فنان مرهف، حساس جمع بين التمثيل والرسم، وفق إلى حد بعيد في إعطائنا لوحة متكاملة شملت عفوية الأداء ودقة التصاميم، فكانت الصورة المشرفة الجميلة! مشوار طويل في مجال الفن، بدايته كانت بالمسرح، حيث عاشر الخشبة وأهلها لمدة عشر سنوات، ومثل أدوارا كوميدية هادفة لاقت نجاحا كبيرا أهمها "المحفور" إلى جانب المرحومة صباح الصغيرة، انتقل بعدها إلى التلفزيون حيث أدى عدة أدوار بطولية في أفلام ومسلسلات جزائرية إلى جانب فنانين بارزين على رأسهم الممثلة "جميلة عراس" التي قاسمها البطولة في مسلسل "شفيقة بعد اللقاء" والذي لقي نجاحا منقطع النظير، وبعد سنوات من العطاء أكسبته تجربة وخبرة واسعة في مجال الفن، وتحديدا التمثيل، هاهو اليوم يعين كعضو في لجنة التحكيم لتقييم الإنتاج التلفزيوني للسنة الفارطة، وهذا لمنح الجائزة للأسماء الفائزة التي تستحق فعلا جائزة الفنك الذهبي لهذه السنة، هذه الجائزة التي باتت سنة حميدة تعمل بمبدأ "ولكل مجتهد نصيب"·عن فنه، وعن الفنك الذهبي، وصعوبة تقييم الأعمال وحساسية موقعة وأمور أخرى هامة حدثنا الممثل القدير أرسلان في هذا الحوار: - البداية كانت بالمسرح وبأدوار كوميدية هادفة فكيف تغير مسار مشوارك الفني من الأدوار الكوميدية، إلى الأدوار الاجتماعية التي لا تخلو عادة من المواقف التراجيدية المحزنة؟ * بالفعل بدايتي كانت في السبعينات بالمسرح ككوميدي، حيث أديت على الخشبة أدوارا كوميدية هادفة، كما مثلت إلى جانب فنانين أجانب على المسرح دائما، وكنت مولعا بالفنانين الفرنسيين (الممثلين الكوميديين على وجه الخصوص) وكثيرا ما كنت أقلد(فرنورينو) وبعد عشر سنوات من العمل المسرحي انتقلت إلى العمل التلفزيوني الذي يجسد في معظم الأحيان واقعنا الاجتماعي، والحياة الاجتماعية كما هو معلوم لا تخلو من التراجيديا، وإن كانت العاطفة الإنسانية تفرض على الواقع أدوارا رومانسية حالمة، وهي أدوار جسدتها أيضا··· عند دخول موجة المسلسلات سجلت حضوري في أدوار رئيسية إلى جانب فنانين كبار·· فمثلت دور الزوج المحب الطيب المتفهم، هذا الدور الذي لقي صدى كبيرا في مسلسل "شفيقة" ·· ومثلت أدوارا كثيرة· - على ذكر الطيبة والتسامح، هل هذه السمات في شخصيتك فعلا؟ وهل هي التي تؤهلك دوما لمثل هذه الأدوار؟! * بالفعل أنا طيب ومتسامح لدرجة لا توصف فأنا من الذين قد تكون سماهم على وجوههم، فملامح وجهي توحي بالطيبة، لكن هذا لايمنع من أن أؤدي أدوارا أخرى مغايرة تماما لشخصيتي الحقيقية، وهذا هو الفنان، وهذا هو التمثيل·· - أرسلان، فنان يكتنز موهبتين جمليتين·· التمثيل والرسم، فكيف استطعت الجمع والتوفيق بين هذين الفنين الرائعين؟ * بحسن تسيير الوقت؟ أعطيك مثالا، فمنذ 03 سنوات لم أمثل، ثلاث سنوات فترة طويلة، فهل من الممكن أن أبقى دون عمل؟! دون فن؟ مستحيل طبعا ! لذا فأنا أستغل هذا الوقت استغلالا عقلانيا، مستعينا بمنهجية دقيقة، وبفلسفة عميقة، أجل فلسفة؟ فللعلم، أنا أعشق الفلسفة وأطالع كتبها، وأؤمن بأن لكل مجال فلسفته وكلما تعمقنا فيها أبدعنا أكثر فأكثر، وأنا كفنان تشكيلي لا يمكن أن أصل لعمق الأشياء وتجسيدها فنيا إلا إذا استعنت بالفلسفة الخاصة بالرسم، فالفلسفة هي من ضروريات الحياة وما أعمق فلسفة الحياة؟! - وماذا بعد التفلسف العميق في مجال الرسم، هل من ثمرة جهد يانعة، ومعارض فنية ناجحة؟ * بالطبع فقد سبق وأن عرضت مجموعة من الألواح في سنة 1988 بإسبانيا، كما قمت بمعرض آخر في سنة 2005، وأحضر لمعرض فني قريبا إن شاء الله·· - وماذا عن التمثيل؟ * في مجال التمثيل هناك مشروع عمل·· أقدم فيه دورا منافيا تماما للأدوار التي قدمتها سابقا·· دور أخرج فيه عن المألوف·· أجسد دور إنسان "سوقي"· - بعيدا عن الفن التشكيلي، والتمثيل نراك اليوم عضوا في لجنة التحكيم، وهذا لتقييم الأعمال المعروضة السنة الفارطة على الشاشة، فهل من السهل التقييم بموضوعية بعيدة عن الذاتية لترضي الجميع، وتمنح راحة الضمير؟ * الموضوعية هي من يجب أن يحكم في مثل هذه المواقف، فبعيدا عن الذاتية، والمحسوبية يكون التقييم النزيه، والواقع أنه من الصعب جدا أن يكون العضو الحكم، فالعمل يتطلب منا جهدا كبيرا، ومشاهدة كل الأعمال بثقة وتمعن لتقييمها من جميع النواحي ·· التقنية ·· الفنية ومن ناحية الأداء والتألق الجمهور الذي له دور هام للتقييم من خلال سبر آرائه، وإجماعه على من سيكون البطل فعلا· - عضويتك في لجنة التحكيم قد تسبب لك ولغيرك من الحكام بعض الإحراج إزاء زملاء المهنة، خاصة الذين يتوقعون الحصول على الجائزة ثم يخيب ظنهم حين لا يحصلون عليها، فما تعليقك؟ * بالفعل هذا أمر وارد، وقد يغضب بعض الفنانين الزملاء منا كحكام لكي أؤكد بأننا كنا موضوعيين لأقصى درجة لذا لا داعي للغضب، وأقول لهم بأنني أمامهم، فبعد مسيرة فنية تقارب الأربعين سنة لم أحرز ولو مرة جائزة، ولكن مع هذا فأنا هنا موجود، ولازلت أعمل بجد وأعطي كلما أتيحت لي فرصة العطاء، فالفنان الحقيقي هو من يجتهد حبا في الفن لافي الفنك، أو غيره من الجوائز، فيجب أن نسمو بتفكيرنا للرقي ولتجسيد أدوار خالدة، لا للهث وراء جوائز زائلة، الأهم هو العمل لكسب حب الجمهور، واحتوائه لنا بعد احتوائنا له· - كلمة أخيرة؟ *العمل ثم العمل، ثم العمل، لنحصل على جائزة هذا العمل، والمتمثلة في إتقانه أولا وأخيرا، وشكرا···