ينتظر سكان بوزريعة إتمام تهيئة العديد من الأحياء، التي تعطلت بها المشاريع المبرمجة في مختلف القطاعات، حيث لم تتمكن المجالس البلدية التي تعاقبت على هذه البلدية الواقعة في الشمال الغربي للعاصمة، استغلال الإمكانيات المالية والمادية التي تتوفر عليها، لتحقيق التنمية وتغيير وجه المدينة، كما تحول العقار من نعمة إلى نقمة، فعوضا أن تشيد عليه مختلف المرافق والهياكل الضرورية، أصبح من المشاكل العويصة والفضائح التي تعالج في المحاكم، حيث بلغ عدد القضايا المحالة على العدالة لحد الآن حوالي 600 قضية. المتجول بالأحياء الرئيسية والفرعية لبوزريعة يكتشف النقص الكبير في التهيئة والمرافق الضرورية، منها التربوية، والرياضية والثقافية، وغياب النظافة وانتشار القمامة، التي أفقدت البلدية جمالها الذي تستمده من أشجار الصنوبر المنتشرة بكثرة على جنبات طرقها الرئيسية، ومن غابة باينام، أكبر غابات العاصمة بهوائها النقي، وموقعها الاستراتيجي المطل على البحر والمقابل لبولوغين العريقة، غير أن هذا الجمال الطبيعي، لم ينعكس على وضعها التنموي، حيث تحولت من منطقة جميلة ساحرة إلى مدينة محاطة بأكواخ موزعة بأربعة عشر حيا منها لافونتون، حي الدخان، باشوليي، البلدية القديمة، سيلاست طريق بوفريزي، وبوزريعة وسط، حيث لا يخفى على زائر بوزريعة ملاحظة حجم هذه الأكواخ التي شوهت المنطقة، وزادتها سوءا البيوت الهشة التي انتشرت بكثرة، حيث تذكر الإحصائيات وجود 2788 بيتاً قصديرياً، منها 684 بيتاً في حي بوسماحة الذي يعد أكبر مجمع قصديري.
600 قضية متعلقة بالعقار أمام العدالة وعلى غرار البلديات الأخرى، تعاني بلدية بوزريعة من تراكم طلبات السكن بسبب قلة الحصة التي تسلمتها، حيث لم تتسلم أية حصة من السكن الاجتماعي منذ 2007 رغم أن الملفات المودعة بلغت حوالي 6000 ملف، بينما تسلمت 600 سكن تساهمي مقابل 1855 ملفا تم إيداعه، وزعت بنسبة 84 بالمئة. فالمعاناة مع مشكل السكن ونقص المرافق طالت هذه البلدية بسبب الانتهاكات التي تورط فيها مسؤولون محليون لم يلتزموا بوعودهم الانتخابية، مما عرقل التنمية التي لم ترق إلى ما يصبو إليه السكان الذين تزايد عددهم ليصل إلى حوالي 86 ألف ساكن، وهي الكثافة التي لم يرافقها إنجاز في المرافق، بل رافقتها فوضى العمران خاصة في السنوات الأخيرة، حيث أصبح السكان ينجزون سكناتهم حسب أهوائهم دون أدنى احترام لمعايير البناء، إلى درجة استيلاء البعض على الرصيف، فتحولت بوزريعة إلى ''مدينة للقصدير الصلب''، على حد تعبير رئيس البلدية الحالي، الذي قال إن قرار تجميد منح رخص البناء ''لتفادى الكارثة، والمسؤولية هي مسؤوليتنا'' في إشارة الى المسؤولين المحليين الذين يمنحون رخص البناء ثم ينسحبون تاركين المستفيد ينجز بنايته كما يحلو له. فلا شك أن من يزور بوزريعة يلاحظ تلك الأشغال التي لا تنتهي خاصة مع انتشار التعاونيات الموجودة في كل مكان، في إطار قانوني وغير قانوني، والناتجة عن التلاعب بالعقار الذي تحول إلى مشكل حساس يعالج في المحاكم، من خلال 600 قضية توجد حاليا أمام العدالة حسب رئيس البلدية السيد عبدي عبد الرحمن، الذي أكد أن انتهاكات حدثت في العقار، مما حول البلدية إلى واجهة للفوضى، ولم تعد تستوعب ساكنيها، حتى أن بعض الجشعين التهموا الطريق وقطعوه على المارة.
أحياء بدون تهيئة وأقسام ب 43 تلميذاً ولإنقاذ ما تبقى شرع المجلس الشعبي البلدي، الذي أودع رئيسه السابق الحبس في أفريل الفارط، في عملية جرد ومسح الأراضي لمعرفة العقار الحقيقي الذي تملكه البلدية، وكذا الانطلاق في تجسيد بعض المشاريع، منها إنجاز نافورة وسط المدينة، لإعطائها الوجه اللائق الذي افتقدته، غير أن النافورة التي أنجزت في مكان النجمة التي كانت بوزريعة تعرف بها، أنجزت في مكان ضيق لا يصلح، كما تفتقر لمعايير الجمال، فلا شيء تغير بتدشينها وهو ما اعتبره السكان إهدارا للمال العام، لأنها لم تضف شيئا لوسط المدينة، التي تضم مقر البلدية ومسجد الشيخ علي مغربي - الفتح سابقا - الذي يتوسط ساحة بوزريعة وهو بجوار المستشفى الجواري، كما شرعت السلطات المحلية في تهيئة الطرق والأرصفة، التي لا تزال تؤرق السكان، خاصة بحي ''المنزل''2 ببوسماحة، حيث لم يتم بعد تعبيد الطرق التي تحولت إلى هاجس للسكان بسبب انتشار الغبار صيفا والأوحال شتاء، فضلا عن غياب الغاز الطبيعي والإنارة العمومية بعدة أحياء مثل فيلا سيلاست، سيدي مجبر وبوسماحة، التي قال بعض سكانها إنهم يعانون منذ سنوات خاصة أطفال المدارس الذين يقطعون مسافات بعيدة للالتحاق بالمؤسسات التربوية التي تغيب هي الأخرى بعدة أحياء. فلا يعقل - يقول بعض سكان حي المنزل2 وبوسماحة - أن يدرس تلميذ في مدرسة تبعد أكثر من أربع كيلومترات عن مقر سكناه، وكأننا في منطقة ريفية وليس في بلدية بوزريعة، التي تعاني أيضا من الاكتظاظ في الأقسام التي تضم 43 تلميذا في القسم، مما انعكس سلبا على تحصيل التلاميذ الذين يتنقلون من بوسماحة إلى مدرسة سيدي يوسف التابعة لبني مسوس للدراسة، أو من بوسماحة إلى مدرسة بوحمام البعيدة أيضا، وهذا في غياب النقل المدرسي الذي جعل التلاميذ يعتمدون على النقل الخاص للذهاب إلى المدرسة، وذلك في انتظار تدعيم قطاع التربية بمؤسسات أخرى، منها مشروع مدرسة بحي المنزل 2 ''لاكاريير'' حيث تم اختيار الأرضية لتخفيف الضغط على مدرسة سيدي يوسف وبوحمام التي ستستلم أيضا ثانوية في حي لافيجي تتسع لألف تلميذ، كما سيبرمج مجمع مدرسي بحي''لافونتون''، ومدرسة، إكمالية وثانوية بحي طريق الشروق بوفريزي لتخفيف الضغط على الجهة الغربية للبلدية.
سوء الاستقبال يؤرق المواطنين وإذا كانت الجهات المسؤولة قد برمجت بعض المشاريع والمرافق لتلبية انشغالات المواطنين، فإن سوء الاستقبال من قبل بعض الأعوان يبقى يؤرق السكان، فمقر البلدية يشهد كما لاحظت ''المساء'' فوضى عارمة طيلة أيام الأسبوع، وما يشد الانتباه أكثر هو التواجد المكثف لأعوان أمن البلدية، الذين لا يجد بعضهم حرجا في استفزاز المواطنين وتجاهل الرد عن استفساراتهم، مما يؤدي الى حدوث ملاسنات، تتطور إلى مشادات بالأيدي بين الأعوان وبعض الشباب الذين اعتبروا هذه التصرفات، سببا في تعطل مصالحهم وتساءلوا في حديثهم ل''المساء''عن جدوى وجود أعوان لا يؤدون مهامهم بقدر ما يستفزون المواطنين، خاصة الشباب الذين أرقهم أيضا غياب المنشآت الرياضية التي يلجأون إليها لممارسة مختلف النشاطات، عوضا عن المقاهي والشارع الذي يخبئ المفاجآت غير سارة للعائلات والمجتمع بصفة عامة، فرغم أنها تتربع على مساحة 800,12 كيلومتر مربع، فإن بلدية بوزريعة لا تحتوي إلا على ملعب وحيد موجود منذ الفترة الاستعمارية، فرغم موقعه الاستراتيجي كونه محاذيا لغابة باينام ويتربع على مساحة شاسعة، بقي يراوح مكانه، حيث أوكلت مهمة تهيئته لمقاول اختير من قبل مديرية الشباب والرياضة، إلا أنه لم يشرع بعد في الأشغال. ولا تقتصر مشاكل بوزريعة على مشكل نهب العقار ونقص التهيئة وغياب المرافق الهامة، لأن نقص النظافة وانتشار القمامة في كل مكان شوه عدة أحياء، بما فيها وسط المدينة وعلى حواف الطرق الرئيسية، حيث يتم رمي النفايات الصلبة التي تلفظها ورشات البناء بطريقة عشوائية فوق الأرصفة، مما يشكل عائقا أمام عمال النظافة، فضلا عن رمي الفضلات المنزلية في كل الأوقات، فلم يسلم حتى محيط الجامعة من هذه الظاهرة التي شوهت المحيط، قبل أن تتدخل مصالح البلدية لتحوله إلى مساحات خضراء، تعتبر متنفسا للمسنين والأطفال، إلى جانب غابة باينام التي تحولت إلى متنفس للعائلات خاصة خلال العطل. وفي رده على انشغالات المواطنين، وعد عبد الرحمن عبدي الذي يسير مصالح بلدية بوزريعة منذ إيداع رئيسها السابق الحبس، بمواصلة تهيئة الأحياء بالطرق والأرصفة وإنجاز بعض المرافق الضرورية منها مؤسسات تربوية للحد من الاكتظاظ في الأقسام، وسوق جواري بحي لافونتون مكون من 15محلا، وطاولة ستوزع على شباب الحي، بالإضافة إلى 40 محلا في إطار مئة محل بنفس الحي ستستلمها البلدية في أفريل المقبل، فضلا عن الجزء المتبقي من سوق أحمد عمرون الذي سيفتح في مارس القادم، كما ستستعيد المركز الثقافي بحي هواء فرنسا إما من خلال الترميم أو التهديم لإنجاز مجمع كبير بمقاييس جديدة، وتهيئة مركز بوزريعة الذي أصبح هشا ويشكل خطرا على القاطنين به، بينما يستفيد أيضا حي شوفالي من روضة للأطفال.