أدانت الجزائر صباح الخميس الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس المالي امادو توماني توريه وطالبت باستعادة الشرعية الدستورية. وتوالت الإدانات الدولية لهذا الانقلاب من الاتحاد الإفريقي والدول الغربية، حيث تم الاستيلاء على القصر الرئاسي ومبنى الإذاعة والتلفزيون. ويقول الانقلابيون - الذين بدا أنهم سيطروا على الوضع بحلول منتصف نهار أمس - أنهم أطاحوا بحكومة الرئيس توريه "لعدم كفاءتها" في إدارة الأزمة بعد سيطرة متمردي الطوارق وجماعات أخرى مسلحة في الأسابيع القليلة الماضية على مدن وقواعد عسكرية للجيش المالي في شمال البلاد . ووعد قادة الانقلاب في بيانهم الانقلابي بتسليم السلطة مجددا إلى حكومة منتخبة، لكن ذلك لم يمنع تشكّل موجة تنديد إقليمية ودولية بالانقلاب. وقد حدث الانقلاب قبل أسابيع فقط من الانتخابات الرئاسية التي كان مقررا أن يجري دورها الأول في أفريل المقبل، ولم يكن للرئيس المطاح به الحق في ولاية أخرى. بدوره سارع مجلس الأمن والسلم التابع للاتحاد الأفريقي إلى إعلان رفض الانقلاب، وعبر عن قلقه من تدهور الوضع الإنساني والأمني في منطقة الساحل الأفريقي التي تشهد انتشارا متزايدا للسلاح وأزمة غذائية متفاقمة. كما سارعت الجزائر - التي لها حدود مشتركة طويلة مضطربة مع مالي- إلى إدانة الانقلاب، وعبرت عن عميق قلقها بشأن الوضع في هذا البلد. وقال الناطق باسم الخارجية الجزائرية عمار بلاني أن الجزائر من منطلق موقفها المبدئي ومن القواعد المؤسسة للاتحاد الأفريقي تدين اللجوء إلى القوة والتغييرات اللا دستورية. وأضاف أن بلاده تعلن تمسكها الشديد بإعادة النظام الدستوري إلى مالي. كما نددت المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا بالانقلاب، وهو الموقف ذاته الذي عبر عنه الأمين العام لمنظمة الفرنكوفونية عبدو ضيوف. وأدان الاتحاد الأوروبي من جهته الانقلاب وطالب باستعادة النظام الدستوري، وهو الموقف ذاته الذي عبرت عنه فرنسا - المحتل السابق المالي - على لسان وزير خارجيتها آلان جوبيه، الذي نفى علم فرنسا بمكان الرئيس المالي. أما الولاياتالمتحدة فدعت مالي إلى حل مشاكلها بالحوار وليس بالعنف، وهو الموقف ذاته تقريبا الذي صدر عن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. وكان الانقلابيون - الذين يقودهم النقيب أمادو سونغو في إطار ما أطلقوا عليها "اللجنة الوطنية لإعادة الديمقراطية واستعادة الدولة"- أعلنوا صباح أمس عبر التلفزيون الوطني الإطاحة بالرئيس أمادو توماني توريه وحل كل المؤسسات وتعليق الدستور، لكنهم تعهدوا بالعودة إلى الحكم المدني وتشكيل حكومة وحدة وطنية.وبعد ساعات قليلة من الانقلاب، أعلن مصدر عسكري موال للرئيس المطاح به أن هذا الأخير بخير وفي مكان آمن، في حين ذكر مصدر موال آخر للرئيس المطاح به أن الأخير في حماية الحرس الرئاسي في معسكر للجيش في باماكو. وأعلن قادة الانقلاب في وقت لاحق حظرا للتجوال في البلاد، وقرروا غلق الحدود البرية والمنافذ الجوية مع الدول المجاورة. وفي هذا الإطار، تم غلق مطار باماكو وإلغاء كل الرحلات حتى إشعار آخر، وفق ما قال مصدر ملاحي. من جهته أكد رئيس تحرير "لو ريبوبليكان" المالية بوكاري داعو في اتصال مع الشروق من باماكو أن الإدارة مغلقة والحياة مشلولة "مالي في عطلة بمعنى الكلمة، الإدارة مغلقة والجيش يتجول في الشوارع والأحياء ويطلق عيارات نارية في الهواء لفرض حظر التجول، الشعب المالي منقسم بين مؤيد ومعارض للانقلاب وستعرف مالي مظاهرات في الأيام القادمة أكيد.علق الانقلابيون العملية على شماعة عجز السلطة على تسيير الوضع في شمال مالي إلا انه انقلاب غير قانوني، مالي تمر بفترة حرجة ومعقدة وخطيرة ولو أننا كشعب كنا نتوقع عملية معينة سبقها صمت غريب".