تعالت نداءات مختلف القوى وفعاليات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية في المغرب في نقطة تقاطع واحدة ألحت على حتمية خضوع كل الهيئات والأجهزة الرسمية المغربية لإصلاحات جذرية تجعل منها هيئات خاضعة لإرادة الشعب المغربي وحده. واشترطت هذه الفعاليات لتحقيق ذلك أن تسود الشفافية التامة في إدارة وتسيير مختلف الهيئات الرسمية بعيدا عن المحسوبية والمحاباة التي طبعت تدبير أمور البلاد منذ الاستقلال سنة .1956 وخرجت جمعية ''شفافية-المغرب'' أمس عن صمتها في سياق حركية الاحتجاجات المطلبية التي يشهدها المغرب مطالبة بتشكيل لجنة مكلفة بالقيام بإصلاحات أن تخضع كل الهيئات العمومية بما فيها الجيش الملكي للمراقبة الشعبية وان يقدم تقارير مفصلة عن طريقة تسييرها وإخضاعها لمراقبة شفافة مستمرة. وأكد تقرير لهذه المنظمة المغربية أنه يتعين تعميم فكرة ضرورة تقديم كل المستفيدين من المال العام لحسابات دورية على كيفية صرف الأموال التي يتحصلون عليها من الخزينة العمومية وخاصة المؤسسات والهيئات العمومية وحتى القوات الملكية المغربية. وقامت جمعية ''شفافية-المغرب'' بإرسال هذه الملاحظات إلى أعضاء لجنة الإصلاحات الدستورية التي شكلها الملك محمد السادس غداة إلقائه لخطابه يوم التاسع مارس الماضي وأوكل رئاستها إلى رجل القانون المغربي عبد اللطيف منوني. وتعهد الملك محمد السادس في خطابه القيام بإصلاحات جذرية في نظام الحكم المغربي وفصل حقيقي بين السلطات وتمكين جهاز العدالة من الحرية المفقودة التي عانى منها طيلة عقود. وينفق المغرب سنويا ما قيمته 3,1 مليار دولار سنويا لشراء الأسلحة دون أن يخضع هذا المبلغ الباهض لآلية مراقبة أو نقاش في البرلمان المغربي. وأكدت ''شفافية-المغرب'' أن كل تغييرات حقيقية في البلاد يجب أن تشكل قطيعة نهائية مع سياسة اللاعقاب المتبعة إلى حد الآن وخاصة ما تعلق بخرق القوانين الأساسية والثراء الفاحش للمسؤولين في مختلف مناصب المسؤولية وأضافت أن ذلك جاء كنتيجة حتمية لتنامي ظاهرة الرشوة وعلاقة الجمع بين الثروة والسلطة''. وهي الشعارات التي رفعها أيضا شباب حركة التغيير 20 فيفري المغربية التي تريد إحداث تغييرات جوهرية على طبيعة النظام المغربي بكيفية تجعل الملك مجرد منصب شرفي كما هو الحال في المملكات الدستورية في العالم. إلى جانب إدخال أنماط تسيير جديدة في دواليب الإدارة المغربية بكيفية تجعل منها أداة في خدمة المواطن المغربي لا وسيلة ضغط عليه من خلال بيروقراطية أثقلت كاهله. وجاء موقف موقف جمعية ''شفافية-المغرب'' يوما فقط بعد مسيرات شعبية ضخمة شهدتها مختلف المدن المغربية تلبية لنداء حركة التغيير 20 فيفري التي تصر على مواصلة مظاهراتها الشعبية في رسالة واضحة إلى الملك بعدم اقتناعها في صدق نواياه بإحداث ثورة حقيقية في دواليب العرش المغربي التي أصبح ملاذا للمنتفعين من ريوعه ويرفضون أي تغيير في نظام الحكم. وهو ما جعل شباب حركة التغيير 20 فيفري يعتقدون أن إقدام الملك محمد السادس على تقديم تلك الوعود بإصلاحات جوهرية إنما جاء تحت ضغط الشارع المغربي وحيلة لامتصاص رغبته في التغيير الحقيقي وهو ما يفسر مواصلتهم لمسيراتهم الاحتجاجية لإقامة مملكة دستورية يكون فيها الملك مجرد رمز دون أن يحكم.