تحركت المعارضة الباكستانية نهاية الأسبوع باتجاه الإطاحة بنظام الرئيس برويز مشرف بعد هدنة ميزت علاقات الطرفين منذ إنتخابات النيابة الأخيرة التي سمحت بعودة أحزاب المعارضة الى رئاسة الحكومة الباكستانية. فقد أعلن الإئتلاف الحكومي الذي تشكل قبل أربعة أشهر ويضم في صفوفه أهم أحزاب المعارضة وفي مقدمتها حزب الشعب الذي يقوده عاصف علي زرداري زوج الزعيمة الباكستانية الراحلة بنظير بوتو وحليفه رئيس حزب الرابطة الإسلامية نواز شريف نهاية الأسبوع، عزمه على مساءلة الرئيس مشرف تمهيدا لعزله من منصبه بتهمة التقصير في مهامه. وقال زرداري في ندوة صحفية نشطها إلى جانب حليفه في الائتلاف الحكومي نواز شريف للإعلان عن القرار، إن هناك أنباء سارة للديمقراطية بحيث لا يوجد مفر من التحرك باتجاه توجيه اتهام بالتقصير إلى الرئيس مشرف، وأضاف أن الائتلاف الحكومي يرى أنه أصبح من الضروري المباشرة في إجراءات إقالة الجنرال مشرف. وأكّد رئيس الوزراء السابق نواز شريف والذي أطاح به الجنرال مشرف قبل ثمانية أعوام دعمه للاجراء الرامي الى عزل هذا الأخير. وفي حال تمكنت احزاب المعارضة الباكستانية من عزل الرئيس مشرف ووضع حد لحياته السياسية، فإن ذلك سيكون أول سابقة في تاريخ الممارسة السياسية في هذا البلد المعروف عنه عدم الاستقرار السياسي والانقلابات العسكرية والاغتيالات السياسية. ودفعت هذه التطورات بالرئيس الباكستاني برويز مشرف إلى إلغاء زيارته التي كان يعتزم القيام بها إلى الصين لحضور حفل افتتاح الألعاب الأولمبية في بيكين بعد ورود تقارير بشأن قيام الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحاكم بالإعداد لمشروع اتفاق بشأن تقديمه للمحاكمة، وأوفد بدلا عنه رئيس وزرائه يوسف رضا جيلاني. وحذر مسؤول في الرابطة الإسلامية الباكستانية المقربة من الرئيس برويز مشرف من أن إعلان الائتلاف الحكومي بدء إجراءات عزل الرئيس سيقود البلاد نحو الكارثة. وأكّد طارق عظيم وزير الإعلام السابق في الحكومة الأخيرة الموالية لمشرف على معارضة الحزب الحاكم لتحرك الائتلاف الحكومي ووصفه بأنه محاولة غير شرعية لا تستند إلى أي أساس قانوني، وأضاف أنها من دون أي شك ستقود البلاد نحو كارثة وزعزعة الاستقرار فيه. للإشارة، إن البدء في اتخاذ الاجراءات الخاصة بعزل الرئيس مشرف يتم عبر تقديم لائحة اتهام تعرض على البرلمان للتصويت عليها وبعد إقرارها بأغلبية الثلثين، يقوم رئيس الجمعية الوطنية بإبلاغ رئيس الدولة بوجوب التنحي. لكن الوزير الباكستاني السابق استبعد تمكن الائتلاف الحكومي من جمع أغلبية الثلثين في البرلمان بغرفتيه الضرورية لإقالة مشرف. وأضاف أن هذا الأخير لم يعد قائدا للقوات المسلحة منذ عام 2007، يمكنه نظريا من حل الجمعية الوطنية والدعوة إلى انتخابات مبكرة مقرا في الوقت نفسه بأن هذا الخيار "سيكون مضرا بالديمقراطية وبالاقتصاد"، وهو ما يعني احتدام القبضة بين الرئيس مشرف والائتلاف الحكومي مما يضع باكستان في دوامة أزمة سياسية حادة تجهل عواقبها. وكان الحزب الحاكم دخل في عملية شد وجذب مع المعارضة بعدما خسر الانتخابات التشريعية في ال18 فيفري الماضي، والتي وضعت الرئيس مشرف في موقف حرج اضطر على إثرها الى قبول التعايش مع تلك المستجدات مكرها مستغلة الخلاف بين أهم حزبين في الائتلاف الحكومي حول كيفية التعامل معه، ولكنها استطاعت بعد قرابة أشهر من الممارسة من التوصل الى اتفاق بعدما كان حزب الرابطة الإسلامية بزعامة نواز شريف يطالب برحيل الرئيس، بينما أكّد حزب الشعب على امكانية التعايش مع مشرف في حال جرد من بعض صلاحياته. وكان الخلاف احتد بين مشرف وخصومه في حزب الرابطة وحزب الشعب حول مصير قضاة المحكمة العليا ورئيسها السابق افتخار محمد شودري الذين عزلهم مشرف، وأصرت أحزاب المعارضة على عودتهم الى مناصبهم. وكان الرئيس مشرف الذي يحكم البلاد منذ الانقلاب العسكري الذي قاده عام 1999، اضطر إلى التخلي عن زيه العسكري مقابل استمراره في منصبه لكن ذلك لم يكن كافيا لإسكات صوت المعارضة المطالبة بتنحيته نهائيا عن الحكم. غير أن قرار الائتلاف الحاكم لم يثر استنكار واشنطن التي طالما اتخذت من إسلام أباد حليفا استراتيجيا في حربها على ما تصفه بالإرهاب. واعتبرت وزارة الخارجية الأمريكية أن بدء الائتلاف الحكومي في باكستان، إجراءات ترمي إلى عزل الرئيس برويز مشرف هو شأن باكستاني داخلي. وقال المتحدث باسم الخارجية غونزالو غاليغوس إن بلاده أكدت دائما على أن القرار يعود للشعب الباكستاني في تحديد شؤون بلاده الداخلية. وأضاف أن من مسؤولية القادة الباكستانيين تحديد الطريق الواجب سلوكها لجعل باكستان بلدا حديثا وديمقراطيا.