ''منى'' التي كانت تحوم حولنا لتستقر في كل مرة للحظات عند والدها ووالدتها وهي تردد كلمات بالانجليزية مقتطفة من أغنية خاصة بالأطفال، بينما كان العم والعمات الذين اعترفوا بأن هذه البراءة صنعت منذ مجيئها فرحة مميزة بالبيت، يحاولون تعليمها بعض الكلمات بالعربية ''روحي، أرواحي، أعطيني، صباح الخير ومساء الخير وغيرها من الكلمات وكانت منى تردد في كل مرة بطريقتها الخاصة، مثيرة جوا من الضحك والمرح. مقهى البهجة بالعاصمة وأجواء ألف ليلة وليلة لا نبتعد كثيرا عن استراليا لنستقبل ''وسيلة'' وزوجها ''جمال'' اللذين قدما من الولاياتالمتحدةالأمريكية بعد أزيد من سبع سنوات من الغياب عن الأهل والوطن، المدة التي زادت الزوج المغترب الشوق والحنين للوطن. ''اشعر وكأنني اختنق وأنا بعيدة عن الجزائر وأهلي فكلما فكرت فيهما زادت تعاستي، صحيح أن ظروفي المعيشية جيدة في أمريكا ولا ينقصني أي شيء - تقول -''وسيلة'' التي أضافت أن ما زاد في عزلتها هو عدم وجود عرب بالمنطقة التي تقيم بها بولاية سان فرانسيسكو باستثناء بعض الباكستانيين والهنود الذين أتواصل معهم من حين لآخر حيث اشعر بشيء من الطمأنينة عندما اعرف أنهم غير بعيدين عن مقر سكناي خاصة وأنهم مسلمون''. وعن كيف قضاء أيامها الرمضانية تقول ''وسيلة'' أنها لا تغادر المطبخ طيلة فترة الطهي حيث ترافق والدتها وتساعدها في تحضير الأطباق وتزيين المائدة. أما بعد الإفطار فتحرص هي وزوجها على زيارة بعض الأقارب الذين لم تلتق بهم منذ سنوات بالإضافة إلى الخروج ليلا لاكتشاف العاصمة واستعادة بعض الذكريات مع تذوق المرطبات والمثلجات. ويحرص جمال على مرافقة بعض أفراد العائلة من الرجال إلى المسجد لأداء صلاة التراويح وبعدها تناول فنجان الشاي أوالقهوة بمقهى الحي أوإحدى قاعات الشاي بالعاصمة. ''لقد اكتشفت بالعاصمة مقهى يسمى ''البهجة'' وبها تقام السهرات على وقع الأغنية الشعبية، إنها أجواء رائعة للغاية تشعرني وكأنني في حكايات ألف ليلة وليلة. استوقفتنا إحدى الشهادات عند السيدة ''حنان'' التي قدمت من فيتنام بعد سنوات من الغياب أقسمت لأبنائها على أنهم سيقضون رمضان هذه السنة في الجزائر وكانت السيدة ''آمال'' قد تزوجت بمواطن فيتنامي كان يعمل بالجزائر يعود الفضل لها بأن اعتنق الإسلام وهو مقيم بالمحمدية بالعاصمة إلا أنه عندما انتهى العقد الذي يربطه بشركته اضطر للعودة إلى بلاده وهنا بدأت غربة ''حنان'' التي بذلت كل ما في وسعها طيلة سنوات الغربة لتلقين أولادها مبادئ الإسلام حتى لا يذوبوا في المجتمع الفيتنامي. وبين بيت أهلها وبعض الأقارب القاطنين بالعاصمة تقضي حنان سهرات رمضان وهي تغتنم على حد قولها كل الفرص إذ لا تفوت واحدة منها لقضاء رمضان ممتع حتى لا تنساه وهي في طريقها إلى ديار الغربة بعد عيد الفطر المبارك وهي الفترة التي ستعرف مغادرة أبناء جاليتنا لأرض الوطن عائدين إلى غربتهم والدخول الاجتماعي الجديد على الأبواب.