قصص تشبه الدراما السينمائية بل هي قصة لها ما يدعمها من التاريخ ويشهد أنها حقيقة حتى وإن لونتها أساطير الحكايات، هكذا نسجت قصة ''ماما بينات'' بمنطقة بني حواء الساحلية فكيف بدأت القصة؟ بمنطقة بني حواء الساحلية يتواجد المعلم الأثري التاريخي ضريح ''ماما بينات'' وقصته تعود إلى شهر جانفي من عام 1802 عندما أبحرت السفينة الحربية الهولندية ''البنال'' ضمن أسطول مشكل من سبع سفن. الأسطول الهولندي كان مبحرا نحو ''سان دومينيك'' بأمر من بونبارت للقضاء على التمرد الذي وقع في مقاطعة لويزيان الأمريكية، وكان طاقم الأسطول ببحارته وقادته يتكون أكثر من 500 شخص من بينهم سبع راهبات هولنديات إحداهن هي ''ماما بينات'' السبع نساء تحولن الى أسطورة منذ ذلك الإبحار الى يومنا هذا ''قبر الرومية''. السفينة ''البنال'' مبحرة في طريقها الى ''سان دومينيك'' بدأت السحب تتلبد منبئة بهبوب عاصفة عاتية وبدأ البحر يتهيأ للهيجان ويكشر عن أمواجه العاتية والضباب يحجب الرؤية، العاصفة الهوجاء التي نبتت في البحر ثم استطالت كالمارد مما جعل ربان السفينة يقرر أن يتجه بالسفينة الى خليج صغير... القائد بعد هذه العاصفة نجا من الغرق المحتوم وأرسل بتقريره للمحكمة العسكرية فيما يخص الخسائر التي تكبدتها السفينة خصوصا الأرواح من جنود ونساء، أما من كتب له النجاة فقد فضل البقاء بدار الاسلام ومن بين من بقي ''ماما بينات'' التي اقترن اسمها بمنطقة بني حواء الساحلية أين يتواجد ضريحها والذي أصبح من بين المعالم الأثرية والسياحية. هذا الضريح أصبح معلما أثريا وتاريخيا وسياحيا مهما بمنطقة بني حواء ''ماما بينات''. قصة ''ماما بينات'' حادثة تاريخية كانت كثيرا ما تقع خصوصا السفن التي لم تكن بنفس القوة التي عليها السفن الحالية وكانت تعتمد على القوة البدنية للبحارة وتجربة الربان. وهكذا بدأت القصة مع سفينة وهي قطعة من أسطول بحري أبحر في مهمة وعلى متنها سبع نسوة، وقد تكون للقصة اضافات كثيرة كرقم (07) وربما يكون العدد أكثر أو أقل. النساء السبع طابت لهن الإقامة في دار الإسلام نظرا لكرم الضيافة من الأهالي والترحاب وظروف لم يسبق أن تهيأت لهن مما جعلهن يتزوجن من المسلمين الا واحدة منهن أبت الزواج رغم اعتناقها للاسلام، وكانت رائعة الجمال، ومع مرور الوقت أصبحت من المتميزات بحكمتها وثقافتها مما أهلها أن تكون عضوا من جماعة حكماء المنطقة، وكانت هذه السيدة هي ''ماما بينات''. عاشت ''ماما بينات'' في مجتمعها الجديد بين إخوان يجمعهم الاسلام بكل سموه وعدالته مما جعلها تركن ماضيها في زاوية من ذاكرتها وتعيش للنور فقط الذي ملأ قلبها وفاض عليها جمالا ووقارا وأصبحت من أعيان المنطقة قد يهزها الحنين لبلاد طواحين الريح والصقيع إلا أن دفء الاسلام وجمال المنطقة عوضها حنين الوطن بصفاء القلب والسلام الى أن جاء أجلها وتلتحق بربها فيتم دفنها في منطقة بني حواء التي تقع في شمال عاصمة الشلف قرب منحدر ليس ببعيد عن البحر في المكان الذي نجت فيه من الغرق، وقد بني على جسدها قبة مع اخوتها وكتب على ضريحها هنا ترقد ''ماما بينات'' مع رفيقاتها المتدينات اللواتي نجون من غرق باخرة ''البنال'' وقد بني قبرها سنة 1936 ثم هدمه الزلزال الذي ضرب المنطقة سنة 1954 وقد تم إعادة بناء القبر. وهناك بعض الروايات التي تؤكد أن ''الأم بينات'' ماتت مسلمة، وربما هذا ما جعل الأهالي يطلقون عليها اسم الأم بدل الأخت التي يطلقها النصارى على الراهبات، وهناك روايات أخرى تقول أنها ماتت على ديانتها المسيحية وهذا حسب رسالتها التي كتبتها الى رجل كنيسة تولورا حيث جاء فيها ''أن أهل بني حواء وعدوها بالمساعدة للعودة وإلى ذلك الحين قررت مواصلة رسالتها التبشيرية''.يبقى ضريح ''ماما بينات'' شاهدا على آثار مدينة بني حواء الساحلية. هذه هي قصة السبع نساء، وقصة هذا الضريح الذي أضحى معلما أثريا وتاريخيا في المنطقة ولهذا ينبغي المحافظة عليه كمعلم تاريخي وكقصة أسطورية فيها من الجمال الفني والدراما ما يؤهلها أن تكون فيلما أو مسلسلا، إذا ما لقت القلم الذي يحولها إلى سيناريو مشوق.