رفضت المحكمة العليا في باكستان قرار الرئيس الباكستاني إعلان حالة الطوارئ في البلاد وتعليق العمل بالدستور، فيما لجأ مشرف إلى إقالة رئيس المحكمة افتخار شودري وعين مكانه عبد الحميد دوغار· وأوضحت مصادر إعلامية أن هيئة مؤلفة من ثمانية من قضاة المحكمة العليا اجتمعوا برئاسة شودري وقرروا رفض قرار مشرف، مضيفة أن الهيئة طالبت من جميع أعضاء المحكمة العليا ألا يؤدوا القسم أمام مشرف في ظل قرار إعلان حالة الطوارئ ووصفت المحكمة العليا قرار مشرف "بأنه غير شرعي وغير دستوري" ودعت الجيش والشرطة والموظفين المدنيين والعسكريين إلى عدم القبول بالقرار ورفض تأدية القسم أمام الرئيس· وكان الرئيس مشرف اضطر أمس الى إعلان حالة الطوارئ في عموم الأقاليم الباكستانية على خلفية التدهور الأمني في البلاد والذي أصبح يهدد بانزلاق عسكري تام· واستدعى الرئيس الباكستاني والذي يشغل ايضا منصب وزير الدفاع وزراء حكومته مساء أمس في اجتماع استعجالي لبحث التطورات المتلاحقة في البلاد· وقال أحد مستشاري الرئيس برويز مشرف أن هذا الأخير أعلن حالة الطوارئ في البلاد في وقت تم فيه قطع كل برامج القنوات التلفزيونية الخاصة والاتصالات الهاتفية الدولية في أول اجراء تنفيذي للقرار الجديد· كما ألغى الرئيس الباكستاني ضمن هذا الإجراء العمل بالدستور الساري العمل به منذ سنة 1973 دون أن يكون لذلك تأثير على عمل المجالس النيابية المنتخبة· وحسب ما تسرب من مصادر الرئاسة الباكستانية فإن قرار اعلان حالة الطوارئ جاء بسبب عصيان الجماعات الاسلامية المسلحة وتدخل المحكمة العليا في الشؤون السياسية· وذكر متتبعون لتطورات الوضع في باكستان ان قرار إعلان حالة الطوارئ جاء على خلفية الاشاعات المتلاحقة التي روجت خلال اليومين الأخيرين إلى إحتمال رفض المحكمة الدستورية لنتائج فوز الرئيس مشرف بعهدة ثانية عشية انتهاء عهدته الحالية منتصف الشهر الجاري· ونقلت تقارير علامية أمس محاصرة مقر المحكمة من طرف تعزيزات قوات الجيش والقوات شبه النظامية الباكستانية في مؤشر واضح على رفض الرئيس برويز مشرف لأي قرار قد يمنعه من الترشح لقيادة باكستان لعهدة ثانية· وفي أول رد فعل على قرار فرض حالة الطوارئ، قررت رئيسة الوزراء السابقة بي نظير بوتو عدم العودة الى البلاد ثانية في ظل حالة الاستثناء وهي التي كانت تطمح لخوض سباق الرئاسيات ومنافسة الرئيس مشرف للظفر بكرسي الرئاسية في إسلام أباد· ولكن عودتها الى كراتشي بعد سنوات من المنفى الإضطراري كان دمويا بعد ان استقبل موكبها في هذه المدينةالباكستانية الرمز بأعنف تفجير إنتحاري أودى بحياة قرابة مائتي شخص ومئات المصابين· وكان الرئيس مشرف حقق فوزا كاسحا في انتخابات الرئاسة يوم السادس من شهر أكتوبر الماضي بعد ان ضمن أصوات أكثر من 95 بالمئة من نواب البرلمان الوطني وبرلمانات الأقاليم ولكن فوزه بقي رهين قرار المحكمة العليا التي ستعود لها كلمة الحسم النهائي في ذلك· وينتظر أن يعقد قضاة هذه المحكمة يوم 12 نوفمبر الجاري اجتماعا مصيريا للبت في نتائج الانتخابات الرئاسية غيرالمباشرة ولكن الاشاعات المتلاحقة التي سبقت قرار أعلى هيئة قضائية في البلاد سرّع الأمور وانتهى إلى اعلان حالة الطوارئ بما سيجعل كل نشاط سياسي أو قضائي مجمد الى إشعارآخر بما فيه القرار الذي ينتظره الجميع: هل سيثبت الرئيس مشرف في منصبه أم أنه سيحرم منه؟ وكانت العلاقة توترت بين الرئيس الباكستاني ورئيس المحكمة العليا بداية العام دفعت بالرئيس مشرف الى عزل القاضي إقبال من منصبه ضمن قرار رفضه هذا الأخير وأيده المحامون الرافضون لفرض منطق الجهاز التنفيذي على السلطة القضائية· ودخل الطرفان في قبضة حديدية ومظاهرات متواصلة أرغم على إثرها الرئيس الباكستاني على إرجاع رئيس المحكمة العليا الى منصبه. *