شكل موضوع ''تلمسان أرض استقبال بعد سقوط الأندلس''، عنوانا رئيسيا في الملتقى الدولي المنظم من قبل المركز الوطني للبحوث في عصور ما قبل التاريخ وعلم الإنسان والتاريخ، بالتعاون مع جامعة أبو بكر بلقايد بتلمسان، أجمع فيه الخبراء أمس على أن الموضوع بقدر ما هو حساس فهو شديد الأهمية، إذ يتطرق إلى مرحلة حرجة من تاريخ الأندلس ويتعلق الأمر بالمسلمين أو الموريسكيين الذين فروا من إسبانيا باتجاه مدينة تلمسان خوفا من بطش الكاثوليكيين. وأكد المتدخلون أن الملتقى يعتبر مناسبة لتوضيح الصورة المبهمة لهذه المرحلة، وفرصة لتفعيل مواضيع بحثية بالنسبة للمختصين، وحتى تصبح الملتقيات ذات فائدة علمية بالنسبة للطلبة والباحثين، لا سيما أن الموضوع لم تتناوله بحوث علمية دقيقة. كشف السيد سليمان حاشي مدير المركز الوطني للبحوث في عصور ما قبل التاريخ وعلم الإنسان والتاريخ، أن عقد الملتقى يتزامن مع الذكرى المئوية السادسة لسقوط غرناطة، آخر معاقل الدولة الإسلامية في الأندلس، بتسليم مفاتيحها بعد حصار طويل للملكين الكاثوليكيين فرناندو وازابيلا، بشروط تضمنتها وثيقة التسليم الموقعة والمختومة من قبل الطرفين تحفظ لمن آثر البقاء في اسبانيا الكاثوليكية حقوقه المادية والمعنوية، غير أن هذا الاتفاق لم يدم طويلا، فقد نُقضت بنود الوثيقة وضُيق الخناق على الموريسكيين وجردوا من ممتلكاتهم وأجبروا على التنصر، ففر بعضهم إلى تلمسان وغيرها من حواضر المغرب والمشرق، وبقي آخرون صابرين متحدين بطش محاكم التفتيش في مشاهد مروعة، إلى أن هجروا قسرا ليصبحوا فقراء لاجئين بعد أن كانوا أصحاب وطن وبناة حضارة. ويناقش الملتقى، الدور الذي لعبه عدد من العلماء والفنانين والشعراء في المساهمة في إثراء حاضرة تلمسان آنذاك، والتي كانت في أوج رقيها بفضل حكماء وسلاطين الدولة الزيانية، ويتطرق الملتقى إلى عدة محاور تتعلق بهجرة أهل الأندلس والموريسكيين نحو الجزائروتلمسان على وجه الخصوص، وتناول الموضوع بطريقة دقيقة الظروف التاريخية والأسباب التي أدت إلى مأساة الهجرة الجماعية لأهل الأندلس، وكذلك استحضار ثراء الحضارة الأندلسية وخصوصياتها. ويشارك في الملتقى - 25 إلى 27 أكتوبر الجاري - نخبة من الأساتذة والعلماء والأكادميين من عدة أقطار من بينهم محمد خرماش من المغرب وجورج جيل هيريرا من اسبانيا وعوني عبد الرحمن من العراق، إلى جانب أساتذة ودكاترة من مختلف الجامعات الجزائرية. وقدم الأستاذ الدكتور حسن الواركلي من جامعة تطوان بالمغرب، محاضرة عنوانها ''حاضرة تلمسان مُهاجر العلماء: لمحات من مساهمة علماء الأندلس في تشكيل صورة تلمسان العالمية". وخلال مداخلته، أفاد أن تلمسان تعد من أشهر حواضر العلم في الغرب الإسلامي، وأنبتت من العلماء والفقهاء والأدباء أعلاما كثرا أفادوا أسماع المشتغلين بالعلم، وكان ما عرفته تلمسان من ازدهار في تاريخها العلمي على توالي حقبه باعثا للمشتغلين بالعلم على الرحلة إليها، ومنهم أهل الأندلس الذين لم يثنهم عن ذلك في العصور المتأخرة من دولتهم ما كان يتهدد وطنهم من مخاطر العدو، ولما حدثت الواقعة كانت هجرة العلماء إلى حواضر الأقطار الإسلامية وفي مقدمتها حواضر الغرب الإسلامي ومن أبرزها حاضرة المغرب الأوسط تلمسان-. مبعوثة ''المساء'' إلى تلمسان: دليلة مالك