احتفلت الجزائر مؤخرا باليوم العالمي للمكتبات مستعرضة تجربتها الهادفة لتأسيس قواعد متينة للمقروئية وكذا العودة إلى الكتاب الورقي الذي يشهد انتعاشا ملحوظا عندنا منذ سنوات. المناسبة كانت فرصة لاستعراض واقع الكتاب عندنا وعلاقته بالوسائط الإعلامية خاصة الأنترنت، فعلى الرغم من رواج الكتاب الإلكتروني فإن الكتاب الورقي بقي هو الأساس إذ أنه مثلا متكأ هاما لجمهور الطلبة كما أنه وبدون منافس أنيس خاص وصاحب سر خاص. المكتبات في بلادنا حسب الملاحظين تزداد وعيا وتقطع شوطا مهما نحو الاحترافية وتحسين المردود سواء على الصعيد الثقافي أو الاقتصادي. غالبا ما ترتبط المكتبات بالمقروئية العمومية التي هي مسعى تثقيفي في المقام الأول، كما أنها غير مقيدة ولا تخضع إلى حاجة تعليمية معينة بل هدفها المتعة والفائدة وملء الفراغ، من فوائدها اكتساب ثروة لغوية للقارئ والتعود على سرعة المطالعة وإثراء المعارف وبناء القدرة على الفهم والتقدير والمناقشة والاستنتاج. من جهة أخرى فإن عملية النشر بالجزائر لا تزال محتشمة، فنحن لا نملك دور نشر كبيرة وعديدة، والمنتجة منها لا تتجاوز أصابع اليدين، أما الباقية فهي عبارة عن دور نشر خاصة بالمناسبات والتجارة التي لا علاقة لها بالكتاب والترويج له وهي لا تلتفت إلى كتاب الفكر والثقافة ولا تنتج أكثر من 1500 عنوان سنويا. للإشارة فإن العمل المكتبي يتطلب شروطا معينة وخبرة تسمح له بترويج الكتاب ولعل من أهم عوامل نجاح العمل المكتبي هو الموقع المناسب للمكتبة ومؤهلات العامل المكتبي العلمية والنفسية والاجتماعية، وكذا تنوع محتويات المكتبة وتقنية الإعارة بين المكتبات ومكتبات الطوارئ التي تعير الكتب لمدة 24 ساعة فقط، إضافة إلى شروط الكتاب التي تحترم فيه معايير النظافة والجمال والصيانة والاستغناء عن الكتب غير المطلوبة في مدة تتجاوز 10 سنوات، وكذلك المداومة على استطلاع آراء القراء والمداومة على تنظيم دورات تدريبية لعمال المكتبات ومراعاة توقيت المكتبات. للمكتبة اليوم نشاطاتها الموازية منها تنظيم ندوات ومعارض ومسابقات ونوادي القراء وغيرها. الاحتفالية كانت مناسبة أيضا للمطالبة بضرورة دعم الكتاب وتعميمه من خلال سياسة ثقافية تشجع المقروئية، وكذا بعث المكتبات البلدية ورعايتها من الجهات الوصية.