بعد أن تغيبت الشاعرة رجاء الصديق عن الأمسية الشعرية التي كان من المفترض أن تحييها بحصن رؤساء البحر ,23 وتنزل من خلالها ضيفة على فرع الجمعية الوطنية الثقافية ''محمد الأمين العمودي''، وبعد تأكد غياب الشاعرة، استبدلها السائحي الصغير ب''شاعرة'' أخرى تدعى ابتسام معلم، وهي إضافة الى الشعر، تشتغل في المحاماة، أمام قلة قليلة جدا من الحضور بدأت الأمسية الشعرية. الشعر فن القول الجميل، بل الشعر صور وامتطاء لفضاءات قزاحية ومجرات لونية بعيدة، وعوالم موسيقية يتم إنتاجها من عذوبة صوتية داخلية، الشعر كل جمال الكلمات وقامات الفرح والحزن، ثم الشعر أوزان وإيقاعات موسيقية، وليس فوضى كما يظنه البعض وترصيف كلمات مسجوعة والتحرر من البحر والتفعيلة. الأمسية الشعرية التي أحيتها ''الشاعرة'' ابتسام معلم المتأثرة - كما قالت - بالشعر الجاهلي لامرؤ القيس، زهير بن أبي سلمى، المتنبي، رغم أن الكثير - حسب قولها - وصفوها بالمتأثرة بالشاعر نزار قباني. قرأت الشاعرة ابتسام معلم من مجموعتها الشعرية ''أيام عشق على لسان رجل'' قصيدة ''موطني'' والتي جاء في مطلعها: ''لما غفا الجفن وأنت فيك هائمة يا تلك بلدتي ما زرتها معذور ويا تلك بيتي وصديقتي ما زرتها مأجور'' كما قرأت قصيدة أخرى ''معشوقة الحي'' التي تقول فيها: ''بجدائل كسنابل أجدلت صباها كل رمش يترصد كسيف قاطع حول حماها ويداها المباركة كأوراق الكروم ووجهها المضيء بنجوم يتلألأ معشوقة الحي لا زالت طليقة سألوا عنها الجميع للوصول إلى الحقيقة معشوقة تتمنى عودة ذلك الفرح'' ثم قرأت ''الشاعرة'' ابتسام معلم قصيدة أخرى تحمل عنوان: ''عتاب امرأة لرجل'' والتي قالت في مستهلها: ''بوسعك أن تذل الجميع وتقلب حزنا قدوم الربيع بوسعك أن تشتري وتبيع أخاف عليك من الانهيار فكم وقع قبلك جبار'' وواصلت فارسة الأمسية الشعرية إلقاء قصائدها كقصيدة ''الأوقات'' التي جاء فيها: ''مرت حياتي أمامي تخاصم لماذا دائما طبعي مسالم'' ثم أردفتها بقصيدة ''الصياد والمها'' والتي جاء فيها: ''يا سالبا حس المها ظلما وجورا من عينيها وشردتها عن وكرها هاربة من سهامك المصوبة نحوي أنا بحجة.. أنا محببة تريد امتلاك سائل لو خاطبتني بلطف ورقة لو وفرت عني وعنك المشقة يا ظالمي أعد النهار وشمسه والاخضار'' كما قرأت قصائد أخرى مثل قصيدة ''من الحب أجمل'' وقصيدة ''قرار'' والتي قالت فيها: ''جدائل شعري وشعري ونثري عيون لك ولستك تدري'' هذه القصائد التي أبهرت الأستاذ السائحي وصفق لها طويلا، وقال في حقها لو أن الخليل بن أحمد بعث حيا لأنشأ لها بحرا إضافيا لبحوره. في المناقشة قالت ''الشاعرة'' أنها لا تخضع شعرها لا لبحر ولا لتفعيلة ولاحتى لقاعدة نحوية، نظرا للأخطاء ذات الوزن الثقيل التي وقعت فيها، الشعر عندها تعبير فحسب كأي كلام، لأن كل الكلام تعبير، لكن الشعر تعبير جميل، ولم تدرك ''الشاعرة'' أن التعبير الجميل إضافة إلى الموهبة والاطلاع الواسع لا يكون جميلا، إلا إذا كانت فيه موسيقى وهذه الموسيقى أو الإيقاعات هي التفعيلة أو بحور الشعر، ومادام السائحي أجاز لها ذلك وأعطاها بطاقة الشعر فهي شاعرة ولكن على ذمة السائحي.