عن عمر يناهز ال ,73 توفي أول أمس، الرئيس السابق لفريق مولودية وهران، قاسم بليمام، بالمستشفى الجامعي لوهران بعد صراع طويل مع المرض، والذي كان قد أدخل إليه منذ عدة أيام لإجراء فحوصات وتحاليل، أعقبتها عملية جراحية أدخلته في حالة غيبوبة استفاق منها لفترة وجيزة، قبل أن يدخل فيها مجددا، لكن لآخر مرة في حياته ليسلم الروح إلى بارئها قبل صلاة العشاء بقليل. وكان بليمام يعاني من مرض عضال صارعه لأكثر من سنة، أجبره بداية - على غير عادته - عن الإحجام عن دخول الملاعب والتنقل مع فريقه مولودية وهران، قبل أن يرمي المنشفة شهر جويلية الماضي بعدما قدم استقالته من على رأس الفريق الحمراوي لمديرية الشباب والرياضة. وأطلق على بليمام اسم الأب الروحي لمولودية وهران للفترة الطويلة التي قضاها فيها في مختلف الدرجات والمستويات، حيث عايش تأسيسها في ال27 سبتمبر 1946 ب22 شارع رواس بالحمري، وهو الحي الذي طالما افتخر بالانتماء إليها، كما وقف عند التكوين الرسمي لأول تشكيلة رسمية للمولودية في ذات السنة ( 1946 )، والتي كانت تضم لاعبين ممتازين منهم السادة : بصول، مخفي، فواتيح، بوجلال، بن أحمد وشاعة وغيرهم.. وشهد أيضا إمضاء المولودية لأول إجازة ضمن الرابطة الولائية وصعودها إلى القسم الجهوي سنة ,1956 وأدخل السجن في فترة الثورة التحريرية التي عرفت توقف النشاط الرياضي امتثالا لنداء جبهة التحرير الوطني الداعي إلى تجميد جميع الأنشطة الرياضية، وكغيرها من الأندية الجزائرية قدمت المولودية شهداء من لاعبيها ككواص وعواد، أما بليمام فكان نصيبه الاعتقال إلى غاية استقلال الجزائر سنة .1962 بعد الاستقلال، عاود بليمام نشاطه في المولودية الوهرانية، حيث كان شاهدا على انضمامها لأول بطولة وطنية في عهد الحرية والاستقلال، وترأس أول لجنة أنصار للفريق الحمراوي، ثم بعد ذلك رئيسا لفرع السباحة، ليعود إلى الكرة المستديرة لتدبير شؤون تشكيلتها، ويفتخر بليمام - وطالما كرر ذلك في كل تصريحاته وحواراته - أنه خدم المولودية من حامل ماء إلى أن أصبح رئيسا لها، وعاش معها وعاشت معه كل أفراح التتويجات المهمة، بدءا بإهداء الوهرانيين أول لقب وطني موسم 1970/ 1971 مع المدرب البرتغالي كارلوس قوميز، وكان لهذا اللقب طعم خاص لأنه كسر - ولو لفترة قصيرة - السيطرة الكبيرة التي فرضها شباب بلكور في ذلك الوقت على ردهات البطولة الوطنية، ليتوالى علو كعب المولودية وتنال أول كأس للجزائر لها في عهده سنة 1975 بعد تفوقها في النهائي على مولودية قسنطينة بنتيجة ( 02 )، وبلاعبين ممتازين أمثال المرحوم هدفي ميلود وفريحة وبلكدروسي والحارس وناس وغيرهم، ثم عايش تتويجين آخرين بهذه الكأس من موقع رئيس لجنة الأنصار سنتي 1984 و1985 ثم نهائي كأس افريقيا للأندية البطلة سنة 1989 الذي خسرته المولودية الوهرانية أمام الرجاء البيضاوي المغربي ومدربه رابح سعدان بضربات الترجيح بملعب أحمد زبانة. في عقد التسعينيات من القرن الماضي التي تعتبر أزهى فترة كروية حمراوية، رصع بليمام صدر المولودية بألقاب أخرى، وهذه المرة على الصعيد العربي عندما جلب للحمراوة كأسين عربيتين للأندية الحائزة على الكؤوس سنة 1996 بالإسماعلية المصرية وسنة 1997 بالعاصمة اللبنانية ( بيروت)، ثم الكأس العربية الممتازة بالعاصمة السورية (دمشق) عام ,1998 وقبل ذلك نال بليمام مع فريقه الغالي كأس الجزائر سنة ,1996 وفي نفس السنة حاز على كأس الرابطة الوطنية لأول مرة في تاريخ المولودية والكرة الجزائرية على حد سواء. ورافق بليمام مولودية وهران في خطوتين نوعيتين مهمتين في تاريخها الرياضي وتاريخ الكرة الجزائرية، ويتعلق الأمر بقانون الإصلاح الرياضي لسنة ,1979 ومشروع الاحتراف لهذا الموسم 2010 /,2011 والذي تكفل بتحضير ملفه لأكثر من تسعة شهور رغم اعتلال صحته. وكان آخر نجاح لبليمام مع مولودية وهران، توفيقه في إعادتها إلى القسم الوطني الأول بعدما سقطت إلى القسم الثاني لأول مرة في تاريخها الرياضي موسم 2007/,2008 وقد قال عن هذا الحدث في إحدى تصريحاته السابقة : '' لقد بكيت دما لا دموعا لما سقطت المولودية إلى القسم الثاني، لأنها بالنسبة لي ليست فريقا فحسب، بل هي أمي وأختي وزوجتي وابنتي، عايشت كل مراحل نموها، حبها يجري في دمي وعروقي، فكيف يعاتبني خصومي لما أدافع عنها وأستميت في ذلك، وسأبقى كذلك إلى آخر نفس من عمري". وشيعت جنازة المرحوم بليمام عصر أمس بحضور عدد كبير من الوجوه الرياضية من مسيرين، مدربين ولاعبين قدامى لمولودية وهران من مختلف الأجيال، والتي تتلمذت وعاصرت بليمام ولا يزال بعضها نشطا لحد الآن ولاعبين من أندية أخرى ومسؤولين محليين.رحم الله قاسم بليمام الذي كان وجها كرويا بارزا في الساحة الكروية الوطنية والوهرانية، وألهم ذويه الصبر والسلوان وتعازينا الخالصة لعائلته ولأسرة مولودية وهران. ''إنا لله وإنا إليه راجعون ".