أجمع المتدخلون في ثاني يوم من أشغال الندوة الخاصة بإحياء الذكرى الخمسين لإصدار اللائحة الأممية 1514 الخاصة باستقلال الشعوب المستعمرة وإثراء للمناقشات الخاصة بإصدار ''إعلان الجزائر'' على التأكيد بأن ازدواجية المعايير في التعاملات الدولية هي التي جعل العالم يعيش مثل هذه الفوضى وطالبوا بضرورة تحرك عاجل لدول الجنوب من أجل احتلال مكانتها وإعطاء دور أكبر لهيئة الأممالمتحدة. وقال سليم أحمد سليم وزير الخارجية التنزاني الأسبق والذي شغل لعدة سنوات منصب الأمين العام لمنظمة الوحدة الإفريقية لدى إشرافه على إدارة النقاش السياسي حول ''إعلان الجزائر'' أن هدف هذا المؤتمر ليس العودة إلى الماضي فقط واستعادة ما حصل ولكن التفكير في الوسيلة اللازمة من أجل تحرير الشعوب والأقاليم التي مازالت واقعة تحت الاحتلال. وقال إن الجميع يؤيد كفاح الشعب الصحراوي من أجل نيل حريته ولكن الإشكالية المطروحة تبقى حول ما يجب القيام به من أجل تمكينه من تقرير مصيره وإنهاء واحدة من أقدم وآخر قضايا تصفية الاستعمار في قارتنا''. وأدار سليم أحمد سليم النقاش طيلة يومين من أجل صياغة بنود إعلان الجزائر الذي توج أشغال يومين من النقاش حول تفعيل بنود اللائحة الأممية 1514 في ذكرى إصدارها الخمسين. وقال إن هذا الإعلان يجب أن يكون تكملة لبنود هذه اللائحة على اعتبار أنها لم تأت من فراغ ولكن بعد نضال كبير ساهم فيه الكفاح المسلح الذي خاضه الشعب الجزائري وأيضا الكفاح التحرري لشعوب منطقة الهند الصينية والعديد من الدول الإفريقية الأخرى. وقال إن الدول حديثة العهد بالاستقلال إذا أرادت أن تغير طريقة تعامل مجلس الأمن مع قضاياها فما عليها إلا أن تتضامن فيما بينها لتحقيق ذلك لأن المجلس لن يتغير من تلقاء نفسه.وقال إن الدول الكبرى سرقت كل شيء من مستعمراتها السابقة واستردادها لن يكون سهلا ويتعين علينا لأجل ذلك أن نعمل من أجل إصلاح الأممالمتحدة ومجلس الأمن لأنه لم يعد يمثل العالم.ودافع عن فكرته بقناعة أن من بيده السلطة لن يتخلى عنها بالسهولة التي قد نتصورها بدليل أن الدول الدائمة العضوية فيه تستعمل ''الفيتو'' ولا تريد تغيير العالم. وأضاف أن ندوة الجزائر كانت فرصة مواتية من أجل المضي قدما في نضال العالم المتخلف من أجل احتلال المكانة التي تليق به في عالم يتعايش فيه الجميع وفق مبدأ المساواة. وأكد أستاذ مادة القانون في جامعة الجزائر أن ندوة الجزائر يجب أن يتمخض عنها بيان أكثر براغماتية لإزالة الغبار الذي اعترى النضال السياسي في دول الجنوب. وقال ضمن مقاربته أنه يتعين علينا اليوم إذا كنا نريد لعب دور أكبر في ديناميكية التحرر التي صنعتها اللائحة موضوع النقاش أن نواجه الواقع بجرأة ونقف على الأسباب التي فرملت آلية التحرر ونطرح على أنفسنا لماذا مازال 16 إقليما يخضع للاحتلال؟ وقال إنه يجب أن نعرف ماذا حدث منذ ذلك التاريخ وماذا يجب أن نفعله نحن؟وبالتالي يتعين علينا أن نضيف بعض الوسائل لمواصلة ملحمة انطلقت ستينيات القرن الماضي. ليتناول مشارك آخر الكلمة ليقول أنه يتعين علينا أن نؤكد هذه المرة أيضا على مشروعية الكفاح المسلح في الصحراء الغربيةوفلسطين إلى غاية نيل الاستقلال.بينما شددت مشاركة أخرى على ضرورة إضافة فقرة في البند السابع لمنع اللجوء إلى استخدام القوة ضد الشعوب المكافحة في إشارة واضحة إلى ما جرى في مخيم العيونالمحتلة ويجري يوميا في فلسطينالمحتلة. بينما طالب ممثل الوفد الأرجنتيني المشارك على ضرورة أن يتم إلغاء معيار المساحة والتعداد السكاني لتمكين أي إقليم من استعادة حريته بعد أن أثار مستقبل جزر المالويين الواقعة تحت الاحتلال البريطاني وشهدت أعنف حرب بين البلدين نهاية ثمانينيات القرن الماضي. وكان الوفد الأرجنتيني طالب بإلغاء مسألة المساحة وتعداد السكان كشرط لمنح الاستقلال لأي إقليم. وكان المشاركون في ورشة ''وسائل الإعلام والسينما في التعبير عن حق الشعوب في تقرير مصيرها'' أثاروا إشكالية علاقة الصورة والسلطة السياسية في دول الجنوب. وقال أحمد بجاوي الذي أشرف على هذه الورشة أن هناك هجوما لتبرئة الاستعمار وعلينا أن نستغل الصورة لفضح ممارساته دون أن ينسينا ذلك أن نكتب ونتحدث عن تاريخنا. ووافقته المخرجة الجزائرية يمينة شويخ في طرحه، ولكنها أشارت إلى إشكالية صناعة السينما في إفريقيا وأكدت أن هناك مشكلة في امتلاك التاريخ وتساءلت عن أي صورة نريد أن يقدمها السينمائي؟. وقالت إنه لحسم هذه الإشكالية يجب أن ننطلق من مبدأ أن الحكومات يجب أن تمارس السياسة أما الصورة فيجب أن تعود لأصحابها لأننا لا يمكن أن نكون مهنيين إذا تقيدنا بالسياسة. وأكدت أن الصورة ذات حدين وتجلى ذلك في حرب فيتنام عندما بدا الرأي العام الأمريكي يتابع أطوارها على المباشر. وأكدت أنه لا يمكن لأي سينمائي أن يكون موضوعيا لأن الاستعمار استغل شعوبا بأكملها وبالتالي يتعين استغلال الصناعة السينمائية من أجل مسايرة التطورات التكنولوجية في هذا المجال بما يستدعي تغيير الأمور لأنه لا يمكن أن نواجه الصورة عبر الأنترنيت والتلفزيون لأن قارتنا بعيدة عن المستوى الذي بلغته الدول المتطورة. وقالت آمنة فرانس الصحفية الجنوب إفريقية أن في بلادها مشاكل وعوائق في حرية التعبير رغم أن الدستور الجنوب إفريقي يضمن هذه الحرية. وأكدت على أهمية استغلال الدول لأرشيفها من منطلق أن الذاكرة الجماعية تبقى في حد ذاتها سلاحا وبدونه تزول الأمم. وقال أحمد بجاوي أن حرية الصحافة مقدسة ولكنها لا يجب أن تنسينا واجب المسؤولية في تبليغ الرسالة الحضارية التي نريد.