استقبل الرئيس البوركينابي بليز كامباوري وسيط مجموعة دول غرب إفريقيا في الأزمة المالية، أمس، وفدا عن الحركة الوطنية لتحرير الازواد في أول لقاء من نوعه منذ إعلان هذه الأخيرة الانفصال عن الدولة المركزية في باماكو. ولم يتم الكشف عن أسماء أعضاء وفد حركة الأزواد واكتفت مصادر إعلامية في العاصمة واغادوغو بالقول أنهم ثلاثة شخصيات استقبلوا في القصر الرئاسي لبحث تداعيات قرار استقلال ولايات شمال مالي التي تقطنها أغلبية ترقية. وجاء هذا اللقاء الأول من نوعه كحلقة ثانية بعد اتصالات أجرتها بوركينا فاسو مع الانفصاليين التوارق عبر مبعوثين عنها إلى شمال البلاد منتصف الشهر الماضي للتباحث مع زعامات المجموعات المسلحة في هذه المنطقة التي أصبحت منذ الإطاحة بنظام الرئيس المالي امادو توماني توري خارج إطار سيطرة القوات النظامية التي تقهقرت أمام زحف الانفصاليين المدعومين بعناصر المجموعات الإسلامية المتطرفة. ويأتي لقاء الوسيط الإفريقي مع قيادات الحركة الوطنية لتحرير الأزواد وقد تراجع دورها في الولايات التي أعلنت استقلالها بعد أن تمكنت جماعة أنصار الدين الإسلامية الترقية وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي من منازعتها في سيطرتها على هذه الولايات. ووجدت حركة تحرير الأزواد نفسها أسابيع بعد نجاحاتها العسكرية على القوات النظامية في مأزق إحكام سيطرتها على إقليم شاسع تأكدت أنه أكبر من إمكانياتها العسكرية والبشرية وأفقدتها مصداقيتها في أوساط السكان الذين رفضوا فكرة الاتحاد مع حركة أنصار الدين الإسلامية على خلفية فرض الشريعة الإسلامية في كل مالي. بل إن الخلافات دبت أيضا في صفوف قيادات الحركة الذين تباينت مواقفهم حول هذه النقطة وأدت إلى تباين موقفهم وخاصة قيادات الحركة المتواجدين في فرنسا وموريتانيا الذين أبدوا تحفظات على فكرة انصهار حركتهم مع حركة أنصار الدين وهو ما أدى في النهاية إلى انهيار هذه الوحدة التي تحولت فجأة إلى مواجهات مسلحة بين مقاتلي الحركتين. وتبقى مهمة الوساطة الإفريقية التي يقوم بها الرئيس البوركينابي لإقناع الانفصاليين بالانخراط في إعادة الأمن والاستقرار إلى مالي صعبة إن لم تكن مستحيلة بعد أن خطت حركة الازواد خطوة كبيرة باتجاه تكريس تقسيم هذا البلد بعد أن رفضت رفضا قاطعا العودة عن قرارها بالاستقلال عن الدولة المركزية في باماكو. والأكثر من ذلك، فان مطالبة الأزواد بالثورة على التنظيمات الإسلامية المتطرفة يبقى أمرا مستبعدا في ظل عدم قدرتها على فرض منطقها على تنظيمات مسلحة استطاعت أن تحتل موطئ قدم لها في هذا البلد وعززته بترسانة الأسلحة التي جلبتها عناصرها من الحرب الأهلية التي عصفت بليبيا طيلة العام الماضي. وتكون القناعة باستحالة طرد عناصر هذه التنظيمات هي التي جعلت دول مجموعة غرب إفريقيا تطالب الأممالمتحدة بإعطاء الضوء الأخضر لنشرة قوة إفريقية تحت الراية الأممية في محاولة لتمكين السلطات الانتقالية المالية من استعادة المبادرة وفرض القانون في دولة انهارت مؤسساتها الرسمية وأصبح مستقبلها مرهونا بالأحداث والتطورات الظرفية التي تعرفها هذه الدولة.