حدد الأمين العام لجبهة التحرير الوطني السيد عبد العزيز بلخادم الخطوط العريضة لبرنامج الحزب بخصوص الاستحقاقات التشريعية المقبلة المنتظرة في 2012 وذلك خلال اجتماع الدورة العادية للجنة المركزية التي حملت اسم الراحل الهادي لخذيري والمنعقدة، امس، بتعاضدية عمال البناء بزرالدة، كما وجه الأمين العام للأفلان، بهذه المناسبة، رسائل سياسية لخصومه بتجديد التأكيد على قوة الحزب على الساحة السياسية بالقول إن ''كل ضرر على الأفلان سيأتي حتما بضرر على الجزائر''. وفي هذا الصدد، أكد الأمين العام للافلان أمام مناضلي الحزب أن الاستحقاقات القادمة تأتي في ظروف مغايرة وتستدعي المزيد من اليقظة والعمل والمثابرة وانتهاج سياسة التواصل والتفاعل مع الجماهير من خلال خطاب تعبوي ذي مصداقية، بما يضمن دعم الثقة القائمة والاستجابة للتطلعات التي أصبحت اليوم تتوزع على فئات متعددة من المجتمع ولكل فئة متطلباتها ومطالبها وطريقة التعبير التي اتخذت أشكالا مختلفة. ومن هنا، أبرز السيد بلخادم أهمية العمل من خلال استراتيجية محكمة تأخد بعين الاعتبار التحديات الراهنة التي تملي مواجهتها العمل بكل جدية لتطبيق الإصلاحات السياسية المعتمدة ومتابعة ما ستفرزه على الساحة السياسية من تطورات ومستجدات، وهو ما يقتضي -يضيف الأمين العام للأفلان- التجند الكامل لكافة مناضلي الحزب وتعبئتهم لكسب الرهانات المنتظرة في آفاق 2012 . وفي هذا السياق، أوضح السيد بلخادم أن حزب جبهة التحرير الوطني كان سباقا كعادته إلى الدعوة إلى الإصلاح، حيث طالب بتعديل الدستور، لينسجم مع التحولات الراهنة في البلاد، إلى جانب مساندته كل المبادرات التي أطلقها رئيس الجمهورية من أجل تعزيز المسار الديمقراطي وتكريس دولة الحق والقانون وتحقيق العدالة الاجتماعية والتمكين لحرية الرأي والتعبير وتعزيز الحكم الراشد واستقلالية القضاء ومحاربة الفساد والمفسدين ودعم مؤسسات الدولة وتحقيق التنمية المستدامة. وعليه، اعتبر أن المرحلة المقبلة تختلف اختلافا بيِّنا عن سابقاتها وتتطلب رؤية جديدة للعمل الحزبي، بما يرسخ تجذر الحزب لدى الشباب الذي هو اليوم على وعي بالمسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقه، ليس فقط للنهوض بالوطن ولكن أيضا لحماية هذا الوطن والدفاع عنه ضد كل المحاولات التي تستهدف استقرار البلاد. وإذ أكد أن الأفلان في جوهره ومضمونه يعد قوة اقتراح، فقد تطرق الأمين العام إلى الحملة المسعورة التي تستهدف الحزب من خلال طروحات تجاوزها الزمن وعافها التاريخ والدعوة إلى نزع شعاره وإنهاء رسالته، مضيفا إن هذه ''أصوات نشاز لا ينبغي أن نعطيها أكثر مما تستحق''، انطلاقا من أن حزب جبهة التحرير الوطني المتجذر شعبيا وتاريخيا والحامل لرسالة الشهداء، لن يحيد عن المهمة الوطنية التي يضطلع بها والتي تضعه في طليعة العاملين من أجل تدعيم بناء الدولة الجزائرية العصرية القادرة على مواجهة التحديات. وفي معرض إبراز النظرة المتفتحة للحزب وقناعته بمسايرة التطورات الراهنة، أشار السيد بلخادم إلى ما أسماه بقانون التحول، حيث لا شيئ يبقى على ما هو عليه، والقواعد الدستورية في البلاد مجبرة على مواكبة مختلف التطورات التي ترافق المشهد السياسي وذلك بإجراء التعديلات الضرورية عليه. وعليه أوضح أنه بحكم أن الجزائر لا تتوق إلى ديمقراطية هجينة ولا إلى تحول أو انتقال مفروض أو مقلد ولا إلى حداثة مستوردة، ولا إلى مشروع مجتمعي شعاري ضبابي المكونات والأهداف، فإن الشعب الجزائري يتطلع إلى ديمقراطية أَصْلِيَة وأَصِيلَة، مستنبتة من تربته المحلية، مستثمرة في ذلك مختلف التجارب الناجحة في البلدان الأخرى. ولعل في ذلك -من منظور الأمين العام للأفلان- ما يؤكد التزام رئيس الجمهورية بضرورة إعطاء دفعة قوية لحركية الإصلاح العميق، بحيث يتمركز جوهرها في مفصلات منظومة دستورية ديمقراطية، بالنظر إلى جسامة التحديات ومشروعية التطلعات وضرورة تحصين المكتسبات وتقييم الاختلالات، في سياق الحفاظ على قدسية الثوابت الوطنية، باعتبارها ذات إجماع وطني أو يكاد، وهو ما يتمثل في كل من الإسلام دين الدولة، والعربية اللغة الرسمية والنظام الجمهوري والوحدة الوطنية والترابية والخيار الديمقراطي. كما أبرز السيد بلخادم المرتكزات السياسية لحزبه والتي تؤكد على تكريس دستورية مكونات الهوية الوطنية وتوسيع مجال الحريات الفردية والجماعية تعزيزا لمنظومة حقوق الإنسان مع ضمان حرية ممارستها ترسيخا لدولة الحق والمؤسسات، الارتقاء بالقضاء إلى سلطة مستقلة بعيدا عن مفهوم المؤسسة المفوض لها صلاحيات تطبيق القانون، توطيد منطق فصل السلطات وتوازنها من خلال تحويل اختصاصات جديدة للبرلمان قصد النهوض بمهامه التمثيلية والتشريعية والرقابية ليتبوأ مكانة الصدارة، تعبيرا عن كونه نابعا من الإرادة الشعبية وتحوز ثقة المجلس وينبثق عنها وزير أو ليمثل الحزب السياسي ذا الأغلبية ليمارس مهامه السابق جدولتها في برنامجه الانتخابي كرئيس للسلطة التنفيذية في التنفيذ ورئيس الجمهورية كرئيس للسلطة التنفيذية في التحكيم. وإذ أكد أهمية تعزيز مشاركة المرأة في تدبير الشأن العام وبخاصة السياسي منه، فقد أشار بلخادم إلى سعي الحزب إلى العمل على توضيح البنود الدستورية قائلا في هذا الصدد ''وإن استوجب دستورا أطول مما هو عليه الآن، حتى لا يفتح باب التأويلات الدستورية''. ومن باب العمل على توضيح الرؤية فيما يخص المؤسسات والعلاقة بينها وصلاحياتها، فقد أكد الأمين العام إلزامية تقليص عدد الأحزاب الممثلة في البرلمان، ووقف نزيف التفريخ الحزبي من خلال رفع العتبة الانتخابية للحصول على تكتلات حزبية تترجم المشهد السياسي الفاعل في البلاد، إلى جانب عقلنة برامج الأحزاب التي ستحتكم إليها صناديق الاقتراع. ولم يستغرب السيد بلخادم التحامل على حزب جبهة التحرير الوطني، وهو في دفاعه المستميت عن الإصلاحات السياسية من خلال اتهامه بالإخلال بنواظم الممارسة الديمقراطية، كونه جعل من مناقشة مشاريع قوانين الإصلاح المحالة على البرلمان فرصة للحوار الديمقراطي الحقيقي ومناسبة لتجسيد تطلعات المواطنين. مازلنا دعاة وحدة كما ذكر بأن الأفلانيين كانوا ولا يزالون دعاة وحدة وأكثر حرصا على أن يكون الحزب بكل قياداته وإطاراته ومناضليه قوة واحدة، متراصة الصفوف ومتماسكة اللحمة، من أجل تكريس ريادة الحزب في الاستحقاقات المقبلة، مشيرا إلى أن هذا الهدف لن يتحقق إلا بنبذ كل الممارسات التي تفرق ولا تجمع وكذلك السلوك المقيت الذي يرتكز على المصالح الشخصية والرؤى الضيقة. وذكر في هذا الصدد بأن استهداف حزب جبهة التحرير الوطني قد بات البرنامج المفضل لدى العديد من الأحزاب. و''حتى تلك التي يجمعنا بها برنامج مشترك نتوخى من خلاله وضع الجزائر على الطريق الصحيح لاستدراك ما فات واستعادة المواقع التي تعود إليها فيما هو آت''. وفي حديثه عن الذاكرة تطرق الأمين العام للافلان إلى محاولات فرنسا تشويه الثورة التحريرية والإساءة إلى رموزها وتقديم صورة مزيفة للاستعمار في محاولة يائسة لتمجيده، واعتبار ثورة الأحرار عملا إرهابيا يجب إدانته وإخراجه من دائرة الثورات المحررة للإنسان إلى ما أصبح يسمى اليوم إرهابا، مشيرا إلى أن ما يتم الإعداد له في الضفة الأخرى من خلال ''مؤسسة من أجل ذاكرة حرب الجزائر'' يدعونا إلى الرد على تزييف التاريخ وتزوير الحقيقة ونكون على استعداد لإعطاء عيد الاستقلال ما يستحقه من الاهتمام تاريخيا، سياسيا، ثقافيا وجماهيريا. يذكر أن أشغال اللجنة المركزية التي تتواصل في جلسات مغلقة تم فيها عرض التقارير التي أنجزتها اللجان الفرعية المنبثقة عن اللجنة الوطنية لتحضير الانتخابات التشريعية التي تم تنصيبها في الفاتح من شهر أكتوبر المنقضي والتي ضمت في تشكيلتها الموسعة أعضاء اللجنة المركزية وأمناء المحافظات وأعضاء البرلمان بغرفتيه.