عرض وزير العلاقات مع البرلمان السيد محمود خذري، أمس، أمام نواب المجلس الشعبي الوطني مشروع القانون المتضمن ضبط الميزانية سنة 2008 بعد انقطاع دام أكثر من 27 سنة، وأعلن بأن الحكومة صرفت أكثر من 90 بالمائة من ميزانية تلك السنة وهو ما يمثل 4445 مليار دينار. وناب السيد خذري، أمس، عن وزير المالية السيد كريم جودي الموجود في فترة نقاهة، وقدم في جلسة علنية ترأسها السيد عبد العزيز زياري رئيس المجلس الخطوط العريضة لأول قانون لضبط الميزانية منذ سنة 1984 . موضحا أن هذه الخطوة ستساهم في تعزيز الرقابة على المال العام وستدعم مبدأ الفصل بين السلطات. وحمل عرض السيد خذري حصيلة رقمية عن كل العمليات المالية التي تم تنفيذها خلال سنة 2008 وتدقيقات حول حجم الميزانية العامة وتفرعاتها في مختلف القطاعات. ولاحظ الوزير بأن الجباية البترولية لا تزال تمثل النسبة الأكبر من إيرادات الميزانية وذلك بنسبة 80,62 بالمائة، وأضاف أن الحكومة صرفت من الميزانية السنوية المقدرة ب4882 مليار دينار 4445 مليار أي بنسبة قاربت 90 بالمائة من حجم الميزانية. وبخصوص ميزانية التجهيز، أكد أن قطاعات السكن والطرقات والري استحوذت على الحصة الأكبر وذلك باعتمادات بلغت 2304 ملايير دينار. أما فيما يخص ميزانية التسيير فقد سمحت برفع عدد موظفي الوظيفة العمومية من 3,1 مليون موظف إلى 45,1 مليون موظف، وذلك لتغطية الاحتياجات المتزايدة في قطاعات التربية والداخلية والتعليم العالي والصحة. وسجل مشروع القانون أيضا تمويل 10637 مشروعا في إطار دعم المقاولات الشبانية الشيء الذي مكن من إنجاز أكثر من 31 ألف منصب شغل. وعرفت سنة 2008 حسب نص المشروع ارتفاعا في فاتورة الاستيراد بفعل المنحى التصاعدي لأسعار المواد الاستهلاكية في الأسواق العالمية وهو ما أدى بالحكومة إلى اتخاذ تدابير ''اجتماعية'' عبر تخصيص ميزانية لدعم المواد الاستهلاكية. ومن جهة أخرى، كشف مشروع قانون ضبط الميزانية عن قائمة الدوائر الوزارية التي استفادت من تحويلات مالية خلال 2008 ويقصد بتلك التحويلات، تلك الاعتمادات المخصصة لتغطية عمليات استثنائية أقرتها الحكومة، ويتعلق الأمر بكل من وزارات التربية الوطنية ب76 مليار دينار ثم الداخلية والجماعات المحلية ب61 مليار دينار ثم الدفاع الوطني فالصحة والسكان وإصلاح المستشفيات والتضامن الوطني والتعليم العالي. ووجهت تلك التحويلات التي تمت بموجب مراسيم رئاسية إلى إصلاح إجراءات التشغيل بواسطة أجهزة للمساعدة على الإدماج المهني، وتغطية الأثر المالي الناجم عن زيادة منحة الأجر الوحيد والتكفل بزيادة منحة التمدرس لفائدة التلاميذ المعوزين وتسديد القسط الثاني من الدين المستحق للوكالة الوطنية للنشر والإشهار فيما يخص الإعلانات المؤسساتية وتخصيص اعتمادات إضافية لتغطية مجانية الكتاب المدرسي والتكفل بالنفقات المتعلقة بتنظيم تربصات التحضير في الجزائر وفي الخارج للمنتخبات الرياضية الوطنية وتغطية عملية مسح الضرائب لفائدة تجار مدينة غرداية بعد فيضانات شهر أكتوبر .2008 وفي سياق العمليات التي قامت بها الحكومة سنة 2008 أشارت وزارة المالية في مشروع قانون ضبط الميزانية إلى شراء ديون البلديات، حيث كلفت العملية 32 مليار دينار. وعلى صعيد آخر فإن اللافت في عرض مشروع قانون ضبط الميزانية أمس، هو نقص اهتمام النواب بالمناقشة، حيث أنه من أصل 389 نائبا بالمجلس فقد تم تسجيل 34 متدخلا فقط، وهو ما جاء متناقضا مع رغبة سبق وأن عبر عنها ممثلو الشعب في أكثر من مرة من خلال مطالبتهم الحكومة بإصدار قانون ضبط الميزانية لتمكينهم من مراقبة المالية العمومية. وأرجع أحد أعضاء لجنة المالية رفض الكشف عن هويته ''عزوف'' النواب عن المناقشة رغم الأهمية التي يكتسيها القانون إلى عدم تحكمهم في الأرقام المقدمة بالنظر إلى ''التعقيدات'' التي جاء بها النص واكتفائه بتقديم أرقام ''جافة''. وأضاف أن لجنة المالية اجتهدت كثيرا لفهم هذا القانون الذي يعد جديدا بالنسبة للنواب خاصة في ظل غياب المنهجية في تقييم مثل هذه النصوص.