صدر مؤخرا في إطار تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية عن ''مقامات للنشر والتوزيع'' كتاب في المسرح ترجمة وتقديم الأستاذ الشريف الأدرع، والكتاب عبارة عن مجموعة مقالات للكاتب الجزائري محمد ديب نشرت في جريدة الجزائر الجمهورية من سنة (1950 إلى 1952) عددها إثنان وعشرون مقالة جمعها الأديب الناقد شريف الأرع. دالمسرح الجزائري في الخمسينيات من القرن الماضي ليس هو المسرح اليوم ويرجع سبب ذلك إلى روح المنافسة وإن صح التعبير إثبات الذات في وسط كلونيالي استعلائي يحاول قدر استطاعته رجم الفكر الجزائري بالجمود والتخلف وعدم الإنتاج والإبداع، مما حز في نفوس الجزائريين وجعلهم يوجهون طاقتهم الإبداعية في المسرح ويدخلون حلبة المنافسة دون احجام ويؤسسون لمسرح جزائري عربي لقي صداه وفرض ذاته على ما يعرض من جميع النواحي من نص وتمثيل وغيرها من مستلزمات المسرح بمجهود جزائري محض ذا محدوية من حيث المستوى الثقافي، إلاّ أنه اجتهد وترك بصمته واضحة. لم يكن المسرح الجزائري حينها معزولا عن الصحافة بل كانت هناك أقلام تتبعه وتسلط الضوء على ما يعرض وينتج وتقوم بتقييمه وتوجيهه ونقده والتأريخ له ومن الأقلام التي اهتمت بالمسرح صاحب الثلاثية الرائعة »الحريق- الدار الكبيرة - النول«، محمد ديب. الأستاذ الأدرع الشريف الذي لازم الكتابة عن المسرح الجزائري بذل جهدا في جمع المقالات المسرحية وترجمتها إلى العربية، بل وأكثر من هذا وضع لها تقديما جيدا، إذ استطاع أن يعطي لنا صورة عن محمد ديب كناقد مسرحي من خلال مقالاته، حيث لم تكن هذه الرؤى النقدية لمحمد ديب للمسرح معروفة لدى العامة. كما أشار الأستاذ الأدرع الشريف إلى كتاب أرليت روت »المسرح الجزائري باللغة الدارجة 1926- ,''1954 والذي قدم عرضا له رشيد بن شنب، حيث تناولت فيه الكاتبة عشرين مسرحية من مائتي مسرحية خصصت منها إثنتى عشر مسرحية لمحي الدين باشتارزي، وينتقد الأدرع الباحثة بكونها لم تعتمد أو ترجع لكثير من المصادر الأخرى ومن بينها الصحافة بلغتيها الفرنسية والعربية. كما سجل الأدرع ملاحظته على هذه الكاتبة التي قال عنها: »من اللافت أن أرليت روت تتبنى في أكثر من مناسبة بعض أفكار محمد ديب دون أن تشير مع ذلك إلى مصدر خطابها المسرحي«. ويضيف الأدرع في انتقاده لأريت روت وأخذها عن محمد ديب قوله: »ويمكن لأي كان أن يلاحظ أن ما قالته بشأن تأثير اللغة العربية الفصحى على العروض المسرحية في الصفحة السابعة والأربعين من كتابها، نراه صدى لما كان قد كتبه محمد ديب عن السمة الخطابية التي تكون قد شابت عرض مسرحية »ليلى بنت الكرامة« وعرض مسرحية »روما«. كما يخالف الأدرع الكاتبة أرليت روت في المدة التي استغرقها محمد ديب في كتاباته في نقد المسرح من أنها من 1950 إلى ,1951 بل تمتد الفترة التي مارس فيها محم ديب النقد المسرحي من 11 نوفمبر 1950 إلى 24 جانفي 1959 وذلك في جريدة الجزائر الجمهورية. ويرى الأستاذ الأدرع أن متابعات محمد ديب لم تكن انتقائية بالمعنى الأيديولوجي أو الثقافي أو اللغوي، ولا متحيزة للهواة ولا لمحترفي فرقة الأوبرا. ويضيف الأدرع في دراسته وتحليله لمقالات محمد ديب بقوله: »إن نقد ديب المسرحي أبعد من أن يكون ذلك النقد الأيديولوجي التي أشارت أرليت روت إلى تأثيره السلبي على مسيرة المسرح الجزائري...«. المقالات الإثنان والعشرون التي ترجمها الشريف الأدرع إلى العربية وقابلها بنصها الأصلي بالفرنسية هي على التوالي، مهرجان المسرح »الهاوي في الأوبرا''، مسرحية »بعد الشدة يأتي الفرج«، في مسرح مهرجان الهواة »المسرح الجزائري«، »في تصفية حساب« و»سحر« و»موني رجل«، فودفيل لمحي الدين باشتارزي، و»زواج عقونة« و»استرجاع ياعاصي« و»إيكاش« و»بطل الصحراء« و»الجن المجنون« و»ليلى بنت الكرامة« و»روما« و»اللصوص«، و»محال« و»دار المهابل« و»سليمان اللك« - الرأس يوجع والكرش الدّك- ومسرحية »بوه على حسان« و»متزوجون بالتلفون« و»البركة« و»خالد« و»من إمرأة إلى أخرى« و»القاضي عياض« و»سي مزيان« وآخر مقالة نقدية »إجبذ يماهم«. هذه هي المقالات التي عكف الأستاذ شريف لدرع على ترجمتها للعربية وجمعها في كتاب »كتابات في المسرح« لمحمد ديب، الكتاب من القطع العادي ويتوزع من جانبه العربي على 98 صفحة بما فيها التقديم وفهرست المقالات والجانب الفرنسي على 88 صفحة، كما يحتوي على صور لمشاهد مسرحية وممثلين محي الدين باشتارزي، محمد توري، رويشد، كلثوم. الكتاب صدر بدعم من وزارة الثقافة في إطار تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية.