كشفت الهزيمة الكارثية الاخيرة التي مني بها المنتخب الوطني لكرة القدم يوم الجمعة الفارط بمراكش امام نظيره المغربي برباعية نظيفة، ان كرتنا لا ولن تتخلص على الاطلاق من رواسب السياسة الارتجالية التي اعتمدتها الاتحادية الجزائرية لكرة القدم سواء من حيث التكفل الفوضوي بملف هذا المنتخب او من حيث غموض الاهداف المستقبلية للعبة ككل. ويبدو أن ''الفاف'' التي كان مسؤولوها يقولون عند كل مشاركة دولية إننا سنتحمل عواقب كل ما يحدث، لم نسمع منها حتى الآن أي تعليق رسمي عما حدث في المغرب، واكتفت بنشر بيان مقتضب تحدث عن استقالة المدرب بن شيخة في موقعها الالكتروني على الانترنت، وكأن ما حدث بمراكش لا يعنيها ولا يستحق الوقوف عنده، وهذا في وقت مازال الرأي العام يترقب كلمة صادقة من ''باطرون'' هذه الهيئة يتحدث فيها عن الاسباب الموضوعية التي كانت وراء هذا الاخفاق الذي هو الثالث من نوعه بعد عودة المنتخب الوطني من المونديال. وقد يضطر الرأي العام الكروي الى الى انتظار نتائج جلسة ''الحساب'' التي ستجمع السيد روراوة رئيس الاتحادية الجزائرية لكرة القدم بالمدرب الوطني المستقيل لترسيم الاستقالة أو مطالبته بالعدول عنها وهو المتوقع حتى الآن، لأن رورواة عودنا على بعض الخرجات التي يراهن فيها على عامل الوقت للتفكير في تعيين الخليفة لأي مدرب وطني يضحي، مثلما فعل مع المدرب الوطني السابق رابح سعدان، بعد أن جعل منه شماعة يعلق عليها اخفاقات المنتخب الوطني. لكن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح وعند كل اخفاق مخز هو ماذا سيقول روراوة للرأي العام وهل سيقول ما قاله السيد جيار وزير الشباب والرياضة، حين سئل عن رأيه في نتيجة المباراة، حيث قال "اسألوا بن شيخة''. ولا شك أن الوضع يختلف بين هذا وذاك، لأن روراوة هو الذي جاء بالمدرب بن شيخة رغم أنف الوصاية وتعلل باستقلالية هيئته في اتخاذ القرارات بعيدا عن ضغط الوصاية أو أية جهة أخرى، ومن هنا فهو المسؤول الاول والمباشر عن أي اخفاق يتسبب فيه الناخب الوطني، وهو المسؤول المباشر عن ملف المحترفين وعن التسيير الغامض لكل ما له علاقة بالمنتخب. وتحديد المسؤوليات يجب ان يتم بشفافية حتى لا يظلم الناخب الوطني ويمسح فيه كل شيء، لأن القول ان هذا الناخب اخطأ في اختياراته التكتيكية يجب ان يضحى به، لا يمكن بأي حال من الاحوال اعتباره مبررا كافيا لغلق ملف مباراة مراكش أو القول ان اللاعبين لم يكونوا في يومهم، يجب التضحية ببعضهم يعتبر أيضا تهربا من الواقع، لأن هذه المبررات سمعناها في وقت سابق، ولم نلمس معالجة واقعية لها. والمطلوب في حالة كهذه هو الذهاب الى الهدف مباشرة وهو الاعتراف بفشل جماعة '' قلعة دالي إبراهيم" في التكفل السليم بالمنتخب الوطني، إذ ان هذه الجماعة تلجأ دوما الى الحلول السهلة والمسكنة، وهي تدرك بأنه من المستحيل تغطية الشمس بالغربال وتدرك ايضا ان المهدئات يزول مفعولها مع الوقت وأن المرض العضال يؤدي بصاحبه الى الهلاك، وحتى نكون صرحاء مع جماعة هذه ''القلعة '' نقول ان منتخبنا يعاني من ''مرض عضال'' يسمى عندنا ''البريكولاج''، بدليل ان المجيء ببن شيخة على رأس العارضة الفنية كان من الأخطاء الفادحة التي ارتكبها روراوة بالدرجة الاولى، لأنه كان يدرك أن الوقت لم يكن في صالح هذا الاخير وأن تجربته القصيرة في تونس لا تعني انه قطع الجبال طولا وعلوا، كما أن التضحية بالمدرب رابح سعدان كان ايضا من الاخطاء الكبرى التي تسببت في بعثرة كل جهد بذل من قبل، لأن بن شيخة عندما جاء من بعده حاول محو كل ما قام به سعدان، لكن ما قام به كان مجرد ترقيعات لم تتعد تغيير بعض المراكز في التعداد ودون ان يترك بصمات ايجابية، وقد لاحظنا ذلك في مباراة بانغي بإفريقيا، ثم جاءت مباراة مراكش لتكشف بأن الرجل لا حول ولا قوة له. والذهاب الى الهدف مباشرة يتطلب في الواقع، جرأة أدبية من قبل كل من ساهم في هذه النكسة الجديدة، اما العلاج فلا يجب أن يكون بالمسكنات، وعليه فإن الدعوة التي أطلقها المدرب الوطني السابق رابح سعدان هي عين الصواب، طالما أن واقع المنتخب يتطلب تشريحا دقيقا وموضوعيا ويحث على أن لا يخضع اختيار المدرب المقبل لنزوات الشخص الوحيد، أي أنه يتطلب اللجوء للتقنيين الكبار الذين خبرهم الميدان والذين يجب ان يستمع اليهم والعمل بنصائحهم وملاحظاتهم، إذا اردنا ان نؤسس لمرحلة جديدة وجادة نبني عليها في تحضير الفريق الوطني لتصفيات المونديال المقبل أي انه يتطلب اللجوء للتقنيين الكبار الذين يجب الاستماع إليهم والأخذ بملاحظاتهم ورأيهم، إذا اردنا أن نؤسس لمرحلة والتي تبقى الهدف الاول، بعد أن اصبحت حظوظ الجزائر في التأهل لنهائيات كأس إفريقيا للامم 2012 شبه منعدمة وتتطلب معجزة كروية بالدرجة الاولى.