قدم الأميرال وليام فالون قائد القوات الأمريكية في الشرق الأوسط التي تشمل العراق وأفغانستان استقالته أول أمس بعد جدل كبير أثير داخل الولاياتالمتحدةالأمريكية حول اعتراضه على سياسة الرئيس الأمريكي جورج بوش بشأن سبل تسوية الأزمة النووية الإيرانية·
وقبل وزير الدفاع الأمريكي روبرت غيتس استقالة الأدميرال وليام فالون الملقب ب"فوكس"، وقال في تصريح صحفي أمس ان فالون سيترك الخدمة نهاية الشهر الحالي وأن نائبه الجنرال مارتن ديمبسي سيتولى مسؤولية القيادة المركزية إلى حين اختيار خليفة له على المدى البعيد· وجاءت استقالة فالون بعد نشر تقارير صحفية تحدثت عن وجود خلافات حادة بينه وبين إدارة الرئيس بوش حول كيفية التعاطي مع الملف النووي الإيراني، حيث صوره مقال في مجلة "أسكواير" على أنه يتحدى الرئيس بوش بشأن السياسة المنتهجة تجاه إيران· وأشار المقال الذي حمل عنوان "رجل بين الحرب والسلم" إلى أن فالون يدفع الإدارة إلى تجنب الحرب مع هذه الدولة وهو ما جعل الخلافات تتأجج بينه وبين الرئيس بوش·وبرر الاميرال فالون استقالته بالقول ان هناك مقالات صحفية حديثة تشير الى خلافات بين أرائه وأهداف السياسة التي يتبعها الرئيس بوش أدت إلى تعقيد الامور في مرحلة حرجة وعرقلت جهود القيادة في المنطقة· و رغم نفيه وجود خلافات بين أهداف السياسة الأمريكية في مجال مسؤولية القيادة المركزية، اعتبر مجرد تصور بسيط لوجود هذه الخلافات يجعل من الصعب بالنسبة له أن يخدم مصالح الولاياتالمتحدة في الشرق الأوسط بشكل فعال·ورغم أن التقرير الذي نشرته المجلة بدا سببا ظاهريا في استقالة فالون، فقدفتح المجال أمام طرح التساؤلات حول الدوافع الحقيقية التي اضطرته إلى الرحيل· تساؤلات دفعت بعديد المتتبعين إلى اعتبار استقالة فالون مؤشرا على استعداد إدارة الرئيس بوش لشن حرب ضد إيران لإرغامها على التخلي عن برنامجها النووي، وهو الأمر الذي يتطلب رجلا آخر غير فالون للقيام بهذه المهمة·لكن وزير الدفاع الأمريكي روبرت غيتس استبعد هذه الفرضية واعتبر أنها جاءت نتيجة تراكمات كثيرة حول اختلاف الآراء بين القائد العسكري والرئيس بوش· وكان الأميرال فالون انتقد ما وصفه بدق طبول الحرب في إشارة إلى السياسة الأمريكية تجاه إيران ودعا إدارة بلاده إلى اتخاذ سبيل غير الحرب لتسوية هذا الملف· ولكن الرئيس بوش أشاد بخصال الرجل في بيان لم يشر إلى أسباب استقالته وقال انه خدم بلاده بشرف وتصميم وتفان لمدة أربعين عاما ويعود الفضل له في النتائج التي حققت في العراق وأفغانستان·وقد أثارت استقالة فالون ردود فعل كثيرة داخل الولاياتالمتحدة لا سيما من جانب الديمقراطيين في الكونغرس الذين تحاملوا بعنف على إدارة الرئيس بوش واعتبروا أن القائد المستقيل دفع ثمن تصريحاته· وقالت النائبة هيلاري كلينتون أن فالون كان يمثل صوت العقل في إدارة تستخدم خطابا استفزازيا حيال إيران·في حين اعتبر زعيم الأغلبية الديمقراطية في المجلس هاري ريد أن رحيل فالون يشكل دليلا جديدا على أن هذه الإدارة لا تشعر بالارتياح لاستقلال الخبراء وتعبيرهم بصراحة وانفتاح عن أرائهم· ومهما كانت دوافع استقالة الأميرال وليام فالون وأنها تعبر بكل وضوح عن فشل سياسة الرئيس بوش في تعامله مع الأزمات والصراعات التي أثقلت كاهل منطقة الشرق الأوسط ،كما يشكل ذلك ضربة لإستراتجيته في العراق الذي لم يعرف معنى الاستقرار بعد خمس سنوات من الغزو الأمريكي، وكذلك الحال بالنسبة لأفغانستان الجبهة الأخرى المفتوحة أمام كل الاحتمالات·