انطلقت أمس بتلمسان أشغال الملتقى الدولي حول موضوع ''الفتوى بين الضوابط الشرعية وتحديات العولمة'' الذي تنظمه وزارة الشؤون الدينية والأوقاف بالتنسيق مع جامعة وهران في إطار تظاهرة ''تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية''. وقد تطرق وزير الشؤون الدينية والأوقاف السيد أبوعبد الله غلام الله في كلمة ألقاها بالمناسبة إلى الشروط التي ''لابد أن تتوفر فيمن يتصدر للفتوى'' من العلماء والفقهاء مثل ''العقل الراجح والعدالة'' و''العلم بكتاب الله وسنة رسول الله'' صلى الله عليه وسلم و''اللغة العربية'' و''أصول الفقه''معتبرا أن الشرط الأكثر تأثرا بتغيير الزمان والمكان هو ''الفقه النفسي وفقه الواقع بكل أبعاده وملابسته وتناقضه وضغوطه'' مما يستلزم ''أن يتمتع المفتي بحس ووعي وإطلاع على أحوال المستفتين وخصوصيات واقعهم''. كما تعرض السيد أبوعبد الله غلام الله إلى ''المزالق والسلبيات'' الملاحظة في مجال الإفتاء المعاصر التي لا تراعي فقه ''الموازنات'' مؤكدا أن ''المتجرئين عليها لا يقيمون وزنا لما ينجر عن تعميمها من مساس بحقوق الناس وكرامتهم بل وبدمائهم''. وقال الوزير ''إن هذا النوع من المفتين لا يتحرجون من انتقاد غيرهم بشدة وتجريحهم لأنهم خالفوهم'' مضيفا ''ان هؤلاء المفتين أنفسهم يختلفون فيما بينهم في التشدد واللين بالنظر إلى طبعهم وتكوينهم وأمزجتهم وخلفيتهم المعرفية''. كما أضاف أن ''بعض المفتين يتعصبون لمذهب من المذاهب تعصبا ضيقا يجعلهم منغلقين على موروث هذا المذهب فيصدرون الفتاوى الجاهزة التي صلحت في زمان غير زمانهم''. وأوضح الوزير ''أن العلماء مدعوون إلى أن يوحدوا رؤيتهم لهذا الواقع المضطرب ويشكلون حلقة متينة لمواجهة ضغوط العولمة ويحافظون على الوحدة المقدسة الجامعة التي أصبحت تهددها اليوم شبهات كثيرة تلبس أحيانا ثوب المذهب وأحيانا أخرى تلبس ثوب الاختلاف العرقي والنعرات اللغوية والثقافية وتدير ظهرها للقرآن الكريم''. كما ألقى الشيخ أحمد بن حمد الخليلي مفتي سلطنة عمان كلمة باسم الأساتذة المشاركين حول ''أهمية الإفتاء في حياة الأمة والأخطار التي تهددها'' الناجمة عن التحولات الكبرى التي حدثت في شبكة العلاقات المعقدة التي طبعت حياة المجتمعات جراء الثورة المعلوماتية وضغوط العولمة. ويعرف هذا الملتقى المنظم طيلة ثلاثة أيام مشاركة العديد من الباحثين والعلماء والأساتذة من جامعات الوطن وبعض البلدان العربية والإسلامية كالمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر وسوريا والأردن ولبنان والمغرب وتركيا ونيجيريا. ويناقش أهل الاختصاص عدة محاور منها ''تعريف الفتوى وحقيقتها وضوابطها'' و''مناهج الإفتاء'' و''الفتوى عبر وسائل الإعلام'' و''فتاوى النوازل المعاصرة وضوابطها'' و''آثار العولمة في الفتوى'' و''تنظيم الفتوى ومؤسساتها'' و''الفتوى والمفتيين في الجزائر''. وقد خصصت الجلسة الأولى لمعالجة موضوع ''الفتوى عند علماء تلمسان'' عن طريق تنشيط عدة محاضرات ذات الصلة مثل ''مسالك تخريج الفتاوى عند الشريف التلمساني'' للدكتور لخضر لخضاري من جامعة وهران و''جهود التلمسانيين في النوازل'' للدكتور محند أويدير باحث بوزارة الشؤون الدينية والأوقاف.(وأ)