أكد المشاركون في لقاء حول موضوع تاريخ الجزائر في الفترة الاستعمارية انتظم يوم الأربعاء بوهران على ضرورة تكثيف اللقاءات بين مؤرخي ضفتي البحر الأبيض المتوسط من أجل "انتقال جيد للمعلومات حول الدراسات والبحوث المنجزة". وخلال هذا اللقاء ناقش باحثو المركز الوطني للبحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية لوهران مداخلات ثلاثة باحثين فرنسيين ويتعلق الأمر بسيلفي تينو مكلفة بالبحث بالمركز الوطني للبحث العلمي وإيمانويل بلانشار من جامعة فرساي وكلار ماري نوار طالبة في الدكتوراه بمعهد الدراسات السياسية لباريس. ودعا الأستاذ حسن رمعون مؤرخ وباحث بوهران الحضور الى اللجوء الى مختلف المصادر المتمثلة في أعمال البحوث والأطروحات التي تم مناقشتها باللغة العربية بجامعات الوطن مشيرا الى أن "هذه المصادر يمكنها تقديم مقاربات غير مسبوقة بالنسبة للباحثين الذين هم متعودون على الاستعانة بدراسات مكتوبة باللغة الفرنسية". كما أبرز نفس الباحث أهمية تكثيف التبادل بين الباحثين الجزائريين والفرنسيين من أجل انتقال جيد للمعلومة مقترحا مضاعفة اللقاءات والندوات والبحوث حول موضوع تاريخ الجزائر. وقد سمح هذا اللقاء بتناول مسائل ذات الصلة بالمنهجية والأدوات المستعملة من أجل دراسة أفضل لتاريخ الجزائر خلال الحقبة الاستعمارية. ودعا إيمانويل بلانشار أحد المبادرين بالملتقى تحت عنوان "سكان وعلاقات اجتماعية في وضعية استعمارية" خلال تدخله المطول على أهمية اللجوء الى "الأدوات ومناهج العلوم الاجتماعية لدراسة مرحلة تاريخية (...) والاهتمام بالناس البسطاء ومختلف فئات المجتمع". وحسب هذا الباحث الفرنسي فإن هذه الطريقة الجديدة التي تبتعد عن "هيمنة التاريخ السياسي لا يجب أن تقلل أو تخفي عنف الفعل الاستعماري". من جهتها تساءلت سيلفي تينو صاحبة أطروحة دكتواره حول موضوع "القضاة الفرنسيون خلال حرب الجزائر" عن مفهوم "التاريخ التناظري للجزائر خلال الفترة الاستعمارية" حيث أشارت الى وجود "عدم تطابق في وجهة نظر المستعمرين والذين خضعوا للاستعمار حول التاريخ". وأوضحت أن أي تاريخ تناظري سيسمح بتدارك عدم التوازن من أجل اقتراح مقاربات كما يراها الذي خضع للاستعمار لتضيف أن هذا التاريخ يصعب كتابته لأنه يصطدم دوما ب "تصنيفية وطنية" و"تصنيفية زوجية أو ثنائية". كما أشارت نفس الباحثة الى أن "تاريخ الجزائر أخذ بعدا دوليا" ولم يعد "قضية فرنسية-جزائرية" وهذا ما يعكسه العديد من المؤرخين الانجلو-ساكسونيين والألمان الذين يشتغلون في هذا الميدان. أما الطالبة في الدكتواره كلار ماري نوار فسلطت الضوء من خلال مداخلتها على موضوع "مناضلي اليسار وجمعية العلماء المسلمين بمنطقة وهران بين الحربين العامليين" من خلال أمثلة ملموسة حيث كانت "الشراكة واضحة" بين اليساريين الفرنسييين والعلماء وذلك من خلال مشاطرة العديد من أوجه النظر أو المشاركة في نشاطات مشتركة مثل المسيرات والتجمعات والمحاضرات". وللإشارة فقد نظم هذا اللقاء من طرف فريق البحث التابع للمركز الوطني للبحث في الأنثروبولوجيا الثقافية والاجتماعية يحمل اسم "المقاومة الجزائرية بين التاريخ و الذاكرة 1945-1962".