مهما قيل عن محاولة البعض تخفيض تكاليف الزواج، فإنه يبدو من الصعب جدا الاقتناع بأن الجمع بين طقوس الزفاف على الطريقة الجزائرية، والاقتصاد في المصاريف معادلة ممكنة، وهو ما تأكدنا منه في جولتنا لصالون الزواج الذي ينظم حاليا بالعاصمة. ورغم أن منظِّمة الصالون، السيدة سميرة هواري، تؤكد في كل لقاء لها مع الصحافة أن هدفها من تنظيم هذه التظاهرة السنوية، هو الحفاظ على التقاليد الجزائرية في الأعراس من جهة، وتبيان أن تنظيم حفل زفاف يمكن أن يتم حسب إمكانيات كل واحد، فإن الواضح من خلال حديثنا مع مختلف العارضين، أن الزواج يبقى مرتبطا بفكرة الفخامة، وهذا أمر طبيعي، باعتباره تجسيدا لحلم يمتد منذ الطفولة. وهو ماسعى الصالون إلى تكريسه، رغم الرغبة في إبداء العكس. ففيه نلاحظ أنه سواء تعلق الأمر بفساتين الزفاف أو الأزياء التقليدية، أو الحلويات، الديكور والإكسسوارات، وأكثر من ذلك المجوهرات، فإن المنتجات والخدمات معا تقدم بمقابل مادي معتبر، ولايمكن القول بأن البسيط يمكنه أن يقيم عرسا ''بالطبع''، كما يقال عندنا، أي في مستوى المتطلبات الاجتماعية. وتعترف ممثلة إحدى الوكالات الخاصة بتنظيم حفلات الزفاف والديكور، أن أصغر خدمة تقدمها لايقل ثمنها عن 60 ألف دج، ويرتفع المبلغ تدريجيا حسب مايرغب فيه الزبون من خدمات، وحسب مساحة الفضاء الذي سيقام فيه العرس، وعدد الأشخاص المدعوين. محدثتنا أشارت إلى أنه من خلال تجربتها الجديدة في هذا المجال، لاحظت أن أغلب الجزائريين يرغبون في الجديد، لذا، فهي تعمل على توفير خدمات غير مسبوقة، دون أن يعني ذلك الابتعاد عن التقليدي الذي مازال مطلوبا، كما أكدت. غير بعيد عنها، تحدثنا مع ممثلة إحدى محلات بيع فساتين السهرة والملابس الجاهزة والأحذية والإكسسوارات المستوردة من أوروبا والولاياتالمتحدةالأمريكية، والتي ردت عن تساؤلنا حول أسعار هذه السلع، بالقول؛ إنها ''معقولة'' لأنها متفاوتة، تقول؛ ''أسعار فساتين السهرة تتراوح بين 40 ألف و95 ألف دج، أما بالنسبة للملابس الجاهزة، فلدينا فساتين بأسعار تتراوح ما بين 7500 و60 ألف دج''، هي بعض الأمثلة التي يمكنها أن تعطينا صورة إجمالية عن التكاليف التي تنتظر أي عروس، يضاف إليها سعر حلويات الأعراس الذي تضاعف خلال السنتين الأخيرتين فقط، إذ أصبح سعر الحبة الواحدة يتراوح بين 40 و100 دج. المفروشات المعروضة، وهي للإشارة، سلعة هامة بالنسبة للمقبلين على الزواج، تعرض بأسعار مرتفعة نسبيا، وإذا صح تبرير ذلك بنوعيتها الجيدة، فهذا لاينفي كونها غير متاحة للجميع. من جانبها، حاولت رتيبة، ممثلة إحدى وكالات الاتصال والتصوير، التأكيد على أنها توفر خدمات التصوير، الفيديو، الصوت وحتى ''الديسك جوكي'' بأسعار جد معقولة، فمثلا يتراوح سعر خدمات التصوير بين 7000 و9000 دج، فيما يتراوح سعر ''كتاب الصور''، وهو آخر موضة مطلوبة في الأعراس بين 2500 و5000 دج. العمارية... دخيل مغربي في أعراسنا مايلفت الانتباه كذلك في صالون الزواج في طبعتيه الأولى والثانية، هو حضور التقاليد المغربية بقوة من خلال مايسمى ب''العمارية''، وهي كرسي يرفعه أربعة رجال على أكتافهم وتجلس فيه العروس، وهو تقليد معروف في الأعراس المغربية، تم ''استيراده'' في السنوات الأخيرة، وأصبح مطلوبا جدا في الأعراس الجزائرية، لاسيما العاصمية، مع العلم أن سعر كرائه يبلغ 25 ألف دج، ومعه نجد ''طبق مغربي'' وإكسسوارات مغربية خاصة بالحناء، والأدهى من ذلك، هو كرسي العريس والعروس الكبير الذي يتم كراؤه ب 60 ألف دج! وعن تساؤلنا حول سبب عرض هذه التقاليد الدخيلة على مجتمعنا وأعراسنا، أشارت ممثلة الوكالة العارضة لها، بأن الطلب الكبير عليها في السنوات الأخيرة دفعها للاختصاص في هذا المجال، لاسيما وأن استخدامها في الأعراس امتد من الولاياتالغربية، للجزائر إلى العاصمة. ومن خلال كل ما استعرضناه، ودون الحديث عن أسعار المجوهرات والحلي الذهبية التي بلغت مستويات قياسية، بفعل ارتفاع سعر الذهب في السوق العالمية، فإن القول أن الزواج بكل طقوسه متاح للجميع، أمر صعب التصديق، لاسيما وأن ماتقدمه مثل هذه الصالونات، لايذهب في منحى خفض التكاليف، ولكن العكس تماما.