وربما سمع تلك القصة التي هي على لسان كل خلف و سلف ، قصة "ماما بينات " تبدأ سنة 1802 عندما غرقت باخرة حربية فرنسية اسمها "البانيل" في سواحل بني حواء، كانت تحمل على ظهرها حوالي 200 بحار وعدد من النساء التي تقول الروايات أنهنّ راهبات مسيحيات. السفينة جهزها نابليون بعدّة حربية فأتت عاصفة اعترضت طريقها وغيرت مسارها بإتجاه الساحل الجزائري وبالضبط "ببني حواء" . قائد السفينة كان في البداية يعتقد أنهم في السواحل الإسبانية لكن تبين بعد ذلك أن العاصفة قد أخذتهم بعيدا ، وقد مات معظم ركاب السفينة ونجا بعضهم ، ومازال لحد الساعة مدافعها ومحركاتها بالشاطئ وكان من بين الناجين راهبات مسيحيات اختلفت الروايات حول عددهن بين 09 نساء و 03 منهن لوزة الصغرى ، هيلات وهي أول مدرسة للغة الفرنسية على مستوى تراب الولاية و ماري حسب عمي محمد 80 سنة الذي قال ل"للنهار" أنها تزوجت بمنطقة تمزقيدة، وفي الواقع تزوجن جميعا حسب الروايات لكن المرأة المهمة والتي هي الأكبر سنا بينهنّ الأم جيان التي لقبت "ماما بينات" والتي كانت لها قصة مع سكان بني حواء مازالوا يذكرونها لليوم جيلا بعد جيل . "ماما بينات" ممرضة تجاوز سنها 50 سنة وحسب الروايات أن الأم جيان لقبت باسم ماما بينات كونها أكبر الراهبات سنا كنّ يحترمنها وينادينها بالأم ، وكانت ممرضة المنطقة ويقصدونها من كل المناطق المجاورة وكانت تعالج بعض الأمراض بواسطة الأعشاب الطبية التي كانت تجمعها من المنطقة الجبلية فالسكان ونظرا لأنها أتت بأمور جديدة كانوا يضنوها ولية صالحة ولأن الفتيات كن يحترمنها إلى درجة كبيرة وفعلا اعتقدوا أنها والدتهم ولأن الشفاء كان يأتي على يديها حسب الاعتقاد الذي كان سائدا أصبحوا يحترمونها . لهذا وضعوا لها مكانة خاصة وأصبح الناس يقصدونها من كل مكان للشفاء على يديها وحققت نجاحات في مجال الطب والإرشاد وتوعية المواطنين، وبعد وفاتها أقيم لها ضريح بالمنطقة وقد تم بنائه قبالة البحر. معمر فرنسي يستعملها لأغراض إشهارية المعمر برتولوتي الذي أخذ معظم أراضي بني حواء اهتم بالأسطورة واستعملها لأغراضه التجارية حتى أنه أعاد بناء الضريح بعد سقوطه في زلزال 1954 ، والمعروف عن المعمر برتولوتي أنه كان قد غرس أشجار التين وهذا الأخير معروف بنوعيته الجيدة لحد اليوم والذي قام بجلب سلالة من أشجار التين من إيطاليا وحسب ما تحدثنا في السابق عن خرافات وأساطير ما حدث عن شجرة التين التي نبتت بقرب الضريح أين اكتمل ضنهم بأنها مقدسة وزاد المعمر الفرنسي هذا باستعمال هذه الشجرة لأغراضه التجارية أين قام ببناء مصنع لمربى التين والذي لايزال موجود لليوم ببني حواء حيث لاق المشروع ونال نجاحا وازدهارا وأرباحا باهضة في حسابه ولزال يقدم لليوم ، مع العلم بأن منطقة بني حواء هي منطقة الكروم كما سميت والتي يعتمدون على هذه الأشجار وتقدم مردودا وفيرا منذ القدم بعد الفلاحة . القصة تتراوح بين الحقيقة والخيال أو الأسطورة وحسب جيلنا الجديد ربما لانصدق ما جرى لجهلنا الأحداث وربما الدليل الوحيد على أن قصة غرق سفينة البانيل قصة حقيقية هي المحركات والمدافع التي كانت بالسفينة والتي هي لازالت لحد اليوم بشواطئ السواحلية ببني حواء . لتبقى الروايات الأخرى التي أقيمت حول الراهبات مجرد روايات شعبية تتداولها سكان المنطقة ، وتبقى في حاجة إلى عديد البحوث والدراسات للتأكد من حقيقتها التي أتعبت كاهل شريحة الشباب المثقفة بالمنطقة لمعرفة صحة أقوال أسلافهم .