تحدّثت الكاتبة الاسبانية أليثيا خيمينث بارتلت بإسهاب عن تجربتها الثرية في كتابة الرواية البوليسية التي فتحت لها أبواب الشهرة لتترجم أعمالها إلى 12 لغة وتحوّل إلى مسلسل تلفزيوني بإسبانيا· استضاف أول أمس إتحاد الكتاب الجزائريين في طلّته الأولى بعد انقطاع طويل، الكاتبة الإسبانية أليثيا خيمينث بارتلت للحديث عن كتابتها للرواية البوليسية وذلك في إطار الأسبوع الثقافي الإسباني بالجزائر التي تنتهي فعالياته اليوم بعد أسبوع حافل بالنشاطات، وبهذه المناسبة، تطرّقت دكتورة الآداب إلى مسار الرواية البوليسية وواقعها الراهن في العالم وإسبانيا على حد السواء، فقالت أنّ الرواية البوليسية في بداياتها كانت تعتبر أدبا من الدرجة الثانية ولكن هذا الاعتقاد تغيّر في الوقت الراهن حيث أصبح لها أسسها الخاصة علاوة على أنّها تقترب كثيرا من المواطن العادي وتمسّ المجالات التي تهمّه وتحكي واقعه· وأضافت أليثيا أنّ الرواية البوليسية في عهد فرانكو حيث كانت الحريات مضطهدة، كانت تقوم بمهمّة تمرير الرسائل بطريقة غير مباشرة، أي أنّها كانت تهتمّ بالنقد السياسي مستطردة في قولها أنّ الحرية التي تنعم بها إسبانيا اليوم لم تعد بحاجة للروايات البوليسية للتعبير والنقد، بل أنّ هذه الأخيرة أصبح دورها اكتشاف وإظهار عيوب المجتمع · خيمينث بارتلت أكّدت تمتّع الرواية البوليسية حاليا بصحّة جيّدة، خاصة الأوروبية منها التي تحكي عن الواقع المعيش عكس الأمريكية التي تمنح البطل الكثير من المعجزات وتلصق بالعدو كما هائلا من العيوب، تشكّل أيضا الرواية البوليسية الأوروبية - حسبها - جسرا للتواصل والتعارف بين الشعوب الأوروبية · وانتقلت الكاتبة إلى مسارها في كتابة الرواية البوليسية التي اشتهرت بها عكس الأجناس الأدبية الأخرى التي تمارسها، فقالت أنّها اختارت في رواياتها امرأة لتكون مفتشة شرطة شابة وأسمتها "بيترا ديليكادو" ومنحت لها الشهادات والعلم بينما سمّت الشخصية الثانية في الرواية وهي معين المفتشة "غارزون" وسلّحته بالتجربة التي اكتسبها من الواقع المعيش والعمر الطويل، وخلقت بين الشخصيتين صداقة وطيدة وإن تخلّلها في الكثير من الأحيان، التهكم والسخرية المتبادلة· وفي هذا السياق، اعتبرت المحاضرة أنّ المرأة ليس لها الحظ في الروايات البوليسية فهي إمّا ضحية قتلت بطريقة شنيعة في أولى صفحات الرواية أو أنّها ابنة رجل المافيا الرقيقة أو أنّها زوجة الشرطي الصبورة على الغياب المستمّر لزوجها بينما يجب أن تكون المرأة في الروايات البوليسية مثلما هي في الواقع لا غير إليثيا عرّفت بالحضور طريقة عملها، حيث قالت أنّ كتابة الرواية البوليسية يتطلّب منها معرفة النهج الحقيقي الذي تتّخذه الشرطة في تحقيقاتها وهذا يتطلّب البحث المستمر والاحتكاك بعناصر الشرطة وهو ما لم يكن بالأمر السهل لأنّه لم يكن لها علاقة بهذا العالم علاوة على أنّها وجدت في البداية صعوبات في الاتصال بالشرطة والتعرّف على أساليب عملهم· وتناولت الكاتبة الأدوات التي تعتمد عليها في كتابة الروايات البوليسية وهي الجودة الأدبية لأنّ القارئ حسبها غير غبي وذو مستوى راق، أيضا التشويق، الحوار لشرح الحالات، وفي الأخير الدعابة والفكاهة التي تعتبرها فلسفتها في الحياة، معتبرة أنّ كتابتها للروايات البوليسية نذكر من بينها "رسائل الليل"، "جرائم على الورق"، "ثعابين في الجنة" مكّنتها من التقرّب إلى الناس وتحقيق الإخاء بين الأفراد في المجتمعات المختلفة، مطالبة في السياق نفسه بضرورة التواصل الثقافي بين ضفتي المتوسط الذي يمكّن من التعرّف على خصائص كلّ بلد والتي تتشابه في الكثير من المواضع·