يكرّس مشروع القانون العضوي الخاص بالإعلام نيّة الدولة في دعم الصّحافة من خلال تخصيصها لإعانات موجهّة أساسا لترقية حرية التعبير، وهذا عن طريق الصحافة الجوارية المتخصصة، كما يتجلّى هذا الدّعم أكثر في الرقي بهذا المشروع عبر محاور رئيسية، تنصّ على إنشاء مجلس لآداب وأخلاقيات الصحافة وضمان حياد واستقلالية الخدمة العمومية لاسيما في النشاط السمعي البصري. هذا إلى جانب ضمان حرية ممارسة النشاط الإعلامي عبر شبكة الواب. ويتأكد هذا الاهتمام الحكومي بشكل واضح في سعي الدولة للمساهمة في رفع المستوى المهني للصحفيين من خلال عمليات التكوين حسب المادة 126 من مشروع القانون التي توضح أن تحديد مقاييس وكيفيات منح هذه الإعانات تتم عن طريق التنظيم. وفي هذا الإطار، كان وزير الاتصال السيد ناصر مهل قد أعلن خلال شهر أفريل المنصرم أن صندوق المساعدة الموجه للصحافة الوطنية بقيمة 400 مليون دج سيخصص كلية لتكوين الصحفيين. وأضاف أن هذا المال سيصرف في مجال تكوين صحفيي القطاع العمومي والخاص في كل الاختصاصات، موضحا أن اتفاقيات ستبرم ضمن هذا المنظور مع الجامعة الجزائرية ومؤسسات أجنبية. وأكد أن التكوين يظل ''جد هام'' في مجال الصحافة ويشكل ''أولوية'' بالنسبة لوزارة الاتصال. وفي إطار المساعي الرامية إلى ترقية وتثمين مشروع قانون الإعلام ينص هذا الأخير على إنشاء مجلس أعلى لآداب وأخلاقيات الصحافة ينتخب أعضاؤه من قبل ''الصحفيين المحترفين''. وتوضح المادة 92 من المشروع أن ''تحديد تشكيلة المجلس وتنظيمه وسيره يتم من قبل جمعيته العامة التأسيسية''، مضيفة أن هذه الهيئة تستفيد من دعم عمومي لتمويلها. كما تنص المادة 93 على أن كل خرق لقواعد وآداب وأخلاقيات الصحافة يعرض أصحابه إلى عقوبات يأمر بها المجلس الأعلى لآداب وأخلاقيات الصحافة الذي يحدد طبيعة هذه العقوبات وكذا كيفيات الطعن. وينص مشروع القانون على أن تنصيب المجلس يتم في أجل أقصاه ستة (6) أشهر بعد إصدار هذا القانون المنتظر عرضه على البرلمان بغرفتيه. وتضمّن مشروع القانون في هذا السياق لاسيما في مادته ال89 الأخلاقيات المهنية التي يتعين على الصحفي مراعاتها أثناء تأدية مهامه منها احترام الحقوق الدستورية والحريات الفردية للمواطنين وتصحيح كل خبر خاطئ ونقل الوقائع والأحداث بكل نزاهة وموضوعية والامتناع عن الإشادة مباشرة أوبصفة غير مباشرة بالعنصرية وعدم التسامح والعنف. ويتعين على الصحفي، وفق هذه المادة، الامتناع أيضا عن السرقة الأدبية والوشاية والقذف والنميمة والمساس بالسيادة والوحدة الوطنيتين، وكذا الامتناع عن المساس بشعارات الدولة ورموزها وبالتاريخ الوطني وعن تمجيد الاستعمار. كما ينص المشروع على ضرورة امتناع الصحفي عن بث أو نشر صور أو أقوال غير أخلاقية أومستفزة لمشاعر المواطن و كذا المساس بالمصالح الاقتصادية والدبلوماسية للأمة. وبالمقابل، يؤكد المشروع في المادة ال80 أنه يعترف للصحفيين المحترفين بحق الوصول إلى مصادر الخبر ما عدا في حالات منها عندما يتعلق الخبر بسر الدفاع الوطني وعندما يمس الخبر أمن الدولة و/أو السيادة الوطنية مساسا واضحا''. وفي شق آخر، كرّس مشروع القانون العضوي الخاص بالإعلام مسؤولية سلطة الضبط الخاصة بالصحافة المكتوبة في توضيح كيفيات تطبيق حقوق التعبير عن مختلف تيارات الآراء وكذا ضمان استقلالية الخدمة العمومية للإعلام والاتصال وحيادها. كما تعمل هذه السلطة -حسب المادة 38 من المشروع- على السهر على تشجيع وتدعيم النشر والبث باللغتين الوطنيتين بكل الوسائل الملائمة وعلى شفافية القواعد الاقتصادية في سير المؤسسات الناشرة. ومن بين المهام التي تقع على عاتق هذه الهيئة، السهر من خلال قراراتها على تجنب تمركز العناوين والأجهزة تحت التأثير المالي والسياسي والإيديولوجي لمالك واحد، وكذا تحديد شروط إعداد ونشر وإنتاج وبرمجة وبث النصوص والحصص المتعلقة بالحملات الانتخابية من خلال قراراتها. وفي ذات الشأن، تنص المادة 38 على أن سلطة الضبط مكلفة بتحديد القواعد والسهر على التوزيع العادل للإعلانات والمساعدات التي تمنحها الدولة لأجهزة الإعلام وكذا على احترام المقاييس في مجال الإشهار التجاري ومراقبة هدفه ومضمونه. ومن جهة أخرى، تنص المادة 41 على أنه في حالة الإخلال بدفاتر الشروط والالتزامات الأخرى المنصوص عليها في هذا القانون العضوي، فإن سلطة الضبط ترسل ملاحظاتها وتوصياتها العلنية كما تحدد شروط وآجال التكفل بها. وفي السياق، فإنه في حالة عدم احترام أحكام هذا القانون العضوي يمكن لسلطة ضبط الصحافة المكتوبة أن تسحب اعتماد النشرية المعنية، كما يمكن لهذا الإجراء أن يكون قابلا للطعن مثلما ورد في المادة 45 من مشروع القانون. وفيما يتعلق بشق السمعي البصري، يؤكد مشروع القانون المذكور أن النشاط السمعي البصري يمارس من طرف هيئات عمومية ومؤسسات وأجهزة القطاع العمومي وكذا المؤسسات أو الشركات الخاضعة للقانون الخاص الجزائري. وبعد أن أبرز أن النشاط السمعي البصري مهمة ذات خدمة عمومية، تطرق مشروع القانون في مادته ال61 إلى مضمون هذا النشاط بحيث أكد أن إنشاء كل خدمة موضوعاتية للاتصال السمعي البصري والتوزيع عبر خط الإرسال الإذاعي المسموع أو التلفزي، وكذا استخدام الترددات الإذاعية الكهربائية يخضع إلى ترخيص يمنح بموجب مرسوم. وفي إطار الاهتمام بترقية الإعلام الإلكتروني والرقمي، يكرّس مشروع القانون العضوي المتعلق بالإعلام حرية ممارسة النشاط الإعلامي المكتوب والسّمعي والبصري عبر شبكة الواب ''الإنترنيت'' وهذا وفق القوانين والتنظيمات المعمول بها. وتؤكد المادة الثانية من مشروع القانون على أن هذا النشاط وعلى غرار النشاطات الإعلامية الأخرى يمارس في ظل احترام الدستور وقوانين الجمهورية والقيم الثقافية والروحية للأمة والهوية الوطنية والوحدة الوطنية ومتطلبات أمن الدولة والدفاع الوطني.