استنكرت جبهة البوليزاريو أمس محاولة بعض الدول الاعضاء في الاتحاد الأوروبي منح المغرب صفة "وضع متقدم" وهو مصطلح يكرس الدلالة على طبيعة العلاقة المتميزة مع مجموعة من الدول في إطار السياسة الاوروبية الجديدة للجوار مما يؤهل الرباط إلى كسب صفة تفضيلية لدى الهيئات الأوروبية· ودعت جبهة البوليزاريو في نداء عاجل وجهته أمس من لندن الى كل أصدقاء الشعب الصحراوي والمدافعين عن حقوق الإنسان من منظمات وشخصيات إلى شن حملة ضد هذا المسعى· وتساءلت إن لم يكن الإتحاد الأوروبي بهذا النعت بصدد "مكافأة" المغرب على تعنته في انكار حقوق الشعب الصحراوي وامعانه في "الدوس على قرارات الشرعية الدولية ومبادئ حقوق الإنسان" وهي الشروط اللازمة التي يضعها الاتحاد الاوروبي لمنح صفة " الطرف المتقدم" لأية دولة من دول العالم من خارج الاتحاد· وجاء تحرك جبهة البوليزاريو عقب التصريحات الصحفية التي أدلت بها المفوض الاوروبي للعلاقات الخارجية وسياسة الجوار بنيتا فيريرو والدنر والتي قالت أن منح المغرب صفة "وضع متقدم" يمكن أن يستكمل خلال فترة الرئاسة الفرنسية النصف سنوية للإتحاد التي تبدأ في الأول من شهر جويلية القادم· للإشارة فإن صيغة "وضع متقدم" تمنح في إطار سياسة الجوار المعتمدة من طرف الإتحاد الأوروبي منذ عام 2003 ويتم من خلالها تحديد إطار علاقات جديدة بين الإتحاد الأوروبي والدول التي لها حدود معه وليس لها أي أفق للانضمام إلى الإتحاد الأوروبي مثل دول جنوب المتوسط وروسيا والدول المنبثقة عن الإتحاد السوفياتي سابقا· وسبق للمغرب ان طالب بمنحه هذا الوضع بعد رفض الإتحاد الأوروبي مطالبه في الانضمام إلى الاتحاد الاوروبي على اعتباره بلدا غير أوروبي· وتساءلت البوليزاريو عن المعايير التي يعتمدها الإتحاد الأوروبي في منح صيغة "وضع متقدم" في إطار سياسته الجديدة خاصة وأن منح هذه الصفة إلى أي بلد تعتمد بالدرجة الأولى على معيار احترام حقوق الإنسان والقيم المشتركة للإتحاد الأوروبي ومن بينها احترام الشرعية الدولية· هذه الأخيرة التي لا تجد مكانا لها في قاموس النظام المغربي عندما يتعلق الأمر بالنزاع في الصحراء الغربية، حيث لا تتوانى الرباط بالضرب عرض الحائط بكل لائحة أممية بخصوص القضية الصحراوية تدعوها الى منح الصحراويين حقهم في تقرير مصيرهم· وهو ما جعل جبهة البوليزاريو تلفت الانتباه إلى أن سجل المغرب لا يؤهله البتة لهذا الوضع لا سيما إذا ما أخذنا في الاعتبار التطور الأخير في قضية الصحراء الغربية· وضمنت رسالتها تقارير صادرة عن منظمات حقوق الإنسان الدولية والتي تقاطعت كلها في نقطة واحدة وهي تدهور وضعية حقوق الإنسان بصورة خطيرة في الصحراء الغربية بسبب استمرار الاحتلال المغربي في هذا البلد· وكانت تلك التقارير بمثابة شهادة ودليلا قاطعا على القمع المغربي الممارس ضد المدنيين الصحراويين في المدن المحتلة والذي زادت حدته في الفترة الأخيرة تزامنا مع دخول طرفي النزاع الصحراوي في مسار مفاوضات مباشرة لايجاد تسوية سلمية وعادلة للنزاع الذي دخل عقده الرابع· كما ذكرت رسالة البوليزاريو بالتقرير الذي اعدته المفوضية السامية لحقوق الانسان التابعة لمنظمة الاممالمتحدة بعدما أرسلت عام 2006 بعثة لتقصي الحقائق الى الصحراء الغربية· وأكدت النتائج التي توصلت إليها البعثة الأممية ما سبق وأن صدر في تقارير منظمات حقوق الإنسان والناشطين في مجال حقوق الإنسان إزاء انتهاكات حقوق الإنسان" · وذكرت البوليزاريو بأن التقرير خلص كذلك إلى أن"جميع انتهاكات حقوق الإنسان المذكورة تنبع تقريبا من عدم تمكين الصحراويين الحق في تقرير المصير" · وتضمن الرسالة تذكيرا بالانتفاضة السلمية في المدن الصحراوية والوضعية المأساوية التي آلت إليها صحة المعتقلين السياسيين المضربين عن الطعام في السجون المغربية· ونبهت إلى أن المغرب "لم يبد أي إرادة على الإطلاق للدخول في مفاوضات جدية تؤدي إلى حل تفاوضي ينص على حق شعب الصحراء الغربية في تقرير المصير على النحو الذي طلبه مجلس الأمن· وخلصت في الأخير الى إن المغرب لا يزال يحتل بشكل غير قانوني الصحراء الغربية وهو ما يتعارض مع قرارات الأممالمتحدة· وفي حال منحه هذه الصفة فإن ذلك سيعزز بالتأكيد احتلاله غير الشرعي ويجعل مسار العملية السياسية نحو إجراء استفتاء حر وعادل أكثر صعوبة في الوقت الذي تسعى فيه الأممالمتحدة الى التوصل الى تسوية سلمية ونهائية تنهي مأساة الشعب الصحراوي من خلال تمكينه من ممارسة حقه المشروع في تقرير مصيره·