حسن رمعون هو جامعي ومدير قسم البحث حول سوسيو-أنثروبولوجيا التاريخ والذاكرة بالمركز الوطني للبحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية لوهران. وفي إجابته عن أسئلة حول أهمية تحرير كتابة تاريخ الجزائر من النظرة الاستعمارية ومشكلة نقص الأرشيف، شدد هذا الباحث على أهمية أن تستعمل الجزائر أحسن أرشيفها. وأوضح هذا المؤرخ أيضا أن عودة النشطين ممن يحنون الى الماضي الاستعماري في منطقة ''ميدي'' بفرنسا هي بدوافع انتخابية في هذا البلد. سؤال: شكلت ضرورة كتابة تاريخ الجزائر بعيدا عن المنظور الاستعماري أهمية منذ السنوات الأولى للاستقلال. أين نحن بعد مرور نصف قرن؟ جواب: يعود مطلب نزع النظرة الاستعمارية عن التاريخ إلى ظهور الحركة الوطنية خلال سنوات العشرينيات، ففي تلك الفترة كان التاريخ الاستعماري هو المهيمن من خلال مدرسة الجزائر العاصمة. وقد حاول التاريخ الاستعماري تبرير مشروعية الاحتلال فيما حاولت الحركة الوطنية اقتراح منذ ظهورها خطابا معاكسا. وبعد الاستقلال وابتداء من السبعينيات دعت الدولة الى كتابة تاريخ الثورة التحريرية وإعادة كتابة كل الفترة التي سبقتها وشوهها المؤرخون الفرنسيون. ويجب الاعتراف أيضا أن الكتابات التي قام بها الجزائريون أنفسهم بعد الإستقلال لم تكن موضوعية. وقد تم إبراز أسماء وإغفال أخرى لأسباب كانت في غالب الأحيان ذاتية وسياسية وإيديولوجية. ومنذ عشرية كاملة نحن في مرحلة جديدة تتعلق بالكتابة الأكاديمية التي تخضع لمعايير منهجية ومع ظهور أجيال جديدة التي لديها أسئلتها الخاصة بها حول الذاكرة بدأت نخبة جديدة من المؤرخين تتشكل. المشوار لا يزال طويلا ويبقى من العمل الكثير. سؤال: قبل الاستقلال بسنوات قامت فرنسا بتحويل عدد كبير من الأرشيف الخاص بالفترة الاستعمارية بالجزائر، ورغم الطلبات المقدمة لم تتمكن الجزائر من استرجاع سوى جزء بسيط منه، فهل تظنون أنه من الممكن كتابة التاريخ في غياب الأرشيف؟ جواب: من المؤكد أن كتابة التاريخ تعتمد على الأرشيف ولكن ليس وحده بل هناك الشهادات والمذكرات التي تعتبر مصادر جيدة. وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن أكثر من مائتي كتاب تم نشره خلال العشر سنوات الأخيرة من طرف فاعلين وأشخاص عايشوا تلك الفترة. وبطبيعة الحال لا يجب أن نأخذ هذه المصادر كحقيقة مطلقة لأن للمؤرخ طرقه، تكون نقدية عموما، حيث يقوم بإجراء مقارنة وإعادة جمع الأحداث والأقوال من أجل إعادة تشكيل رواية أكثر قربا للحقيقة كما أن الجزائر تتوفر على جزء من الأرشيف يتعين استعماله بشكل أفضل. سؤال: كيف يمكن تفسير مناورات الأشخاص الذين يحنون للماضي الاستعماري منذ عشرية في منطقة ''ميدي'' بفرنسا؟ جواب: تحاول هذه الحركة إقامة الربط مع الأجيال الجديدة المتألمة بشكل مشابه للأبناء المنحدرين من الهجرة ومشاكل الهوية والاندماج. ويتساءل جزء من هؤلاء الشباب ويعيدون النظر في ''روح'' الاستعمار، وفريق آخر يتأثر بهذا العمل الدعائي الذي تقوم به جمعيات ومناضلون سابقون وكذا المتعاطفون مع منظمة الجيش السري. ويكمن الهدف من هاته النشاطات المدعمة من طرف بعض الأحزاب السياسية في كسب ود الأعضاء السابقين لتلك المنظمة لأغراض انتخابية. (وأج)