إن التحليل الموضوعي لواقع حال المنتخب الوطني بعد عدة شهور من الترقيع وتغيير الاطقم الفنية المشرفة على عارضته الفنية، يوحي بأن الهيئة الاتحادية لا تملك تصورا موضوعيا يقودها لوضع حد لسوء إدارة هذا الملف. وقد كان من الاجدر بهذه الهيئة التي اجتهدت كثيرا في إبعاد مسؤولية الاخفاق الذي منيت به الكرة الجزائرية في المدة الاخيرة، من خلال المنتخب الوطني المونديالي، ان تخرج بتحليل موضوعي في البيان الذي انبثق عن اجتماع مكتبها التنفيذي في نهاية الاسبوع المنصرم، والذي خلا من كل اشارة تقصير من طرفها، حيث حملت سعدان دون ان تذكره بالاسم مسؤولية البداية المتعثرة وقال البيان ''ان المنتخب الوطني قد تعثر في انطلاقته في هذه التصفيات، حيث سجل تعادلا سلبيا بالجزائر امام تنزانيا وخسر نقطتين''. ويفهم من هذه البداية ان ''الفاف'' وعوض ان تسعى يومها الى معالجة اسباب ذلك التعثر، فضلت الهروب الى الامام والتضحية بسعدان وتعويضه بمدرب شاب اقل حنكة وخبرة من استاذه، من باب الاعتماد على الفنيين الوطنيين وهي التي كانت تدرك كل الادراك ان هذه الورقة التي جربت في اكثر من مناسبة وأحرقت في اكثر من مناسبة، لن تنجح ولن يكتب لها ذلك في ظل الزوبعة التي يحدثها أي تعثر جديد من خلال المنحنيات التنازلية التي تعرفها المنتخبات. إن توجيه اللوم للمدربين المحليين بأنهم السبب في فشل المنتخب الوطني في هذا الظرف بالذات فيه الكثير من الزيف والكثير من المغالطات، وإذا سلمنا بمثل هذه التهمة، فمعنى ذلك ان كل المنظومة الكروية الجزائرية فاشلة، وتتطلب ذهاب كل الفاعلين فيها بدءا بالمكتب الفيدرالي والفاف والرابطات ورؤساء الاندية، والإقرار بأن المعالجة يجب ان تتطلب شفافية في الطرح وجرأة في اتخاذ القرارات. كما أن حديث ''الفاف'' بأنها سجلت فشل هذا التوجه أي فشل ورقة المدرب المحلي وانها تفضل من الآن فصاعدا استقدام طاقم فني اجنبي من المستوى العالمي، يكفي لوضع هذه الهيئة في موقف المتهم، بل ويجعلها كمن يصطاد في مياه عكرة، خاصة وأنها جربت الورقة الثانية في وقت ليس ببعيد وفشلت يوم جاءت بكافالي ونوزاري وغيرهما، وحتى الاعلان عن فتح مناقصة ترشح لاختيار ناخب وفنيين من بين الاكثر كفاءة، قد يقودنا لورطة مثل التي عشناها من قبل مع التقنيين الاجانب الذين جيء بهم لتدريب المنتخب الوطني ثم انصرفوا دون بلوغ الاهداف، بعد أن كلفوا خزينة ''الفاف'' موارد مالية كبيرة. كما أن الاقرار بفشل التوجه السابق مع المدربين المحليين، قد يقودنا ايضا الى الحديث ايضا عن فشل تسيير منظومة البطولة الاحترافية التي فرضتها ''الفاف'' على الاندية، لنبرز مدى الارتجالية التي ميزت دوما ارتجالية الهيئة الفيدرالية في تمرير قراراتها ثم إلصاق تهم أي اخفاق بغيرها، وإذا كانت هذه الهيئة قد ادركت اليوم بأن بطولتنا ضعيفة ولا تنجب لاعبين من المستوى العالي، فهذا في نظر كل النقاد يبرز بوضوح مسؤوليتها التامة في كل الاخفاقات الاخرى المسجلة محليا ايضا. لقد كان من الاجدر بالهيئة الفدرالية وهي تتحدث في بيانها عن المستوى الرديء للمنافسة الوطنية ان تقر بمسؤليتها في ذلك، وان تدرك بأنها هي التي سمحت بالتسيير الارتجالي للأندية وغطت على كل المعوقات وكل النقائص والصعوبات، بدليل تهربها من وضع تقييم شامل وشفاف لواقع كرتنا وبطولتنا. ولا شك أن من يدير وضعا رديئا وباعترافه، لابد أن يتحمل مسؤوليته كاملة، عوض التمادي في سياسة الهروب الى الامام، من خلال فرض منظومة احترافية ارتجالية غير مدروسة لا تستند لواقع اللعبة التي تحتاج لمدربين أكفاء ولملاعب تتوفر على مقاييس المنافسة وعلى مدارس تكوين وموارد مالية تسمح لها بالانتقال التدريجي الى الاحترافية. هذه الحقائق التي يعرفها العام والخاص وتعرفها الهيئة الفدرالية والرابطة، تحتاج اليوم لورشات عمل وإلى تفكير جدي لرسم المستقبل، إذا اردنا فعلا بناء منتخب وطني جزائري في مستوى تطلعات وآمال الجماهير الجزائرية التي نال منها الاحباط من جراء كل العبث الذي طبع تسيير ملف المنتخب الوطني خلال 18 شهرا الماضية، رغم وصولنا الى الدورة النهائية من المونديال الجنوب افريقي اوالدورة النهائية لكأس افريقيا بأنغولا من قبل.