عنوان الموضوع، وان صح القول سؤال الموضوع، أكبر من كتاب إذا ما تمدد على صفحاته للإجابة عنه، "التنصير معركة من؟" المحاضرة التي القاها الأستاذ المدني بورزق أول أمس، بالمركز الثقافي بحسين داي والتي فتح من خلالها جبهة واسعة لها أكثر من خط هجوم ودفاع لأن المعركة القائمة لم تكن وليدة هذا القرن أو القرن الماضي وانما بقيت مفتوحة منذ غادر المسلمون الأندلس فرارا بدينهم من التنصير واستمرت المعركة حامية الوطيس بين الاسلام و"التمسيخ" النصرانية فجال بنا المحاضر في هذا الصراع مستعرضا بعض الجوانب التاريخية· استعرض المحاضر الواقع المر الذي يعيشه الشباب الجزائري من بطالة وتيهان سببه الفراغ، مما ترك المجال مفتوحا لحملات التبشير التي رآها المحاضر تتزايد في العديد من مناطق القطر الجزائري، وفي ذات الوقت الشباب العاطل عن العمل يزداد اقبالا على المبشرين الذين يعيدونه بالخلاص وبالإغراء بالتأشيرة والهجرة والمال أيضا ترغيبا منهم ليترك دينه· ويضيف الأستاذ بورزق أن المبشرين يجوبون القطر الجزائري طولا وعرضا ولا من رقيب ولا حسيب مدعمين من سفارتي الولاياتالمتحدةالأمريكية وفرنسا ويحاولون التدخل في شؤون الدولة الداخلية ويوجهون النصائح والاحتجاجات· كما أكد الأستاذ المداني أن هذه الحملات الشرسة ليست بالجديدة على الجزائر بل جذورها قديمة قدم الاستعمار الفرنسي، التنصير، التجنيس، الاستيطان والاستيلاء على المواطنين وجعلهم فرنسيين من الدرجة الثانية بدءا من الكاردينال لا فيجري بحملاته على الشمال الافريقي ومن خلاله إفريقيا· ويستشهد المحاضر بتقارير لافيجري للدولة الفرنسية عن فشل مهمته في تنصير الجزائريين حين عبر عن ذلك سنة 1867 عن عجزه في تحقيق الأهداف لتنصير الأطفال الأيتام والفقراء الذين لم يعتنق منهم المسيحية إلا القليل من 4000 طفل، رغم تعليمهم اللغة الفرنسية إلا أنهم حينما شبوا على الطوق عادوا الى دينهم القديم، ولهذا يضع لافيجري استراتيجية أخرى وهي نشر المدارس في المدن الصغيرة والتضييق على المدارس الإسلامية وتعليم القرآن· ويعيد المحاضر أسباب هذه الحملات التبشيرية الحالية والتي تستهدف الشباب الى الأحزاب السياسية الجزائرية التي لم تقم بدورها وكذا المدارس والمساجد وعدم مراقبة هؤلاء المبشرين الذين استغلوا ما حدث في الجزائر من مآسي· وأعطى على ذلك عدة أمثلة بُعَيْدَ الاستقلال في كل من سطيف والبليدة ويرى الأستاذ المداني أن سياسة التنصير هي باب يحاول أعداء الإسلام التسرب منه من أجل انشاء أقليات دينية ثم التدخل من أجل حمايتها كما يزعمون مثلما هو حاصل في السودان ومثلما حصل في تيمور الشرقية وهذا كله نتاج الفراغ السياسي والخواء الديني والبطالة· وقد عقبت المحاضرة مناقشة حول هذا الموضوع القديم الجديد ولكن يبقى السؤال قائما ومطروحا: التنصير معركة من؟·