أكد رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة أن محتوى مختلف مشاريع القوانين المتصلة ببرنامج الإصلاحات السياسية يعكس إرادة الشعب الجزائري في دفع المنظومة السياسية الديمقراطية والتعددية قدما، معربا بالمناسبة عن ارتياحه للتقيد بالرزنامة التي تم تحديدها لتكريس هذه الإصلاحات، بما في ذلك الآجال المحددة لمشروع مراجعة الدستور الذي سيحال على البرلمان بعد الانتخابات التشريعية المقبلة. وأشار السيد بوتفليقة خلال ترؤسه يوم الاحد إجتماع مجلس الوزراء، أن الحرص على الرزنامة السياسية المحددة لاستكمال برنامج الإصلاحات وكذا الاستجابة لاقتراحات معظم المشاركين في المشاورات السياسية، يشكل السمة المميزة للمراحل المقبلة من الاصلاحات السياسية، مؤكدا بان الأمر يشمل أيضا الرزنامة المحددة لمشروع مراجعة الدستور، والذي سيحال على البرلمان فور الفراغ من الانتخابات التشريعية المقررة العام المقبل. وفي تعقيبه عن جلسة المجلس التي وافق خلالها على أربعة مشاريع قوانين عضوية من أصل المشاريع السبعة المتصلة بالإصلاحات السياسية، وهي مشروع القانون المتعلق بنظام الانتخابات والمشروع الذي يحدد إجراءات توسيع تمثيل المرأة في المجالس المنتخبة، والمشروع المحدد لحالات التنافي مع العهدة البرلمانية، علاوة على مشروع قانون الولاية، أكد رئيس الدولة أن مضمون غالبية هذه المشاريع يعكس إرادة الجزائريات والجزائريين في دفع المنظومة السياسية الديمقراطية والتعددية التي أرسوا قواعدها قبل عقدين من الزمن قدما، مشيرا إلى أن هذه المنظومة أضحت اليوم واقعا ملموسا سواء في الساحة السياسية، أو على مستوى المجالس المنتخبة والحركة الجمعوية. وبالمناسبة سجل السيد بوتفليقة أن الأحكام المقترحة في مشروع القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات، ستتيح مستقبلا لجميع الملاحظين، سواء الوطنيين منهم أو الأجانب الوقوف على أهمية جهاز الإشراف على الانتخابات ومراقبتها، وذلك بمشاركة نشطة للمترشحين للانتخابات، معربا عن أمله في أن يحول كل ذلك، دون التشكيك في شفافية الانتخابات المقبلة أو في إمكانية التداول على السلطة عن طريق صناديق اقتراع، في كل مرة يقرر فيها الشعب ذلك بكل سيادة. كما ثمن الخطوات الايجابية التي يتضمنها مشروع القانون المتعلق بالولاية من حيث انه يدعم السياسة الوطنية للامركزية، وإتاحة مسؤوليات أكبر للمنتخبين المحليين، وذكر بأن أحكام هذا المشروع تأتي كتتمة لقانون البلدية الصادر الشهر المنصرم، داعيا بالمناسبة الحكومة والإدارات المحلية إلى تقديم المساعدة اللازمة للمجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي الذي كلف بتنشيط نقاش واسع مع ممثلي المواطنين والمنتخبين المحليين، بما يؤمن تنظيم جلسات وطنية حول حكامة التنمية المحلية قبل نهاية هذه السنة، تدمج خلاصاتها وتوصياتها في البرنامج الوطني للإصلاحات، وتتولى الحكومة بعد ذلك مسؤولية تنفيذها. أما بخصوص مشروع القانون المتعلق بترقية مكانة المرأة في المجالس المنتخبة، فأوضح رئيس الجمهورية أن صياغته تتساوق مع أحكام الدستور التي تضمن المساواة في الحقوق بين المواطنين والمواطنات، مثلما تعتبر تتويجا للجهود المبذولة من أجل ضمان المساواة بين الجنسين في مختلف مجالات الحياة، على غرار مجال التربية والتعليم والتشغيل والوصول إلى مناصب المسؤولية، مشيرا في نفس السياق إلى أن الحضور الأوفر للنساء في البرلمان وفي المجالس المحلية المنتخبة، سيعزز تمثيل هذه الهيئات المختلفة ويشكل ضمانا لإجماع أوسع حول القرارات التي ستتخذها هذه المجالس في كنف احترام القيم الوطنية. وجدد الرئيس بوتفليقة في الأخير تعهده الشخصي بالمضي قدما في تجسيد الإصلاحات السياسية التي قررتها الجزائر بكل سيادة، مشيرا إلى أن هذه الإصلاحات ستعزز معركة التنمية المتواصلة في البلاد والقائمة على أساس متين، يترجمه نجاح الشعب الجزائري في إقامة نظام سياسي تعددي خاص به، وكذا توفيقه في إستعادة السلم عقب مأساة وطنية وخيمة. مشروع قانون الانتخابات يقر آلية مزدوجة لمراقبة الانتخابات يقترح مشروع القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات الذي تمت دراسته والمصادقة عليه أول أمس في مجلس الوزراء آلية مزدوجة لمراقبة الانتخابات، تشمل وضع لجنة مراقبة تتكون من قضاة ولجنة مستقلة لمراقبة الانتخابات. وتسهر لجنة المراقبة التي تضم قضاة يعينهم رئيس الجمهورية على احترام أحكام قانون الانتخابات خلال كل اقتراع على المستوى الوطني والولائي منذ استدعاء الهيئة الناخبة إلى غاية إعلان النتائج وتثبيتها نهائيا. ويتم تأكيد الإشراف القضائي على الانتخابات من خلال مراجعة القوائم الانتخابية تحت سلطة لجان يترأسها قضاة، وكذا من خلال اللجنة الولائية للانتخابات التي تتألف من قضاة. ومن جهتها تبقى اللجنة المستقلة مؤلفة من ممثلي الأحزاب وممثلي قوائم المترشحين الأحرار المشاركين في الاقتراع، وتتولى انتخاب رئيسها بنفسها وإنشاء فروعها على مستوى الولايات والبلديات. وتمد السلطات العمومية لجنة المراقبة، بناء على طلب منها بموظفين مؤهلين في مجال الانتخابات، كما تمنحها ما تحتاجه من موارد وميزانية لتأدية مهامها. ويلزم مشروع القانون الإدارة المختصة بتبرير أي رفض لقائمة مترشحين أو لترشح قائمة ما، وتخويل الحزب أو المترشح المعني إمكانية الطعن في هذا الإجراء لدى الجهات القضائية المختصة إقليميا، ويجبر الولاية على تسليم نسخة من القائمة الانتخابية الولائية لجميع ممثلي قوائم الأحزاب أو المترشحين الأحرار، مع إمكانية الطعن لهؤلاء عند الاقتضاء في محتوى القائمة. كما يقضي بحضور 5 مثلين للمترشحين في كل مكتب انتخابي، وينص على استعمال صناديق شفافة وحبر غير قابل للمحو لضمان مزيد من الشفافية لمسار الاقتراع. ويتضمن النص أيضا إجراءات أخرى من شأنها ضمان شفافية الاقتراع، مثل التسليم توا لممثل كل قائمة تخوض غمار الانتخابات نسخة من محضر العملية على مستوى مكتب الاقتراع، ومحضر من عملية التدقيق في النتائج برئاسة قاض على مستوى البلدية، ومحضرا للنتائج المدققة على مستوى الولاية من قبل لجنة مؤلفة من قضاة، علاوة على إدخاله تحسينات أخرى على النظام الانتخابي، تشمل خفض توقيعات الناخبين المشترط من المترشح للانتخاب الرئاسي، خفض السن المشترطة من المترشح للعضوية في مجلس الأمة، منع انتقال مرشح من قائمة انتخابية إلى تشكيلة سياسة أخرى بعد انتخابه وكذا إلزام عضو الحكومة الذي يترشح للانتخابات بالاستقالة من وظيفته. وينص في المقابل على عقوبات في حق كل من يحاول شراء ذمم المنتخبين أو تزوير الانتخابات مع تشديدها في حال كان المخالف عونا عموميا. توسيع تمثيل المرأة في القوائم الانتخابية يحدد مشروع القانون العضوي المتعلق بإجراءات توسيع تمثيل المرأة في المجالس المنتخبة نسبة المترشحات التي ينبغي أن تتوفر في كل قائمة انتخابية، حيث يشترط أن لا تقل هذه النسبة عن الثلث في كل قائمة مترشحين للانتخابات التشريعية أو الانتخابات الولائية والبلدية، في البلديات التي يفوق تعداد سكانها 20 ألف نسمة. وجاء في نص المشروع الذي صادق عليه مجلس الوزراء أول أمس أنه ''يتم عند نهاية عملية فرز الأصوات توزيع المقاعد وفقا لعدد الأصوات التي تؤول إلى كل قائمة مع تخصيص ثلث المقاعد للمترشحات حسب ترتيبهن الاسمي في القائمة المعنية''، ويضيف النص أنه ''في حال ما إذا تحصلت قائمة من القوائم على مقعدين لا غير يتم توزيعهما بين الجنسين حسب الترتيب الاسمي للمترشحين''. ويتم حسب النص استخلاف كل منتخب لم يكمل عهدته في المجالس البلدية والولائية بمرشح من نفس الجنس وارد اسمه في القائمة المقدمة في نفس الاقتراع، كما يشير في سياق متصل إلى إمكانية تشجيع الدولة للأحزاب السياسية على ترقية مزيد من الحضور النسوي ضمن المجالس المنتخبة بواسطة دعم مالي خاص يتناسب مع عدد مترشحات هذه الأحزاب المنتخبات في مختلف المجالس. التنافي مع العهدة البرلمانية يعزز استقلالية البرلمانيين يهدف مشروع القانون المتعلق بنظام تنافي العهدة البرلمانية بشكل أساسي إلى تعزيز استقلالية البرلمانيين وتفرغهم التام للاضطلاع بمهامهم التشريعية والرقابية، وذلك بداية من سنة ,2012 حسب الاقتراح الوارد في النص المصادق عليه من قبل مجلس الوزراء. ويحدد المشروع الذي تمت صياغته بمراعاة اقتراحات المشاركين في المشاورات السياسية، من بين حالات التنافي مع التمثيل النيابي، المهام الممارسة ضمن الحكومة والمجلس الدستوري والإدارات والمؤسسات العمومية وفي إطار أية عهدة انتخابية أخرى ومهنة القضاء. كما يذكر ممارسة وظيفة أو عمل أو عهدة في مؤسسة أو مجمع اقتصادي والنشاط التجاري والمهن الحرة وكذا كل وظيفة أو عمل موكل من قبل دولة أجنبية أو منظمة دولية. ويتضمن النص استثناءات محددة من حالات التنافي، منها التعليم الجامعي وممارسة الطب في القطاع العمومي وكذا تولي مهمة مؤقتة لحساب الدولة. فيما يقترح أحكاما تلزم المنتخب في البرلمان عند الاقتضاء بتصحيح وضعه وإلا يتم إسقاط صفته البرلمانية. دعم صلاحيات المجالس الشعبية الولائية من جهته يعزز مشروع القانون المتعلق بالولاية صلاحيات المجلس الشعبي الولائي، ولاسيما في مجال التنمية الاقتصادية، والمبادرات التي من شأنها جلب المستثمرين وتشجيع خلق المؤسسات. ويقترح المشروع إعادة صياغة جوهرية للتشريع الساري من أجل دعم المقاطعة اللامركزية وتعزيز مشاركة المواطنين في التنمية المحلية من خلال منتخبيهم. وإذ يجدد النص التأكيد على أن الولاية فضاء لدعم التنمية المحلية والنشاطات الخاصة بالبلديات، فهو يوضح توزيع المهام والموارد بين الدولة والولاية والبلدية ويدعم أيضا دور الولاية في تنسيق النشاط الحكومي على المستوى المحلي.