انصب موضوع المحاضرات المبرمجة في اليوم الدراسي المخصص للحديث عن آل عمروش الذي احتضنته دار الثقافة مولود معمري بولاية تيزي وزو أول أمس السبت حول هذه العائلة التي أفنت زهاء نصف قرن من حياتها، لخدمة الحقل الفني وإحياء التراث الثقافي الأمازيغي، وكانت تعد من صفوة المثقفين الجزائريين بعد نهاية حرب التحرير، حيث تحدث المتدخلون من تيزي وزو والعاصمة عن جذور عائلة أنجبت امرأة لا يزال صوتها يسمع من أول ما قررت أن تكتب أنها الأسطورة طاوس عمروش، تلك المرأة التي كسرت قيود الصمت والسكوت للتمرد على التقاليد السيئة وتصرخ في وجه الظلام وترسم كتابات تحكي عن معاناة أبطالها نساء حرائر يطلق عليهن اسم نساء القبائل، وكانت تعرف برفضها للخضوع وجهدها الكبير في الحفاظ على الموروث الثقافي السمعي. تطرقت الكاتبة جوهر امحيص في محاضرتها التي تحمل عنوان ''روايات طاوس عمروش'' إلى هذه البطلة المناضلة ''لويز ماري'' المدعوة مرقريت طاووس عمروش، تعد أول روائية جزائرية ومن أشهر المثقفات في القرن التاسع عشر، حيث كتبت أول روايتها في سنة 1947 ''الياقوتة السوداء'' التي نالت شهرة كبيرة وحكت في رواية أخرى لها عن تجربتها كامرأة، كما قدمت عرفانها لأمها مارغريت فاطمة آيت منصور''، التي لقنتها من حكايات وأشعار وأساطير وأمثال وحكم شعبية، فضلا عمّا كتبته من قصائد غنائية باللّغة الفرنسية العابقة بروح الثقافة الأمازيغية الأصيلة، كما كتبت عن معاناة المرأة من التقاليد السيئة، وتميزت بصوتها الرائع، حيث خاضت غمار الأغنية، وأدّت العديد منها باللّغة الأمازيغية، خصوصا في الطابع ''الأوبيرالي'' ما يعرف بمنطقة القبائل ب ''أشويق''، ومثلت به الجزائر في المحافل الدولية، ك''مهرجان داكار للفنون الزنجية'' العام ,1966 وهي نصوص ترجمها أخوها ''جون الموهوب'' إلى اللغة الفرنسية، في كتاب ''الأغاني البربرية''. كما تمحور موضوع محاضرة ''حياة وأعمال جون الموهوب عمروش'' الشاعر والكاتب الصحفي الذي يعتبر نموذجا متميزا من نماذج التعلق بالأصول الإثنية والارتباط بالأرض والوفاء لبني جلدته، رغم عقود من الانفصال الديني والثقافي والغربة التي جعلت من فرنسا وطنا ثانيا، بالتبني والمصاهرة والاندماج التام تقريبا في الشعب الفرنسي ونمط حياته وعاشر الكاتب خلال مسيرته الثقافية الطويلة - ما بين الجزائر وتونس وفرنسا - العديد من رجالات الأدب الفرنسي، أمثال أندري جيد وبول كلودال، وفرانسوا مورياك و''ألبير كامو''... إلخ. واثري اليوم الدراسي بعدة محاضرات التي منها حول ''البؤس والمعاناة في حياة عائلة عمروش''، هذا فيما تواصل المعرض طيلة يوم أمس الذي شمل عرض صور وأعمال هذه العائلة بأزقة دار الثقافة والذي عرف إقبالا كبيرا للفنانين وكذا المواطنين الذين ملكهم فضول لمعرفة اسرار وخبايا هذه العائلة التي كتب اسمها بأحرف من ذهب في سجل الثقافة الأمازيغية، التي أنجبت طاوس امرأة تعد واحدة من بين النساء اللائي عرفتهنّ الجزائر من جيل المثقفات السابقات لجيلهنّ. أثرت المدوّنتين الثقافية والفنية بأعمالها القيّمة والخالدة.ليستمع فيما بعد الجمهور القبائلي الوافد إلى دار الثقافة بحفل فني من إحياء الفنان لاني رابح الذي اطرب الجمهور بأغانيه العاطفية على غرارأغنيته المشهورة ''حملاغكم''.