قتل 20 شخصا، أمس، في مواجهات اندلعت فجأة بين أشخاص مجهولين ومتظاهرين معتصمين منذ أسبوع أمام مقر وزارة الدفاع في حي العباسية وأصيب العشرات بجراح متفاوتة الخطورة.وأكدت عدة مصادر أن المعتصمين ممن يصرون على رحيل المجلس الأعلى للقوات المسلحة تعرضوا لأبشع عمليات الضرب بالقضبان الحديدية وشتى أنواع العصي أمام الملأ مما أدى إلى تسجيل هذه الحصيلة بينما شوهد العشرات وهم ملطخون بالدماء. وسمع منتصف نهار أمس دوي طلقات الرصاص في محيط وزارة الدفاع دون التأكيد ما إذا كانت طلقات تحذيرية لجأت إليها عناصر قوات الأمن لمنع تجدد المواجهات أم أنها طلقات للمهاجمين على المتظاهرين. وفاجأ مجهولون فجر أمس مئات المتظاهرين المعتصمين منذ عدة أيام على مقربة من مقر وزارة الدفاع المصرية للمطالبة برحيل المجلس الأعلى للقوات المسلحة بقيادة المشير محمد حسين طنطاوي وتسليمه السلطة لسلطة مدنية تشرف على المرحلة الانتقالية. وذكرت مصادر مصرية أن المواجهات كانت عنيفة استخدمت فيها قارورات المولوتوف والحجارة، مما استدعى تدخل قوات الجيش وشرطة مكافحة الشغب في محاولة لوقف المواجهات من خلال إقامة حزام أمني للفصل بين الجانبين. وأعادت تلك المشاهد إلى أذهان المصريين مما أصبح يعرف في مصر ب ''حادثة الجمل'' عندما تعرض متظاهرون ضد نظام الرئيس السابق حسني مبارك لأبشع عمليات الضرب والدوس بالجمال في قلب ميدان التحرير في القاهرة خلال ثورة 25 جانفي من العام الماضي. وعقد المجلس العسكري الحاكم اجتماعا طارئا مع الأحزاب والقوى السياسية لبحث الانسداد الحاصل في عملية تشكيل الجمعية التأسيسية التي ستوكل لها مهمة صياغة الدستور ولكنه تحول إلى لقاء لبحث الموقف بعد الأحداث الدامية التي شهدها محيط وزارة الدفاع في حي العباسية. وفي رد فعل على هذا الانزلاق الأمني المفاجئ والذي صادف دخول قرار محمد مرسي مرشح حركة الإخوان المسلمين لهذه الانتخابات والإسلامي عبد المنعم أبو الفتوح والمحامي خالد علي بتعليق حملتهم الانتخابية تضامنا مع المتظاهرين، وقال مرسي إنه سيعلق حملته الانتخابية لمدة يومين تضامنا مع المتظاهرين محملا المجلس العسكري الأعلى ''مسؤولية ما حدث''. وكان ضمن المحتجين السلفي حازم أبو إسماعيل الذي انضم السبت الماضي إلى المعتصمين بعد إقصائه من سباق الترشح إلى قصر عابدين في الانتخابات الرئاسية المنتظر تنظيمها يومي 23 و24 ماي الجاري. وانزلق الوضع الأمني بشكل مفاجئ في مصر، وفي نفس اليوم بحث المشير طنطاوي وممثلوا مختلف الأحزاب المصرية خلال اجتماعهم الطارئ أمس مستجدات الوضع العام ومحاولة إيجاد مخرج لأزمة تشكيل الجمعية التأسيسية التي ستوكل لأعضائها مهمة صياغة دستور جديد لمصر بعد رفض اللجنة التشريعية بمجلس الشعب ما توصل إليه اجتماع السبت الماضي حول معايير تشكيل هذه الجمعية. وقاطع حزب العدالة والحرية الجناح السياسي لحركة الإخوان المسلمين التي تحوز على الأغلبية النيابية في غرفتي البرلمان هذا الاجتماع بسبب ''الأحداث الدامية'' التي شهدها حي العباسية. كما ندد الحزب بما اسماها ''المحاولات الهادفة'' إلى عرقلة تسليم العسكر مقاليد السلطة للمدنيين وفق الزرنامة المحددة بحلول نهاية جوان القادم وبمجرد تنصيب الرئيس المصري الجديد. وذكرت مصادر حزبية أن اجتماع أمس تطرق إلى الأحداث الجارية ومنها الاعتصامات حول وزارة الدفاع وبحث الإجراءات المناسبة للتعامل مع المعتصمين في ظل مطالبة بعض الأحزاب بالتعامل بحزم مع هذا الأمر. كما بحث الاجتماع أيضا العلاقة التي يجب أن تكون بين الحكومة والبرلمان وعدم هيمنة سلطة على أخرى في ظل التصاعد الخطير وتهديد البرلمان بسحب الثقة من الحكومة دون سند دستوري وتعليق جلسات مجلس الشعب في خطوة وصفت بأنها تهدف إلى عرقلة التوصل إلى اتفاق حلة الجمعية التأسيسية. وذكرت نفس المصادر أن الأحزاب الليبرالية أكدت خلال اجتماع عقدته أول أمس تمسكها بما تم الاتفاق عليه في اجتماع السبت الماضي القاضي بتشكيل الجمعية التأسيسية من خارج البرلمان وهو ما تعارضه أحزاب التيار الإسلامي وجماعة الإخوان المسلمين. وأكد رئيس حزب ''النور'' السلفي عماد عبد الغفور أن الاجتماع لم يكن له ترتيب مسبق وأنه سيناقش كافة الأوضاع والأزمات السياسية الراهنة التي تشهدها البلاد. وحول ما إذا كان الاجتماع لمطالبة المجلس العسكري بتأجيل الانتخابات، قال في تصريحات صحفية ''يجب عدم استباق الأحداث''، مؤكدا أن فكرة تأجيل انتخابات الرئاسة ستلقى اعتراضا من معظم القوى السياسية وستتسبب في حالة من التوتر في الشارع المصري.