تستقبل المرأة المنيعية شهر رمضان الكريم بعدة طرق لا تخرج في معظمها عن إطار التقاليد والعادات المتوارثة، حيث تتميز مائدة إفطارها بنكهتها الخاصة المستمدة من توابل ونباتات هذه المنطقة الصحراوية.. وبهذا الخصوص كان لنا حديث مع السيدة فتيحة ولد مختار، وهي معلمة في الطور الابتدائي بالمنيعة. تتميز مائدة الإفطار بالمنيعة - التي تبعد عن مقر ولاية غرداية ب 250 كلم وعن العاصمة ب 900 كلم - بطبق الحساء المحضر بالأعشاب على غرار ''لازال''، ''الوزوازة'' و''الطازية''، حيث تطحن رفقة أوراق البصل الأخضر المجفف. وتقتضي العادة في المنيعة أن يتناول الصائمون هذا الحساء عقب أداء صلاة المغرب، ويكون هذا الحساء مصحوبا بأطباق أخرى إضافة إلى شراب ''الدفي'' الذي يتم إعداده بواسطة 40 نوعا من النباتات الصحراوية والتوابل. ويتم تحضير هذا المشروب التقليدي أسبوعين قبل حلول شهر رمضان، وذلك من خلال نقع 40 نوعا من الأعشاب ومواد أخرى، منها الحلبة، القرنفل، الكمون، الشعير، التمر، الورود، الريحان والعرعار. وإلى جانب هذا المشروب لا يمكن أن تفارق أكواب الشاي الأخضر بالنعناع مائدة سكان المنيعة، إذ يتم إعداده باستخدام حطب ''لازال'' أو ''الزتم'' كما يسمى محليا. بعد الإفطار يتوجه الرجال والنساء والأطفال نحو المساجد لأداء صلاتي العشاء والتراويح.. وفي فترة السهرة تكثر زيارة الأقارب لبعضهم البعض، حيث تجمعهم فناجين القهوة الممزوجة بتوابل وأعشاب صحراوية أيضا، لكن لا يمكن أن تقدم هذه القهوة المميزة بدون حلويات ''الكعبوش'' التقليدية. ولا تقتصر تحضيرات ربات البيوت في هذا الشهر على الأكلات، إنما تتولى كل واحدة منهن تحضير مستحضر طبيعي لعلاج مشكل الإمساك، المغص وآلام المعدة التي تكثر في شهر رمضان. أما وجبة السحور في المنيعة، فتكون طبيعية كونها ممثلة في طبق ''السفة'' الذي يصنع بالتمر المجفف والسمسم (جلجلان)، وبعد تناول هذا الطبق يتناول أهل المنيعة الحليب أو الماء - حسب الرغبة - وهي طريقة تقليدية يعتمد عليها سكان المنطقة لتسكين آلام الجوع وإخماد العطش خلال فترة الصوم. وعلى صعيد آخر يتخذ سكان المنيعة رمضان مناسبة لإقامة حفلات الختان وفق طرق تقليدية في اليوم السابع والعشرين من الشهر المبارك.. ففي يوم الحفل تعلق برجل الطفل الذي خضع لعملية الختان رزمة تتكون من عباءة مصحوبة ب ''السخاب''، وهو عبارة عن عقد مصنوع من القرنفل وكذا سرة بخور .27