ألح خبراء ومختصون في القانون والسياسة على ضرورة أن يبدي النظام القائم استعدادا فعليا للتغيير بإنشاء مجلس تأسيسي يكون بمثابة نقطة لانطلاق مسار إصلاحي حقيقي تجسيدا للديمقراطية وإرادة الشعب، مشيرين إلى أن كل تغيير خارج هذا المجلس التأسيسي يعتبر انحرافا عن إرادة التغيير. أكد حقوقيون وأساتذة جامعيون خلال أشغال اليوم البرلماني الذي نظمه حزب العمال حول ''أي إصلاح سياسي يؤسس للديمقراطية بالجزائر'' بالمجلس الشعبي الوطني، أمس، أهمية استدعاء انتخاب مجلس تأسيسي يحضر لإصلاحات عميقة و''يعيد تأسيس الجمهورية لتكون فعلا ديمقراطية وشعبية''، على أن تشارك فيه جميع الفعاليات وأن يتولى مهام القيام بإصلاحات سياسية وتشريعية تهدف إلى التغيير العميق بدل الاكتفاء بإصلاحات سطحية وحلول ارتجالية ترقيعية. وقالت السيدة لويزة حنون الأمينة العامة لحزب العمال إنه حان الوقت لإقامة تغيير جذري للحفاظ على المصالح الوطنية وكرامة الشعب، مشيرة إلى أن المشاورات التي بادر بها رئيس الجمهورية لمشروع الإصلاح السياسي الذي ينوي تحقيقه طموحة، لكن لا يمكنها أن تحل محل النقاش الواسع الذي يسمح بالمناظرة بين الأفكار بمشاركة كل فئات الشعب، كون هذا الإصلاح يتطلب انفتاحا سياسيا أوسع لدفع النقاش الديمقراطي. واعتبرت السيدة حنون أن هذا المسعى لن يتحقق إلا بإعطاء الكلمة للشعب ورفع الحواجز أمام التعبير عن الآراء لتجسيد ما أعلن عنه رئيس الجمهورية. وبلغة غير مباشرة طالبت المتحدثة بإقصاء الجهات التي انتهجت الإقصاء وإحداث القطيعة معها، حيث قالت بصريح العبارة إنه لا يمكن للمؤسسات التي طبقت سياسات لا شعبية أن تقود إصلاحات حقيقية سواء تعلق الأمر بالجانب الاقتصادي، الاجتماعي أو السياسي. وفي هذا السياق أضافت السيدة حنون أنه لم يفت الأوان لتجسيد الإصلاحات من خلال تدارك التأخر والتعجيل بفتح أفق ديمقراطية، لأن استمرار الوضع القائم يمثل خطرا على البلاد. وهو الرأي الذي شاطرها فيه السيد محند أرزقي فراد، أستاذ جامعي وباحث، حيث صرح أن الوقت ملائم للقيام بهذا التغير، قائلا ''أدعو الجزائر إلى أن لا تضيع الوقت الذي يتميز بالاستقرار السياسي لإحداث تغيير سلمي بطرق ديمقراطية هادئة وقانونية، بدل تضييع هذا الوقت الذي قد يأخذ أبعادا خطيرة ويكلف دفع الثمن غاليا لتجسيده مثلما حدث ببعض البلدان العربية'' على حد تعبير المتحدث. وفي هذا الصدد دعا المتدخلون في اليوم البرلماني إلى استباق الأحداث واستخلاص الدروس مما يحدث في هذه البلدان الشقيقة بسبب استمرار الانسداد السياسي. لذا طالبوا بإزاحة كل العراقيل التي تعيق تجسيد هذه الإصلاحات تفاديا لانفجار الأوضاع، حيث اعتبروا أنه بات من الأولويات الإسراع في مناقشة الدستور قبل غيره من القوانين الأخرى لتحقيق هذه الإصلاحات. ومن جهته انتقد السيد بوجمعة غشير رئيس الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان الوتيرة السريعة التي تجري بها الإصلاحات السياسية والتشريعية والممثلة في تعديل الدستور، مراجعة قوانين الانتخابات الأحزاب والإعلام. وفي مداخلة ألقاها بعنوان ''من أجل دستور يخلد الدولة الجزائرية'' اقترح السيد غشير على الجهات المكلفة بتعديل الدستور عند تعديله إعادة النظر في العلاقة بين الدين والدولة لوقف ظاهرة استعمال الدين لأغراض سياسية والوصول إلى السلطة لتفادي ما حدث بعد أول دستور تعددي في .1989 كما اقترح المتحدث أيضا إلغاء المجلس الدستوري وإنشاء غرفة دستورية على مستوى المحكمة العليا تتولى مراقبة الخروقات الدستورية مع تعزيز دور السلطة القضائية واستقلالية العدالة لضمان الشفافية. وفيما يخص نظام الحكم قال المتحدث إن جميع الأنظمة السياسية سواء كانت نظاما رئاسيا أو شبه رئاسي أو برلماني صالحة لإدارة شؤون البلاد شرط وجود برلمان قوي لا يقوم على مبادئ المجاملة بينه وبين الحكومة. وفي حديثه عن الترسانة القانونية للجزائر قال السيد غشير إن القوانين الحالية ثرية لكن ينقصها التطبيق كون الكثير من القوانين غير مطبقة في الميدان.