تعتزم وزارتا الفلاحة والصناعة وترقية الاستثمار تنصيب لجنة وزارية مشتركة لتسطير استراتيجية عمل والتفكير في إمكانية تطوير الصناعات الغذائية باستعمال المنتوجات الفلاحية لتوفير الإنتاج والاستجابة لطلبات السوق الوطنية، وكذا التقليل من فاتورة الاستيراد بالتخلي تدريجيا عن استيراد المنتوجات التي يمكن إنتاجها محليا، وستنطلق هذه اللجنة في العمل ابتداء من شهر سبتمبر القادم. وأوضح السيد فؤاد شحاط المدير العام للمعهد الوطني للبحث الزراعي أن هذه اللجنة ستبحث سبل التكامل بين قطاعي الزراعة والصناعات الغذائية من خلال خلق علاقة تكاملية بين الفلاحة والصناعة.وأشار السيد شحاط لدى استضافته من طرف منتدى مركز الصحافة ''ألجيريا أنفست'' أمس، بالجزائر، إلى أهمية التفكير في النهوض بالقطاع الفلاحي كقطاع أساسي لتوفير الأمن الغذائي لاتخاذ كل الاحتياطات التي قد تهدد الجزائر كغيرها من البلدان مستقبلا بسبب التغيرات المناخية وتفاديا لانعكاسات الأزمات العالمية للغذاء عليها، خاصة في وقت يعرف فيه الطلب المحلي تزايدا ملحوظا سنة بعد سنة، حيث انتقل معدل استهلاك الفرد الواحد من 1800 حريرة سنويا في الستينيات إلى أكثر من 3400 حريرة حسب إحصائيات سنة ,2000 وهو ما يعني أن استهلاك الفرد الجزائري فاق المعدل الذي تحدده المنظمة العالمية للتغذية والمقدر ب2400 حريرة. وهو السياق الذي رأى من خلاله المسؤول إلزامية تكثيف الإنتاج بمراعاة خصوصيات كل منطقة خاصة ما تعلق بالانتباه للمناخ تفاديا لتسجيل خسائر في المنتوجات مثلما يقع فيه العديد من الفلاحين الذين يزرعون منتوجات بطريقة عشوائية دون مراعاة المناخ الذي يتطلبه ذلك المنتوج باعتبار أن ارتفاع درجة الحرارة أو انخفاضها قد لا يسمح بزرع منتوج ما. كما تحدث السيد شحاط عن إلزامية الاعتماد على العمل الجواري بإشراك كل الفاعلين محليا بتلك المناطق من تجار وحرفيين وغيرهم إلى جانب الفلاحيين. كما توقف المتحدث مطولا عند موضوع البحث في مجال الزراعة والفلاحة، حيث لم يستبعد قلة البحوث في هذا المجال وهي البحوث والدراسات التي من شأنها رفع المردودية من خلال التحكم في كل المتغيرات. وقد دعا السيد شحاط الفلاحين إلى التخلي عن بعض الممارسات الفردية التي قد تلحق أضرارا خطيرة بصحة من يستهلك منتوجاتهم، في الوقت الذي يقوم فيه بعضهم باستيراد بعض البذور من دون إخضاعها لتحاليل، مثلما تم تسجيله السنة الماضية في منطقة المتيجة، حيث قام أحد المستوردين باستيراد بذور طماطم بطريقة غير شرعية دون مراقبة جودتها، وهو ما أدى إلى انتشار مرض خطير غريب عن بلادنا، انتشر في أمريكا اللاتينية. واقترح المتحدث باسم المعهد الوطني للبحث الزراعي اعتماد برنامج للتجديد الفلاحي يشمل الفروع الاستراتيجية كالقمح، الحليب، زيت الزيتون، التمور والبطاطا التي تبقى المنتوج الأكثر استهلاكا عند الجزائريين، حيث انتقلت كمية استهلاكها عند الفرد الواحد من 42 كيلوغراما في العام سنة 1995 إلى 95 كيلوغراما حاليا، ومن المتوقع أن يقفز هذا الرقم إلى 110 كيلوغرام في غضون سنة .2014 وربط المتحدث نجاح هذه الاستراتيجية بشرط إزاحة العراقيل الإدارية وتغيير الذهنيات والبيروقراطية التي لا تزال عائقا أمام المستثمرين في القطاع الفلاحي، وهي المناسبة التي طالب من خلالها السيد شحاط السلطات العمومية باتخاذ الاجراءات التي تشجع المواطن وتقنعه للاستثمار في الفلاحة بممارسة الزراعة وتربية الثروة الحيوانية لتوفير الغذاء. كما دعا المسؤول إلى توفير الشروط اللازمة لتنظيم كل الفروع الزراعية والحيوانية من خلال ديوان وطني لمهنيي الخضر والفواكه واللحوم. كما تطرق السيد شحاط إلى بعض المشاكل التي تعرفها بعض المنتوجات في عدة مناطق من الوطن كزيت الزيتون التي تشكو هذه الولايات من غياب إنتاجها، وبالرغم من توفرها على عدد كبير من أشجار الزيتون، فإنها لا تسطيع استخراج الزيت بسبب غياب المعاصر ومطاحن الزيتون، بالإضافة إلى منتوج البطاطا الذي تمكن الفلاحون من تحقيق فائض فيه في عدة مرات، غير أن غياب استراتيجيات لحفظ هذه المادة يبقى عائقا، حيث دعا إلى التفكير في استغلال هذا المنتوج الفلاحي في صناعات غذائية أخرى كمادة ''الشيبس''، والبطاطا المقلية المجمدة. علما أن الجزائر قللت من استيرادها للبطاطا هذه السنة بفضل توفر الإنتاج المحلي والتمكن حتى من انتاج البذور محليا وهو ما يوحي بإمكانية التخلي كلية عن استيراد هذه المادة مستقبلا. من جهة أخرى، أشار السيد شحاط إلى نقص الإمكانيات المادية والبشرية لإنجاح هذه الاستراتيجية وتنمية القطاع الفلاحي، في الوقت الذي لا يتجاوز فيه عدد العاملين في القطاع 29 ألف عامل من إدارات ومعاهد متخصصة في الفلاحة، مضيفا أن عدد الإطارات الكفؤة التي يمكن الاعتماد عليها في إنجاح هذه السياسة لا يتجاوز 200 إطار. الأمر الذي يتطلب التفكير في توسيع التأطير لتنمية الفلاحة على حد تعبيره.