دخلت الأزمة الدستورية في كوت ديفوار منعرجا حاسما أمس بعد أن قررت دول مجموعة غرب إفريقيا القيام بتدخل عسكري لإعادة الشرعية إلى أعلى هرم سلطة هذا البلد الممزق بصراع على كرسي الرئاسة منذ انتخابات نهاية أكتوبر الماضي. وقرر قادة دول مجموعة غرب إفريقيا التي تضم 15 دولة افريقية في ختام قمة طارئة عقدوها بالعاصمة النيجرية أبوجا إرسال وفد رفيع عنها إلى أبيدجان لإبلاغ الرئيس الايفواري المنتهية عهدته لوران غباغبو الامتثال لحكم الصناديق والتنحي الطوعي لتمكين منافسه الحسن وتارا من اعتلاء كرسي الحكم. ووضع قادة هذه الدول من بين البدائل المطروحة خيار إزاحة غباغبو من كرسي الرئاسة بما أسموه بالقوة الشرعية في حال أصر على موقفه البقاء في السلطة. يذكر أن غباغبو رفض إلى حد الآن كل المساعي والنداءات الدولية التي ألحت عليه بالمغادرة الطوعية وترك مكانه لصالح الحسن وتارا الذي أكدت اللجنة المستقلة لمراقبة الانتخابات انه الفائز بالانتخابات الأخيرة. وعلى ضوء هذه التطورات عاد الشعب الايفواري إلى نقطة البداية وهو الذي كان يأمل في أن تكون هذه الانتخابات بداية نهاية حالة التوتر التي دخلها هذا البلد عشية الاحتفالات بأعياد الميلاد التي شهدت اول انقلاب عسكري في البلاد سنة .1999 وأكدت مجموعة دول غرب إفريقيا في بيانها باتجاه غباغبو أن استعمال القوة العسكرية ضد هذا الاخير ستكون شرعية في حال أصر على موقفه الرافض لكل النداءات الخاصة برفض الانسحاب من السلطة. وتعد هذه المرة الأولى التي تستخدم فيها دول الجوار لغة القوة العسكرية ضد الرئيس المنتهية عهدته كمرحلة ثانية من العقوبات الاقتصادية والمالية التي فرضت عليه وقائمة بأسماء المقربين منه. وقالت مصادر في العاصمة النيجيرية أن وفد المجموعة سينقل لغباغبو اعذارا اخيرا قبل الانتقال إلى المرحلة العملية باستخدام القوة العسكرية ضد نظامه في محاولة منها لإنهاء حالة الترقب التي تطبع الوضع العام في هذا البلد. يذكر أن غيوم صورو رئيس حكومة جناح الحسن وتارا كان اول من طالب باستعمال القوة ضد غباغبو كآخر حل لتسوية الوضعية وإعادة الشرعية إلى مؤسسة الرئاسة الايفوارية. وإذا كانت كرة الصراع ألقيت في معسكر غباغبو فإنه بقي يلتزم الصمت والوضع سيبقى رهين موقفه من هذه التهديدات حتى وان أكد قبل أيام انه لن يرضخ للعقوبات الدبلوماسية التي فرضتها عليه الولاياتالمتحدة ودول الاتحاد الأوروبي بمنعه وعائلته وأكثر من 60 مقربا منه من دخول التراب الأمريكي والأوروبي وتجميد أرصدتهم البنكية. والمؤكد أن غباغبو مازال يستمد قوته من ولاء قوات الجيش له حيث رفضت قيادته كل النداءات الموجهة لها بالتمرد والخروج عن طاعته كقائد أعلى للقوات المسلحة الايفوارية. ولكن لجوء المجموعة الدولية إلى العقوبات الاقتصادية قد يكون له أثره المباشر على تجانس السلطة الموالية لجناح غباغبو وقد تدفع بالبعض منهم إلى التمرد والانسحاب بالتالي اضعاف موقفه لصالح منافسه. وفي انتظار ذلك فإن التوتر والغد الغامض سيبقى سيد الموقف وستبقى معه كل الخيارات مطروحة بما فيها خيار القوة الذي لوحت بها مجموعة دول غرب إفريقيا لكنه خيار يحمل في طياته رائحة اقتتال قد يتحول على إثرها الشارع الايفواري إلى حمام دم سيخرج منه غباغبو منتصرا ولو معنويا.