نظم معهد التربية الرياضية بمساعدة المديرية الفرعية للنشاطات الثقافية والرياضية بجامعة العلوم والتكنولوجيا ''محمد بوضياف ''، بوهران، نهاية الأسبوع الماضي، وبمناسبة الذكرى الخمسين لاستقلال الجزائر، يوما دراسيا تحت عنوان ''تاريخ الحركة الرياضية ودورها في الثورة التحريرية''. شارك في التظاهرة دكاترة وأساتذة جامعيون، وأعضاء من فريق جبهة التحرير الوطني ممثلين في السادة سعيد عمارة، عمار رويعي، محمد كروم وقدور بخلوفي ومجاهدين رياضيين آخرين كانت لهم أيضا بصمتهم الواضحة في الحركة الرياضية الجزائرية إبان ثورة التحرير، كالسباح محمد بن عبورة، والعداء الهواري فران، والملاكم فرنان عبد القادر، والرياضية في سباق الدراجات خيرة بلالطة وكثير من طلبة الجامعة، وخاصة معهد التربية البدنية والرياضية المذكور. وكان هذا اليوم الدراسي، فرصة للغوص في الذاكرة الوطنية وخاصة الرياضية، وعلاقتها الوطيدة بالكفاح المسلح ضد الاستعمارالفرنسي، وتكفلت الدكتورة والباحثة كرزابي مريم المختصة في سوسيولوجيا الرياضة والحركة الرياضية أثناء الحقبة الاستعمارية، بإلقاء محاضرة تحت شعار''الرياضة والوطنية''، بينت فيها دورالحركة الرياضية في دعم النضال السياسي للجزائريين ضد المستدمر الفرنسي، وضربت مثالا حيا بفريق جبهة التحريرالوطني، الذي كان سفيرا من الدرجة الأولى، وفعالا جدا في التعريف بالقضية الوطنية العادلة في العالم شرقا وغربا سواء في أوروبا أو آسيا أوالدول العربية، مع ذكر ملاحم رياضية لهذا الفريق العتيد والعريق، وارتأت الأستاذة المحاضرة تفصيل النشاط الرياضي الجزائري خلال الاستعمارالفرنسي، من خلال استعراض وإظهار ممارسة الفرق الرياضية الجزائرية العربية والإسلامية للرياضة بصبغة سياسية، والطرق والأساليب التي كانت تستعملها حتى تظهر تعلقها بجذورها العربية والإسلامية، من مثل استعمال الرموز والتسميات، وكذا الملاعب باعتبارها وسيلة للتجمع، ومن ثم فرصة للتوعية بالنضال السياسي الجزائري، وبالمقابل استعملها المستعمر الفرنسي أماكن للاعتقال وتعذيب الجزائريين، كما خصصت الأساتذة المحاضرة جانبا للرياضيين الشهداء وهم كثر رحمهم الله تعالى. وصرحت الأستاذة الباحثة كرزابي ل''المساء'' قائلة : '' ما كان يهمني هو جمع جيل الثورة الجزائرية مع الجيل الحالي من الطلبة، خاصة الدارسين بمعهد التربية البدنية في الذكرى الخمسين لاستقلال الجزائر، لكي ينهلوا من حماسهم وبطولاتهم، حتى وإن كانت رياضية لكن آثارها كانت كبيرة، وبكلمة واحدة التعرف على التاريخ الناصع الذي صنعوه من أجل بلادنا سواء في كرة القدم أو الملاكمة أو السباحة، وكان بودي جمع أكبر عدد ممكن من هؤلا ء الرياضيين المجاهدين من ولايات أخرى كمعسكر، تلمسان وسيدي بلعباس، لكن لظروف لم أتمكن من لم شملهم، واكتفيت بهذا النزر لكن فيه خير كبير وكثير". ليتابع بعد ذلك الحضور، تاريخا مفصلا ودقيقا عن فريق جبهة التحرير الوطني، وكل خطواته التي مر بها، ودور أعضائه في مد الجيل الحالي بتلك الشحنات الحماسية عبر بطولات هذا الفريق الكبير، وقد تدخل بعض لاعبيه ممثلين في سعيد عمارة، قدور بخلوفي، محمد كروم وعمار رويعي، هذا الأخير فصل كل خطوات تأسيس هذا الفريق العتيد، حيث ذكر الحضور بالهدف من وراء ذلك، وتلك التضحيات التي قام بها لاعبون جزائريون محترفون على أعلى مستوى، تركوا كل شيئ وراء ظهورهم من أجل تلبية نداء جبهة التحريرالوطني والوطن، وقد وفقوا في ما أسند إليهم، وأوضح يقول : '' كثيرون من الشعب الفرنسي، كانوا يجهلون أن ثمة شعب جزائري يجاهد ويكافح من أجل استقلاله، وبفرارنا من أنديتنا الفرنسية المحترفة، خلقنا خبطة إعلامية كبيرة داخل فرنسا وخارجها''. أما زميله سعيد عمارة فقال : '' لا أحد ينكر نضالات أولئك اللاعبين الجزائريين، فقد ضحوا بمشوارهم الاحترافي من أجل بلدهم، لقد كانوا مناضلين حقيقيين، وكرة القدم لم تكن عبارة عن مباريات بين دول ومنتخبات، بل وسيلة حقيقية وقوية لمطلب الاستقلال والحرية''. ليتداول على منصة الخطابة، مجاهدون رياضيون آخرون قدموا شهاداتهم، واستعرضوا جانبا من نضالهم الرياضي، الذي كان يصب كله في خدمة القضية الوطنية ومطلب استقلال بلادنا، داعين الحضور وغالبيتهم من الطلبة الشباب إلى دراسة ذلك التاريخ المجيد، والاعتبار من دروسه الكثيرة ذات المغزى الكبير، ومن بين هؤلاء العداء فران الهواري، واللاعب الشهير لفريق الاتحاد الرياضي الإسلامي لوهران بوجلال محمد الملقب ب''تشانغو". قدور بخلوفي أحد أولئك اللاعبين الكبار لفريق جبهة التحريرالوطني، قال عن هذا اليوم الدراسي: '' أنا مسرور جدا بهذه الفرصة التي سمحت لنا بالالتقاء بمجاهدين ورياضيين آخرين، لم أرهم منذ سنوات، وكذا الطلبة الذين أحسسنا بالواجب تجاههم، حتى يتعرفوا على نضالنا وغيرنا من المجاهدين في دعم القضية الوطنية، وأنا فخور جدا بما قدمته لبلدي، وأنا متأكد من نفس الشعور لدى زملائي من شاكلتي، ومنهم من أتيحت له فرصة لعب نهائيات كأس العالم ورفض من أجل بلده كرشيد مخلوفي ومصطفى زيتوني، اللذين تركا المجد والمال والشهرة من أجل الجزائر، ويكفينا أن مواقفنا تحسب لبلدنا والحمد لله على هذه النعمة ". وقد تم على هامش هذا اليوم الدراسي، تكريم هؤلاء الرياضيين المجاهدين، الذين أشرفوا هم بدورهم على تقديم الشهادات والكؤوس على الفائزين في الدورة الرياضية المنظمة من قبل معهد التربية البدنية والرياضية في طبعتها الثالثة تحت شعار'' الرياضة جسر للتواصل". الدكتور قاسمي بشير مديرمعهد التربية البد نية والرياضية بجامعة العلوم والتكنولوجيا ''محمد بوضياف''، قال عن هذا اليوم الدراسي الذي نظمه المعهد الذي يديره ما يلي: '' قررنا تنظيم هذا اليوم الدراسي احتفالا بالذكرى الخمسين حول دورالرياضة أثناء الثورة التحريرية، من أجل إبراز المبادئ الأساسية التي بنيت عليها الممارسة الرياضية قبل الاستقلال، والمتمثلة في تدويل القضية الجزائرية، وتوعية الشعوب العربية وشعوب العالم بمطالب الثورة الجزائرية والشعب الجزائري لتكذيب الدعاية الفرنسية، التي كانت تقول بأن ''الجزائر فرنسية''، كما أن الرياضة كانت جسر تواصل بين زعماء الثورة داخل وخارج الجزائر، ومن بين أهداف هذا اليوم الدراسي منح الفرصة للطلبة للاحتكاك بقدماء الرياضيين الجزائريين حتى نبني مستقبلنا من حاضرنا، ولهذا الغرض استدعينا فاعلين رياضيين سواء من فريق جبهة التحرير الوطني وغيرهم، ودكاترة وأساتذة باحثين دعموا فكرة تنظيم هذا اللقاء اليوم''. أما الدكتور قاسمي عيسى الأستاذ بنفس المعهد، فأضاف: ''ارتأينا أن يكون هذا اليوم الدراسي جسرا للتواصل بين جيل اليوم وجيل المجاهدين من الرياضيين، سواء من فريق جبهة التحرير الوطني أو رياضيين آخرين في رياضات أخرى، بغرض إيصال فكرة الثورة التحريرية إلى الخارج في غياب وسائل إعلام قوية كما هو في الوقت الحالي، والوسيلة الوحيدة التي كانت متوفرة في ذلك الوقت هي الرياضة، وتبيان الهدف من أن هذه الرياضة ليست هي منافسة رياضية فقط، بل هي وسيلة لزرع الأفكار الجهادية والنضالية، أما الهدف الثاني فهو تكريم هؤلاء المجاهدين بمناسبة الذكرى الخمسين لاستقلال الجزائر حتى نشعرهم بأنهم كبار في قلوبنا وأمام أعيننا وسيظلون كذلك''.