أحيا الفلسطينيون أمس ذكرى يوم الأرض في ظروف صعبة تمر بها قضيتهم التي تعاني الأمرين، انقسام أنهك كاهل البيت الفلسطيني منذ أكثر من أربع سنوات ونصف واحتلال همجي لا يكف عن اقتراف المزيد من الاعتداءات والخروقات بهدف التوصل إلى تطبيق خططه العدوانية في إقامة دولته العبرية على أنقاض فلسطينالمحتلة. وفي ذكرى يوم الأرض، جددت السلطة الفلسطينية تمسكها بافتكاك اعتراف دولي بدولة فلسطين وأكدت بأنها ستطلب من الجمعية العامة للأمم المتحدة في إطار الاتحاد من أجل السلام الاعتراف بها شهر سبتمبر المقبل رغم تهديدات اسرائيل من مغبة الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية المستقلة القائمة على حدود 1967 وعاصمتها القدسالشرقية. وفي هذا السياق، طالب المجلس الوطني الفلسطيني كل شعوب ودول العالم بدعم الشعب الفلسطيني ومساندته وتقديم كل أشكال المساعدة له لتمكينه من تقرير مصيره ''كي ينعم بحياة حرة وكريمة أسوة بباقي شعوب المعمورة''. وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبدى استعداده للذهاب إلى قطاع غزة بهدف فض الانقسام الداخلي بين أبناء الشعب الفلسطيني، وسبق ذلك دعوة رئيس الحكومة المقالة التي تديرها حركة ''حماس'' إسماعيل هنية عباس وحركة ''فتح'' إلى اجتماع فوري وعاجل وإطلاق حوار وطني شامل ينهي الانقسام داخل الساحة الفلسطينية. غير أن ذكرى يوم الأرض تأتي هذه المرة وسط تكثيف إدارة الاحتلال جهودها لنهب وسرقة المزيد من الأرض عبر استمرار سياسة الاستيطان بزرع آلاف الوحدات الاستيطانية في المستوطنات القائمة وبناء مستوطنات جديدة متحدية بذلك إرادة المجتمع والشرعية الدولية. لكن ذلك لم يثبط عزيمة الفلسطينيين التي لم تخمد منذ 35 سنة للدفاع عن أرضهم وكرامتهم والتصدي لهمجية الاحتلال، الماضي في انتهاكاته ومخططاته الممنهجة لسلب المزيد من الأراضي الفلسطينية. ومع حلول هذه الذكرى الأليمة عم إضراب شامل أمس مختلف المدارس والمؤسسات التربوية في جميع القرى والمدن العربية والمختلطة في الأراضي المحتلة عام .1948 كما جاء الإضراب ليعبر عن احتجاج الأقلية العربية على سن مجموعة من القوانين العنصرية التي تستهدفهم وعلى رأسها قانون المواطنة الذي يمنع لم شمل آلاف العائلات العربية التي أحد الزوجين فيها فلسطيني وليس مواطنا في إسرائيل. وسن الكنيست خلال السنتين الأخيرتين عددا من هذه القوانين العنصرية من بينها ''قانون النكبة'' الذي ينص على معاقبة المؤسسات مثل سلطات محلية وأندية الأحداث وغيرها التي تشارك في إحياء ذكرى النكبة من خلال وقف التمويل الحكومي عنها. وأحيت عشرات المدارس العربية في الجليل والمثلث والنقب والساحل الذكرى الخامسة والثلاثين ليوم الأرض بفعاليات ونشاطات تربوية مختلفة ومتنوعة في الأسبوعين الأخيرين. ويؤكد الفلسطينيون في ذكرى يوم الأرض من كل عام تمسكهم بأرض آبائهم وأجدادهم وتشبثهم بهويتهم الوطنية والقومية رغم عمليات القتل والإرهاب والتنكيل التي تمارسها سلطات الاحتلال بحقهم، كما أنها مناسبة لتؤكد على إصرار الفلسطينيين على تحرير وطنهم. وتعود أحداث يوم الأرض إلى يوم 30 مارس من عام 1976 عندما قامت السلطات الإسرائيلية بمصادرة أراض فلسطينية شاسعة ذات الملكية الخاصة أو المشاع في نطاق حدود مناطق ذات أغلبية سكانية فلسطينية مطلقه وخاصة في الجليل والمثلث والنقب في فلسطينالمحتلة عام .1948 وعلى إثر هذا المخطط قررت الجماهير العربية بالداخل المحتل إعلان الإضراب الشامل متحدية لأول مرة بعد احتلال فلسطين عام 1948 السلطات الإسرائيلية وكان الرد الإسرائيلي عسكريا، حيث دخلت قوات معززة من جيش الاحتلال مدعومة بالدبابات والآليات العسكرية إلى القرى الفلسطينية وأعادت احتلالها بالقمع والعنف والذي أدى إلى استشهاد ستة من الشبان الفلسطينيين وخلف جرحى في صفوف المدنيين العزل. ولازال الاحتلال منذ ذلك التاريخ يواصل انتهاكاته ضد الفلسطينيين ومصادرة الأراضي تحت حجج مختلفة لكن بهدف واحد هو نهب الأرض من أصحابها الفلسطينيين الأصليين وفرض الاحتلال كأمر واقع.