يقف كتاب ''الجزائر بوابة التاريخ'' عند أهم المحطات التاريخية التي مرت بها الجزائر منذ فجر التاريخ محاولا كشف تفاصيل عن كل مرحلة بقراءة علمية موثقة. صدر عن ''دار المعرفة'' كتاب بعنوان ''الجزائر بوابة التاريخ''، الجزائر عامة ما قبل التاريخ إلى غاية ''1962 للباحث عمار عمورة، يتناول فيه أهم الأحداث التاريخية التي مرت بها الجزائر عبر العصور منذ فجر التاريخ مرورا بفترة ما قبل التاريخ ثم العهد الفينيقي والروماني والوندالي والبيزنطي ثم الفتح العربي الإسلامي والحكم العثماني فالاحتلال الفرنسي وصولا إلى مرحلة ما بعد الاستقلال. تميزت كل مرحلة حسب الباحث بفترات ازدهار وانحطاط، استعمار وحرية إلا أن السائد هو أن الشعب الجزائري عبر تاريخه الطويل لم يستكن يوما إلى الظلم والاستبداد. الكتاب لا يقتصر فقط على سرد الأحداث السياسية وإنما يتطرق أيضا إلى الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. انطلق المؤلف من فترة ''ما قبل التاريخ'' مؤكدا أن هذه الفترة لا يزال يسودها غموض لقلقة المصادر ماعدا تلك التي كتبها أجانب وهي لا تعطي الجواب الكافي لبعض التساؤلات خاصة منها تأخر الجزائر في الدخول الى مرحلة ''التاريخ'' إلا بعد مجيئ الفينيقيين. تطرق المؤلف إلى أصول سكان الجزائر ''البربر'' مستعرضا أسباب هذه التسمية حسب المصادر التاريخية والتي يرجح أنها تسمية استعمارية (لاتينية ورومانية) مؤكدا أن الأمازيغ تعايشوا مع شعوب أخرى وامتزجوا معها كالزنوج والعرب والكرغليين وغيرهم. فترة الحكم الفينيقي بالجزائر تميزت بالهدوء إذ كان الفينيقيون مسالمين يتأقلمون مع أي وضع سياسي في المناطق التي ينزلون بها ولا يتدخلون في الشؤون السياسية الداخلية لأية دولة، فربطوا مع سكان الجزائر كما ربطوا مع غيرهم من الشعوب علاقات تجارية واجتماعية راقية مما جعل السكان الأصليين يقدّرونهم ويعايشونهم دون مشاكل أو حروب بل إن الحياة بالجزائر ازدهرت في عهدهم ثم في عهد قرطاجة الذين أسسوها، إذ تأسست المستعمرات الفلاحية الكبرى (زيتون، قمح) والتي لا تزال معالمها الى اليوم والطرق التجارية والمدارس والمعاهد وتكثف التعاون والتكامل بين قرطاجة وملوك البربر خاصة بالشرق الجزائري.على عكس ذلك كانت العلاقة مع روما متوترة حيث كانت الجزائر وكل الشمال الافريقي يشكل مطمعا دائما للامبراطورية الرومانية مما استوجب ظهور ثورات قادها زعماء البربر منهم ماسينيسا ويوغرطة ويوبا الأول والثاني. استمرت مقاومة الجزائريين للطامعين لتمتد إلى عهد الوندال، وعهد بيزنطا إلى أن جاء الفتح الإسلامي عن طريق حملة عقبة بن نافع وأبو المهاجر دينار وما شهدته من أحداث على امتداد سنوات طويلة، إضافة إلى ظهور فتنة الخوارج بافريقيا. يستعرض المؤلف أهم الأحاديث النبوية الشريفة التي قيلت عن البربر تؤكد لهم الفضل في الجهاد والثبات وتميزهم في جنة النعيم. إلى جانب وقفات متسلسلة عند أهم الدويلات التي تعاقبت على حكم الجزائر في العهد الإسلامي بداية من الدولة الرستمية إلى دولة الأغالبة، الفاطميين، الزيرية، الحمادية، المرابطية، الموحدية، الحفصية ثم دولة بني عبد الواد، مع استعراض جوانب النهضة والانحطاط في شتى المجالات والفترات وكذا التطرق إلى أهم الرموز الدينية والاجتماعية وأبرز الشخصيات التاريخية لهذه الدويلات. حظيت فترة الحكم العثماني بالجزائر بمساحة هامة من البحث إذ استعرضت كل الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية لهذه الفترة المهمة من تاريخ الجزائر علما أن البحث اجتهد في تفصيل بعض الأحداث السياسية لتوضيح الرؤية وخلفيات الهجوم الاستعماري على الجزائر خاصة الإسباني والفرنسي، إضافة إلى التركيز على الازدهار الاجتماعي والثقافي والعمراني الذي عاشته الجزائر في هذه الفترة والذي ستقضي على معالمه فرنسا الاستعمارية. فترة الاحتلال الفرنسي للجزائر كان لها نصيب الأسد من البحث إذ ساقت تفاصيل العلاقات الجزائرية الفرنسية قبل الغزو ثم استعرضت مرحلة الانزلال واحتلال مدينة الجزائر وباقي المدن الجزائرية، مرورا بالمقاومة الشعبية المسلحة ثم المقاومة السياسية مع الإشارة إلى أبرز روادها الذين هيأوا الشعب بنضالهم المستمر لتفجير الثورة تماما كما هيأته أحداث 8 ماي 1945 والتي كانت المحفز الأول على الثورة المسلحة ضد الوجود الفرنسي. عن الثورة التحريرية تم سرد أحداثها ابتداء من بيان 1 نوفمبر 1954 إلى غاية الاستفتاء في الفاتح من جويلية 1962 وما مرت به هذه الثورة من أحداث على المستوى الداخلي والخارجي عسكريا، سياسيا واقتصاديا مع إبراز تضحيات الشعب الجزائري الثقيلة من أجل نيل حريته.وفي الأخير، خصص الكتاب حيزا لمرحلة ما بعد الاستقلال متطرقا إلى الصراعات السياسية وإلى مرحلة البناء والتشييد الرائدة التي عاشتها الجزائر غم العيوب المسجلة، لتتوقف هذه المرحلة عند العشرية السوداء التي اضطرت الشعب إلى دفع تضحية ثقيلة أخرى من أجل الاستقرار والسلم. للإشارة تضمن الكتاب صورا لبعض المعالم التاريخية والأثرية وبعض الشخصيات الوطنية.