يتأكد من يوم لآخر أن الأزمة السياسية في العراق بدأت تسير بسرعة جنونية باتجاه تعقيدات غير مسبوقة قد تجعل من الاستحالة بمكان رأب الصدع الحاصل بين مختلف الفرقاء السياسيين وبما قد يدخل هذا البلد في دوامة أزمة سياسية خانقة. وقد تأكد ذلك في ظل الملاسنات الحادة التي بلغت حد الاتهامات العلنية بين مختلف أطراف الطبقة السياسية وبدأت تنعكس تدريجيا على أطياف المجتمع العراقي وخاصة بين الطائفتين السنية والشيعية. وأدخل تأزم العلاقة بين الوزير الأول نوري المالكي الشيعي وبين طارق الهاشمي نائب الرئيس العراقي السني المشهد السياسي في خانة المستقبل غير المضمون وجاءت التفجيرات الانتحارية الأخيرة التي خلفت مقتل 70 عراقيا لتزيده تأجيجا. ولم يشأ نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي تفويت هذه العمليات التي تزامنت مع رحيل القوات الأمريكية ليؤكد أنها كانت ''من تدبير أطراف داخل الحكومة العراقية''. وقال في أول رد فعل له على تلك التفجيرات أن ''ضلوع الحكومة العراقية يفسر لوحده لماذا تمكن منفذو تلك العمليات من زرع عبوات ناسفة في مناطق متفرقة من بغداد''. وأضاف أن ما حدث يبين ''تقصير الحكومة ويعطي دليلا على ضعف سيطرتها على الملف الأمني فهي توجه الأجهزة الأمنية في الاتجاه الخطأ'' نافيا في الوقت ذاته الاتهامات الموجهة إليه بضلوعه في العمليات الإرهابية. وطالب الهاشمي رئيس الوزراء نوري المالكي بتركيز جهوده على الشأن الأمني بدلا من مطاردة السياسيين الوطنيين قبل أن يحمله مسؤولية موجة العنف التي تجتاح البلاد والاحتمالات المتزايدة من أن تؤدي الى تفجير أزمة وطنية ''لن يكون من السهل تطويقها''. ولتفادي ذلك أكد رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البرزاني على ضرورة عقد مؤتمر موسع لقادة كافة الفعاليات السياسية من اجل الخروج من الأزمة السياسية السائدة. ووجه البرزاني نداءه بعد لقاء جمعه بالسفير الأمريكي في العراق جيمس جيفري في مدينة دهوك، حيث أكد على ضرورة عقد مؤتمر موسع لقادة الكتل السياسية العراقية بهدف حل المشاكل والخروج من الأزمة الراهنة. ويجري السفير الأمريكي مفاوضات ماراطونية مع كل القيادات السياسية العراقية في محاولة للتخفيف من حدة الاحتقان السياسي الناتج من اتهام الهاشمي بتدبير والقيام بأعمال إرهابية. وشدد البرزاني التأكيد على أنه ليس بإمكان طرف واحد أن ينفرد بحكم العراق وقال ''لو وقع صراع مذهبي فإن الأكراد لن يصبحوا طرفا فيه أما إذا كان صراعا سياسيا فسنكون طرفا فيه''. يشار إلى أن طارق الهاشمي الذي صدرت بحقه مذكرة توقيف بتهمة التورط في أعمال إرهابية يتواجد حاليا في إقليم كردستان ويشترط لمثوله أمام القضاء بأن يجري ذلك في هذا الإقليم.