انزلق الوضع الأمني في شبه الجزيرة الكورية بشكل مفاجئ وخطير فجر أمس بوقوع تبادل إطلاق نار مدفعي خلف مقتل جنديين كوريين جنوبيين وإصابة خمسة آخرين في هذه العملية العسكرية.وتبادلت بيونغ يونغ وسيول التهم حول مسؤولية كل منهما في هذا الانزلاق الذي أجج الوضع العسكري في المنطقة أشهرا فقط بعد إقدام قوات كورية شمالية على إغراق فرقاطة كورية جنوبية وعلى متنها 46 بحارا. وأكدت كوريا الجنوبية أمس أن اثنين من جنودها قتلا وأصيب خمسة آخرون بالإضافة إلى ثلاثة مدنيين في عملية قصف مدفعي شمالي استهدف جزيرة يونب يونغ المتنازع عليها بين ''الأختين العدوتين'' في عرض مياه البحر الأصفر. وأكد الجنرال الكوري الجنوبي لي هونغ كي أن الهجوم مدبر ومقصود وغير شرعي وخرق لمعاهدة وقف إطلاق النار الأممية بين شطري الكوريتين واتسم ببشاعة لا إنسانية باستهدافه لحي سكني يقطنه مدنيون دون دفاع. ولم تنتظر القوات الجنوبية طويلا للرد على هذا القصف بإطلاقها سيلا من القذائف المدفعية ضد جارتها الشمالية في نفس الوقت الذي وضعت فيه جيشها في حالة تأهب قصوى تحسبا لأي طارئ. ونفت كوريا الشمالية تهم جارتها الجنوبية وأكدت أن سيول هي التي بادرت بالهجوم وأنها لم تقم سوى بالرد على عملية عسكرية استهدفتها وأن ''العدو الكوري الجنوبي تسبب في استفزازات عسكرية بقصف مدفعي على مجالنا البحري على مشارف جزيرة يونب يونغ رغم تحذيراتنا المتلاحقة من مغبة ذلك''. وبنفس لغة التهديد التي استعملتها السلطات الكورية الجنوبية فقد أكدت السلطات الكورية الشمالية أنها ستواصل دون تردد هجماتها العسكرية إذا سعى العدو الجنوبي احتلال أراضينا حتى ولو كان الأمر يتعلق ب001,0 ملم من أراضينا. يذكر أن الجزيرة المستهدفة تقع على محيط خط التقسيم الذي وضعته الأممالمتحدة مباشرة بعد انتهاء حرب الكوريتين بين سنتي 1950 1953 ولكن بيونغ يونغ تصر على استعادتها بقناعة أنها تدخل ضمن مجالها الإقليمي. ولكن ذلك لم يمنع الكورية الجنوبية من التهديد بالرد على ما أسمته بالعملية الاستفزازية في حالة تكرارها وأكدت في بيان أصدرته أمس أن قواتها لن تتوانى لحظة في الرد والصرامة اللازمة ضد أية استفزازات عسكرية جديدة من الجارة الشمالية معتبرة أن قصف جزيرة يونب يونغ يعد عملا عسكريا استفزازيا داعية نظيرتها الشمالية إلى تحمل مسؤولياتها. ولكن الجنرال لي قلل من حدة اللهجة التي استخدمت في بيان الرئاسة وأكد أن الجيش الجنوبي سيبذل قصارى جهده من أجل تجنب تدهور الوضع وتفادي أية أعمال استفزازية جديدة من الشمال''. وحسب مصادر كورية جنوبية فإن خمسين قذيفة هاون سقطت على جزيرة يونب يونغ المتنازع عليها في أحداث تعد الأخطر منذ حرب الكوريتين سنة 1953 وتأتي أياما فقط بعد كشف بيونغ يونغ عن برنامج ضخم لتخصيب اليورانيوم من خلال تدشين أكبر محطة لهذا الغرض. وأخذت هذه المواجهة بعدا دوليا عندما قرر مجلس الأمن الدولي عقد اجتماع طارئ لبحث الوضع في شبه الجزيرة الكورية في محاولة لاتخاذ إجراءات ردعية ضد الجهة المعتدية وتفادي تكرار ما حدث. وتوالت ردود الفعل الدولية المنددة بهذا الهجوم من الأممالمتحدة إلى الاتحاد الأوروبي مرورا بالولاياتالمتحدة إلى بريطانيا وفرنسا وألمانيا التي سارعت حكوماتها إلى التنديد بالهجوم وطالبت سلطات بيونغ يونغ إلى الكف عن هذه الأعمال وتفادي وقوع انزلاق عسكري غير محسوب العواقب من خلال احترام معاهدة وقف إطلاق النار. وإذا كانت الولاياتالمتحدة نددت بالهجوم وأكدت استعدادها الوقوف إلى جانب حليفتها سيول فإن الصين الحليف الوحيد لكوريا الشمالية اكتفت بإبداء انشغالها للتطورات الحاصلة وطالبت كل الأطراف بالمساهمة في إحلال السلم والاستقرار في وقت عبرت فيه روسيا عن مخاوف من خطر كبير لوقوع مواجهة مفتوحة''.