الوسطاء، قلة النظافة و''الكلوندستان'' ثالوث يرهن خدمة الزبائن تعرف المحطة البرية بالخروبة التي تعتبر من أكثر المحطات استقطابا للمسافرين من مختلف مناطق الوطن، تدهورا وفوضى عارمة أصبحت تميزها في الآونة الأخيرة، حيث يمكن لزائرها أن يلاحظ تدني وضعيتها وبصفة ملفتة للانتباه، عكس ما كانت عليه في السنوات الأولى التي أعقبت تدشينها، فالمسافر عبر هذا المرفق الهام بالعاصمة لن يجد راحته مثلما لاحظت''المساء'' في عين المكان، وذلك بسبب قلة النظافة والوسطاء الذين غزوها خلال العطل والأعياد. على خلاف السنوات الماضية؛ فإن الزائر صار يلاحظ تدني وضعية المحطة، حيث تنتشر الروائح الكريهة وبقايا السجائر وقنينات المياه المعدنية، مثلما لاحظناه على مستوى السلالم التي تتوسط المحطة من الداخل والتي تشوهها صفحات الجرائد التي يجلس عليها المسافرون قبل مغادرة المحطة نظرا لمحدودية الكراسي، كما أخذت الأرضية اللون الأسود بسبب عدم تنظيفها باستمرار، عكس ما كان يحدث في السابق، حيث يقوم الأعوان المكلفون بتنظيفها بصفة دائمة، كما يمكن لزبائن محطة الخروبة وزوارها مواجهة بعض السلوكات الغريبة على المحطة على غرار ظاهرة ''مراودي الزبائن'' الذين يوجهونهم نحو الشبابيك ويقومون بتحويلهم من حافلة إلى أخرى وبطريقة محرجة ومنافية للمنافسة الشريفة، حيث يلحون على المسافرين من أجل التوجه نحو حافلة دون غيرها ولفائدة ناقلين معينين، في شكل يزعج زبائن المحطة، خاصة وأن هؤلاء يصادفونهم في مدخل المحطة، سعيا منهم لجلب أكبر عدد من الركاب دون مراعاة عملية بيع التذاكر التي تتم على مستوى الشبابيك، في غياب رادع لهذا المشكل الذي تسبب في توقف العديد من المتعاملين عن الاستثمار في النقل البري وخلق فوضى كبيرة أيضا. مداخيل لا تعكس مستوى الخدمات وفي تعليقه على هذه الوضعية ذكر مصدر من مؤسسة اقتصادية تنشط في مجال النقل على مستوى المحطة، أن هذه الأخيرة أخذت في السنوات الأخيرة طابعا تجاريا أكثر منه خدماتيا، مشيرا إلى أن هؤلاء الشباب يؤثرون في راحة المسافرين من خلال محاولاتهم جلب أكبر عدد من الزبائن لمتعامل دون آخر، حتى ولو كان على حساب المسافرين الذين عادة ما يتوجهون إلى الشبابيك المخصصة لدفع التذاكر وحسب كل ولاية، كما يلجأ هؤلاء الشباب، الذين احتلوا بهو المحطة بصفة شبه كلية، إلى التحرش ببعض المسافرين أحيانا، الأمر الذي اعتبره أحد المواطنين، الذي كان متجها إلى حاسي مسعود بغير المقبول، مقترحا في تصريح ل ''المساء'' توظيف المزيد من أعوان الأمن، كما أشار إلى مشكل عدم وجود فندق ومرحاض واحد رغم تزايد عدد المسافرين الذي يتجاوز ال 20 ألف مسافر يوميا في أيام العيد. من جهته؛ ذكر عضو بالاتحاد الوطني للناقلين ل''المساء'' أن مشكل الوسطاء يعتبر من بين أهم النقاط السوداء التي تعرفها محطة الخروبة، وذلك رغم تدخل أعوان الأمن ومنع نشاط هؤلاء من قبل شركة استغلال المحطة ''سوقرال''، التي يمكنها -كما قال- اتخاذ قرار صارم لوضع حد لهذه الظاهرة التي يعتمدها بعض الناقلين دون البعض الآخر، كما أشار إلى مشكل ''الكلوندستان'' الذين غزو المحطة بصفة ملفتة للانتباه، مثلما لاحظته ''المساء'' في عين المكان، إذ بمجرد توقف الحافلة بأحد أرصفة المحطة يحيط بها عدد يصل أحيانا إلى حوالي 40 شخصا يقترحون على المسافرين نقلهم، خاصة القادمين من الولايات البعيدة الذين اشتكى بعضهم من هذه التصرفات التي تصل أحيانا إلى حد الاعتداء، وهذا في الوقت الذي تتوفر المحطة على سيارات الأجرة. في هذا السياق؛ أكد المتحدث على ضرورة تدخل الوصاية لتنظيم الخدمات بالمحطة التي بدأت تفقد سمعتها تدريجيا، مشيرا إلى أن إرجاع الأمور إلى نصابها يتطلب عملا مشتركا والتنسيق بين مختلف الأطراف المعنية، ومنها الشركة المسيرة ''سوقرال'' والناقلون وخاصة مسؤولي المناطق، ولم يفوت محدثنا الفرصة دون الإشارة إلى أن المسافرين الذين يصلون إلى المحطة في ساعات متأخرة من الليل ويجدونها مغلقة، حيث يواجه هؤلاء متاعب كثيرة، كون المحطة تقع في الطريق السريع وتبعد عن المناطق التي تتواجد بها الفنادق للمبيت ليلا، مؤكدا على ضرورة إنجاز فندق لإيواء زبائن المحطة، ووضع قاعة كبيرة للصلاة لفائدة المسافرين. من جهته؛ ذكر المكلف بالنقل الحضري بالاتحاد ل''المساء'' أن المحطة تدهورت وضعيتها كثيرا وأن مداخيل الشركة لم تنعكس بالإيجاب على الخدمات وراحة المسافرين، خاصة المتوجهين إلى الولايات الجنوبية أو البعيدة عن العاصمة والذين عادة ما ينتظرون موعد انطلاق الحافلة في أماكن غير مريحة. على صعيد آخر؛ وبخصوص أسعار كراء المحلات واستغلال الأرصفة التي أبدت شركة سوقرال رفعها من 650 دينارا للمتر المربع إلى 1500 دينار للمتر المربع، فقد أشار رئيس الاتحاد الوطني للناقلين، السيد محمد بلال، ل ''المساء'' إلى أنها زيادة غير معقولة، خاصة وأن المحلات تقدم خدمات في إطار المصلحة العامة، مؤكدا على رفض هذه الزيادة التي يجري بشأنها نقاش بين المتعاملين ومؤسسة سوقرال. بدورهم؛ عبر بعض المسافرين ل ''المساء'' عن عدم رضاهم بوضعية المحطة، مشيرين إلى أن محلات الأكل السريع وباقي المحلات التي انتشر عددها على حساب نوعية الخدمات، فضلا عن الأسعار المرتفعة جدا التي يعتمدونها، متسائلين عن مدى قانونية عمل أصحابها وفرض الرقابة الصارمة على النوعية والسعر معا، خاصة بالنسبة لمحلات الأكل السريع. ''سوقرال'' تعترف وتعد باستدراك الأمور وفي رده على ما آلت إليه المحطة البرية بالخروبة من تدهور، خاصة ما تعلق بالنظافة داخل المحطة وبمحيطها؛ أرجع مدير المحطة السيد مصطفى عراجي، في لقاء خص به ''المساء''، ذلك إلى عدم فعالية المؤسسات التي كانت تقوم بهذه المهمة، مما أدى إلى استبدالها في الأيام القليلة الماضية بمستخدم آخر وتدعيم الأعوان المكلفين بهذا الجانب، من أجل إعادة الأمور إلى نصابها والتي بدأت - حسبه - تتحسن. أما بخصوص مشكل مراودي الزبائن، فقد أوضح المتحدث أن ذلك راجع بالدرجة الأولى إلى ارتفاع العرض مقارنة بالطلب أي عدد الحافلات مقارنة بعدد المسافرين، باستثناء أيام العطل والأعياد التي يتضاعف فيها عدد المتنقلين إلى ولاياتهم، بينما يقل زبائن المحطة في الأيام العادية، مما خلق منافسة غير قانونية وظاهرة جديدة على المحطة والمتمثلة في انتشار هؤلاء الشباب المكلفين بجلب أكبر عدد من المسافرين للحافلات التي يتم الاتفاق مسبقا مع أصحابها. في هذا الصدد؛ أشار المتحدث إلى أن هذا المشكل خلقه الناقلون الذين يتخذونه وسيلة لمواجهة المنافسة الشرسة بينهم، مؤكدا أن تواجد هؤلاء الشباب مرتبط بالمتعاملين الذين تمت دعوتهم قبل أسبوع للنظر في هذه المسألة، حيث عقدت عدة اجتماعات كان هذا الملف من بين النقاط الأساسية التي تم التطرق إليها، آخر الاجتماعات كان بداية جانفي الجاري مع مسؤولي الاتحاد الوطني للناقلين، الذين عبروا عن رفضهم لهؤلاء الوسطاء الذين أصبحوا يحرجون المسافرين، لكن - يضيف المتحدث - لا أحد من أصحاب الحافلات يتخذ إجراء فعليا ويوقف التعامل مع هؤلاء الشباب، كما تمت الاستعانة بأعوان الشرطة ودعوتهم لوضع حد لهذا النشاط الذي شوه صورة المحطة التي تعتبر بوابة نحو كافة ولايات الوطن، خاصة وأن خلية الأمن التابعة للمحطة - يضيف - ليس بإمكانها التحكم في الوضع لوحدها، غير أن مجهودات معتبرة تتم في هذا الإطار، حيث تم - مؤخرا - تنصيب فرقة صغيرة تهتم بالأكشاك ومحيطها لقطع الطريق أمام الوسطاء وإبعادهم، فضلا عن 85 عون أمن يضمنون الحماية للمسافرين والسير الحسن داخل المحطة. وبخصوص المسافرين القادمين من الولايات البعيدة والذين يصلون في وقت متأخر للعاصمة؛ نفى المسؤول الأول عن محطة الخروبة إبقاءهم خارجها، خاصة العائلات المصحوبة بالأطفال، مضيفا أن هذه الأخيرة تغلق أبوابها لوقت قصير جدا للسماح بتنظيفها وذلك بداية من آخر رحلة عند منتصف الليل لتفتح مع وصول أول حافلة على الساعة الثانية أو الثانية والنصف صباحا. من جهة أخرى؛ ذكر المتحدث أن عدد المسافرين بلغ ما بين 20 ألف و 25 ألف مسافر في اليوم خلال العطلة الشتوية الأخيرة، بينما يصل عدد الرحلات المبرمجة حاليا إلى 920 رحلة بمعدل رحلة كل نصف ساعة بالنسبة للرحلات البعيدة مثل بشار، مقابل 650 رحلة مضمونة، بمعنى أن هناك 60 إلى 70 بالمائة من الرحلات المضمونة في اليوم، في حين تبقى حافلات أخرى دون زبائن أو تضمن حوالي30 مقعدا فقط، بسبب ارتفاع عدد الحافلات في حظيرة المحطة، وهو ما تسبب - حسب المدير - في ظاهرة المنافسة غير القانونية بين الناقلين الذين يحاولون ملء حافلاتهم قبل انطلاقها، خاصة تلك المتوجهة إلى مناطق بعيدة، فالعرض مرتفع كثيرا مقارنة بالطلب. وفي السياق ذكر المسؤول الأول عن المحطة أن مؤسسة ''سو?رال'' التي تسير المحطة تسعى لتحسين الخدمات وتوفير الراحة للمسافرين، غير أنها تنتظر الدعم من الشرطة التي بإمكانها وضع حد لنشاط الوسطاء، بينما رفض الإفصاح عن مداخيل المحطة التي تجري بها بعض الأشغال.