أمام الجزائريين فرصة تاريخية في الربيع المقبل من خلال الانتخابات التشريعية، وأمام الأحزاب التي تتباكى على الديمقراطية أن تتهيأ لهذا الحدث لتجعل منه عرسا لهذه الديمقراطية، لكن عليها قبل كل شيء ان تكرس الديمقراطية بداخلها كفلسفة وممارسة، حتى لا تقدم للجزائريين قوائم عرجاء يتصدرها أناس لا علاقة لهم بالمواطن وانشغالاته ويجهلون ابسط قواعد التسيير والإدارة، وعندما نقول يجب على الأحزاب التي سيتشكل منها المجلس الشعبي الوطني في عهدته القادمة،ان تكون ديمقراطية التوجه، فمعنى ذلك عليها ان تسارع الى تجديد خطابها وثوبها وفلسفتها، لأن خطاب تسعينيات القرن الماضي اضحى مرفوضا، ووجوه تلك الحقبة اضحت هي الأخرى بالنسبة لنا قديمة لا تستطيع ان تنتج الجديد وأن اساليب الروتينية في انتقاء الممثلين في المجالس المنتخبة الروتينية أضحت كذلك لعبة مكشوفة وممقوتة لا تقنع الناخب، الذي يريد الملموس حتى لا تتكرر المهازل التي نقف عندها يوميا ضمن اطر هذه الهيئات المنتخبة. إن الفشل الذي سجلته المجالس المنتخبة في التسيير حتى الآن، مرده ضعف التمثيل الذي تتحمله بالدرجة الأولى الاحزاب الممثلة فيها، فهذه الاخيرة وبلغة بسيطة يفهمها العام والخاص، هي من يختار رجال كل مرحلة، وهي من يلجأ الى الاستعانة بعديمي الكفاءة وهي من يتوخى المحسوبية في الانتقاء أو يفضل هذا على ذاك وهي من يرشح حتى من لا يؤمن ببرامجها وافكارها، وهي من يتحمل مسؤولية كل اخفاق. وعندما تكون هذه الاحزاب في وضع نجدها تضطر الى التملص من مسؤولية عند كل اخفاق لتلجأ الى الخطب الرنانة والجوفاء، فتستعمل أساليب التشكيك عند كل خطوة اصلاحية تتخذ، وبذلك فهي تصنف في خانة ألد خصوم الديمقراطية، بل إنها تضع نفسها في خانة من يقف في وجه طموحات المواطن الذي يريد احزابا تتبنى انشغالاته ولا تتاجر بها ويريد نوابا ومنتخبين يمثلونه أحسن تمثيل ولا يميلون الى الكسل عند مناقشة امهات القضايا التي تهم المواطن. إن ما يريده المواطن في المرحلة المقبلة ويجب ان تحفظه الاحزاب جيدا، سواء من خلال العهدة التشريعية الجديدة أو من خلال تجديد المجالس المحلية، هو تأتي له أحزاب القطب الديمقراطي وحتى غير الديمقراطي، بأناس يخدمون المواطن ولا يتآمرون عليه، ويؤمنون بفكرة أن الجزائر لن تتقدم خطوة الى الأمام إلا وضع الكل مصلحة الوطن فوق كل الاعتبارات، وإلا سنبقى ندور في حلقة مفرغة ولا نسمع سواء الأصوات التي ألفناها منذ تسعينيات القرن الماضي، تلك الأصوات التي تشكك في كل شيء يقترح عليها