ينتظر أن تعكف القمة العربية الاقتصادية والاجتماعية الثانية التي ستنعقد يوم 19 جانفي بشرم الشيخ على متابعة وبحث آليات تنفيذ قرارات القمة الأولى بالكويت، بعد عامين من انعقادها، الى جانب دراسة ملفات تعاون جديدة كمسألة الربط البحري العربي. وكانت الجزائر قد لعبت دورا كبيرا في اعداد هذه الورقة خلال اجتماعات المجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي المنعقد شهر سبتمبر الماضي بالقاهرة، بالنظر الى ''تجربتها الرائدة والثرية في الوطن العربي'' كما صرح بذلك وزير التجارة السيد مصطفى بن بادة. فقد سمحت كثافة الحوار الذي اعتمدته الجزائر خلال هذا الاجتماع بحلحلة بعض المسائل المتعلقة بسوء الفهم خاصة موضوع قائمة السلع السلبية المستثناة من الإعفاء الجمركي وحق الجزائر في حماية بعض الصناعات الناشئة والقطاعات الحساسة. وقد أبدت الجزائر خلال هذا الاجتماع ''تفهما'' بضرورة الالتزام بالجانب الإجرائي الذي سيتم تصحيحه في الأشهر القادمة. وبخصوص القمة العربية الاقتصادية والاجتماعية فمن المقرر أن تعقد اجتماعات تحضيرية على مستوى كبار المسؤولين اعتبارا من 16 جانفي الجاري لتحضير مشاريع القرارات والملفات للاجتماع الوزاري الذي يعقد يوم 17 جانفي. وتعقد على هامش القمة أربعة منتديات هي منتدى رجال الأعمال ومنتدى الاتحادات العربية للغرف التجارية ومنتدى منظمات المجتمع المدني ومنتدى الشباب. ويرى مسؤولو الجامعة العربية انه لاول مرة توجد شركات عربية تتحدث في القمة الاقتصادية أمام الملوك والرؤساء، مما يسمح لهم بطرح رؤاهم الخاصة وسيؤدي ذلك حتما إلى التفاعل وتحقيق نتائج ايجابية ينظر أن يلمسها المواطن العربي في اقرب وقت. وإن كانت قمة الكويت قد تضمنت قائمة طويلة من المشاريع والقرارات، إلا أن تنفيذها ظل يراوح مكانه بالنظر الى الصعوبة والبطء في تجسيدها باستثناء مبادرة إنشاء صندوق دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة برأسمال ملياري دولار. وقد تم بالفعل حسب الأمين العام المساعد للجامعة العربية للشؤون الاقتصادية السيد محمد براهيم التويجري رصد 250,1 مليار دولار من رأسمال الصندوق. وأشار الأمين العام المساعد للجامعة العربية، أول أمس، إلى انه من المقرر أن تدعم القمة هذه المبادرة وتدعو الدول العربية التي لم تساهم بعد في الصندوق بأن تبادر بتسديد حصصها لما لذلك من اهمية كبيرة في القضاء على البطالة وتوفير فرص العمل وزيادة النمو الاقتصادي. وأشار إلى أن معدلات تنفيذ قرارات القمة الاقتصادية الأولى متفاوتة، حيث منها ما تحقق بنسبة 100 في المائة مثل دعم المشاريع الصغيرة ومنها ما تحقق بنسبة كبيرة كالربط الكهربائي والسككي ولكن بالنسبة للأمن الغذائي والمائي لم تتحقق فيه أمور كبيرة، لأنها عبارة عن مبادرات فردية. وبخصوص الاتحاد الجمركي، يضيف السيد التويجري إن هناك عمل قائم حيث تواصل كل من لجنتي المفاوضات التجارية والتعريفة الجمركية عملهما، غير ''أن الشيء الذي نريد أن يصدر بشأنه قرار من القمة -كما قال- هو الانتهاء من الجداول وهياكل الرسوم في عام 2012 حتى يتسنى لنا الولوج في سنة 2015 للاتحاد الجمركي''. أما بالنسبة للأزمة المالية وتداعياتها على الاقتصاديات العربية، قال السيد التويجري أن الدول العربية استطاعت أن تخطو خطوة جيدة في هذا الشأن، حيث تم تأسيس مجلس وزراء المالية العرب الذي يتكفل بدراسة الآثار المترتبة عن الأزمة المالية على الاقتصاديات العربية. وسيكون صندوق النقد العربي بمثابة أمانة المجلس الوزاري، حيث تقدم بعدة أوراق علمية تخص السبل التي يجب اعتمادها بالنسبة للازمة المالية وكيفية تجنب تداعياتها على الاقتصاديات العربية. وسيكون ملف مبادرة البنك الدولي للمساهمة في إقامة بعض مشاريع البنية التحتية في العالم العربي احد المواضيع التي ستدرسها القمة، حيث من المقرر أن يستعرض مدير البنك الدولي محمود محيي الدين تفاصيل المبادرة وكيفية تنفيذها وكيفية استفادة الدول العربية منها. وكان مدير البنك الدولي قد أعلن مؤخرا ان البنك سيقوم بالتنسيق مع جامعة الدول العربية بمساندة أولويات التنمية في العالم العربي، خاصة في مجالات التنمية البشرية والاستثمارات وتوليد فرص العمل من خلال المشروعات الصغيرة والمتوسطة. وأشار إلى أن مبادرة العالم العربى ترتكز على مبادىء تستهدف المساهمة والمساندة في تحقيق التنمية الشاملة وتعزيز فرص التعاون بين الدول العربية، حيث تشمل كافة الدول العربية الأعضاء في جامعة الدول العربية دون استثناء. واستبعد مسؤولو الجامعة العربية أن تطغى القضايا الاقتصادية على القضايا الاجتماعية المدرجة في أجندة القمة وخاصة موضوع دعم البرنامج العربي للتشغيل والحد من البطالة. كما تشكل سياسة مكافحة الفقر خاصة في الدول اقل نموا والعمل على تحقيق الاهداف التنموية للالفية بناء على البرنامج التنموي للامم المتحدة اهم ملامح الملف الاجتماعي الذي سيعرض على القمة.