عاد الرئيس الفلسطيني محمود عباس من العاصمة الأمريكية خائبا بعد محادثات أجراها مع الرئيس جورج بوش وهو الذي علق آمالا كبيرة على نتائج هذه الزيارة لإقناع ادارة الاحتلال الدخول بجدية في مفاوضات السلام في خطوة تمهد لإقامة الدولة الفلسطينية· وكشف عباس في تصريحات صحفية مباشرة بعد لقائه بالرئيس الأمريكي بالبيت الأبيض أنه لم يحقق أية نتيجة من المحادثات التي جمعته بالرئيس بوش وهو الذي راهن عليها للحصول على تعهدات أمريكية بتحقيق التعهدات بإنهاء الاحتلال وإقامة دولة مستقلة قبل نهاية العام الجاري· وهي النتيجة التي جعلت الرئيس الفلسطيني يحذر من مخاطر الاصطدام في طريق مسدود خطير وصعب في كل منطقة الشرق الأوسط في حال عدم التوصل الى اتفاق سلام قبل رحيل الرئيس جورج بوش من البيت الأبيض شهر جانفي من العام القادم· وقال عباس إن الفلسطينيين في حالة الوصول إلي هذا الطريق فإنهم سيضطرون لاتخاذ اجراءات مناسبة دون ان يحدد طبيعتها· والمؤكد أن الرئيس محمود عباس ماكان ليدلي بمثل هذه التصريحات المتشائمة لولا أنه لمس تراجعا وعدم تحمس لدى محدثه بخصوص الالتزامات التي أخذها على نفسه بإقامة الدولة الفلسطينية قبل انتهاء عهدته·وتكون برودة الرد الأمريكي أملتها الفترة المتبقية من هذه العهدة والنتائج الهزيلة التي تم تحقيقها منذ مؤتمر انابوليس نهاية نوفمبر الماضي والذي تعهد فيه الرئيس بوش بتحقيق حلم اعلان الدولة الفلسطينية· وهو الرهان الذي لم يقنع أيا من المتتبعين بإمكانية تحقيقه بالنظر إلى عدم واقعيته وبالنظر الى طبيعة الصراع وتشابك خيوطه وتعقيدات معطياته، وذهبت توقعات إلى حد القول ان تعهدات بوش ماهي الا ذر للرماد وتسويف مقصود·وعلى بعد ثمانية أشهر قبل مغادرته البيت الأبيض، حث الرئيس الفلسطيني نظيره الأمريكي الى إلقاء ثقله الديبلوماسي من أجل تطبيق بنود خطة خارطة الطريق وتجسيد مقاربة الرئيس جورج بوش بإقامة دولتين متعايشتين جنبا الى جنب· والواقع ان الرئيس محمود عباس ما كان عليه ان يطالب الرئيس الأمريكي بإلقاء الثقل الديبلوماسي للولايات المتحدة في مسار المفاوضات من منطلق ان الرئيس بوش هو الذي تعهد شخصيا بتحقيق هذا الهدف وكان عليه أن يشرع في مساعيه مباشرة بعد انتهاء مؤتمر انابوليس ولكنه لم يفعل بدليل استمرار إدارة الاحتلال في وضع العقبات المتلاحقة امام المفاوضات وتكثيفها لعمليات تقتيل الفلسطينيين في الضفة والقطاع· وتجلى ذلك من خلال الزيارات المتتالية التي قامت بها وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس الى المنطقة منذ بداية العام ولكنها بدلا من أن تؤكد عن ارادة صادقة للعب دور الوسيط المحايد عمدت الى إتخاذ مواقف منحازة الى جانب الاحتلال حتى في الوقت الذي كانت طائراته تقتل الأطفال والنساء في مختلف مدن قطاع غزة وهي العقدة التي لم تتمكن واشنطن التخلص منها وراحت تجمع بين نقيض الوساطة والانحياز، وهو ما جعل كل مساعيها لاتلقى الترحيب من طرف الفلسطينيين الذين يئسوا من أي دور أمريكي لإنهاء معاناتهم· و لا يستبعد أن تبدي وزيرة الخارجية الأمريكية خلال زيارتها المرتقبة الى المنطقة قريبا نفس المواقف وستغادر دون نتيجة، ولكنها ستؤكد أن حلم الدولة الفلسطينية مؤجل الى ما بعد نهاية 2008 !